للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تفَاوت يسير يعرف بِالنّظرِ، وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْمَغَازِي عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي عَن مَالك. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن أبي مُصعب عَن مَالك. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين وَعَن مُحَمَّد بن يحيى النَّيْسَابُورِي، وَعَن يَعْقُوب الدَّوْرَقِي، وَفِيه وَفِي الطَّهَارَة عَن مُحَمَّد بن عبد الله، وَفِي الطَّهَارَة أَيْضا عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى. وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن هِشَام بن عمار وَأبي مُصعب، كِلَاهُمَا عَن مَالك.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فِي حجَّة الْوَدَاع) ، وَكَانَت فِي سنة عشر من الْهِجْرَة، وَلم يحجّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَدِينَة بعد الْهِجْرَة غَيرهَا وَمَا قبلهَا لما كَانَ بِمَكَّة حج حجَجًا لَا يعلم عَددهَا إِلَّا الله، وَسميت: حجَّة الْوَدَاع: لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعظهم وودعهم، فسميت بذلك حجَّة الْوَدَاع. قَوْله: (فأهللنا بِعُمْرَة) قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: تقدم فِي: بَاب الْحيض، وَسَيَجِيءُ فِي: بَاب التَّمَتُّع، أَنهم كَانُوا لَا يرَوْنَ إِلَّا الْحَج؟ قلت: مَعْنَاهُ: وَلَا يرَوْنَ عِنْد الْخُرُوج إلَاّ ذَلِك فَبعد ذَلِك أَمرهم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالاعتمار رفعا لما اعتقدوا من حُرْمَة الْعمرَة فِي أشهر الْحَج. انْتهى. قلت: لَو وقف الْكرْمَانِي على الرِّوَايَات الَّتِي رويت عَن عَائِشَة لما احْتَاجَ إِلَى هَذَا السُّؤَال وَلَا إِلَى الْجَواب عَنهُ: فَإِن الرِّوَايَات اخْتلفت فِي إِحْرَام عَائِشَة اخْتِلَافا كثيرا، فههنا فأهللنا بِعُمْرَة، وَفِي أُخْرَى: فمنا من أهل بِعُمْرَة وَمنا من أهل بِحَجّ. قَالَت: وَلم أهل إلَاّ بِعُمْرَة. وَفِي أُخْرَى: خرجنَا لَا نُرِيد إلَاّ الْحَج، وَفِي أُخْرَى: لبينا بِالْحَجِّ، وَفِي أُخْرَى: مهلين بِالْحَجِّ، وَالْكل صَحِيح. وَفِي رِوَايَة: وَكنت مِمَّن تمتّع وَلم يسق الْهَدْي. وَقَالَ أَبُو عمر: وَالْأَحَادِيث عَن عَائِشَة فِي هَذَا مضطربة جدا، وَكَذَا قَالَ القَاضِي عِيَاض، وَذكر أَن فِي الرِّوَايَات عَنْهَا اخْتِلَافا شَدِيدا. وَقَالَ ابْن عبد الْبر فِي (تمهيده) : دفع الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَابْن علية حَدِيث عُرْوَة هَذَا، وَقَالُوا: هُوَ غلط لم يُتَابع عُرْوَة على ذَلِك أحد من أَصْحَاب عَائِشَة. وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق: اجْتمع هَؤُلَاءِ يَعْنِي: الْقَاسِم وَالْأسود وَعمرَة على أَن أم الْمُؤمنِينَ كَانَت مُحرمَة بِحجَّة لَا بِعُمْرَة، فَعلمنَا بذلك أَن الرِّوَايَة الَّتِي رويت عَن عُرْوَة غلط، لِأَن عُرْوَة قَالَ فِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام عَنهُ: حَدثنِي غير وَاحِد أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ لَهَا: دعِي عمرتَكِ، فَدلَّ على أَنه لم يسمع الحَدِيث مِنْهَا. وَقَالَ ابْن حزم: حَدِيث أبي الْأسود عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، وَحَدِيث يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب عَنْهَا منكران وخطآن عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، وَقد سبقَنا إِلَى تخطئة حَدِيث أبي الْأسود هَذَا أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ مَالك: لَيْسَ الْعَمَل عندنَا على حَدِيث عُرْوَة عَنْهَا قَدِيما وَلَا حَدِيثا. قَوْله: (من كَانَ مَعَه هدي) بِسُكُون الدَّال أَو بِكَسْرِهَا وَتَشْديد الْيَاء وَإِسْكَان الدَّال أفْصح، وَسوى بَينهمَا ثَعْلَب، وَالتَّخْفِيف لُغَة أهل الْحجاز، والتثقيل لُغَة تَمِيم، وَوَاحِد الْهَدْي: هَدِيَّة، وَقد قرى مُبْهما جَمِيعًا فِي قَوْله: {حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . وَهُوَ مَا يهدي إِلَى الْحرم من النعم. قَوْله: (مِنْهُمَا) أَي: من الْحَج وَالْعمْرَة. قَوْله: (فَقدمت) ، بِضَم التَّاء، وَهُوَ إِخْبَار عَائِشَة عَن نَفسهَا. قَوْله: (وَأَنا حَائِض) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: (ذَلِك) أَي: ترك الطّواف بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة بِسَبَب الْحيض. قَوْله: (انقضي رَأسك) من النَّقْض، بالنُّون وَالْقَاف وَالضَّاد الْمُعْجَمَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَيجوز بِالْفَاءِ إِن صحت الرِّوَايَة. قلت: لِأَن كلا مِنْهُمَا بِمَعْنى، وَلَكِن رِوَايَة الْفَاء مَا ثبتَتْ. قَوْله: (وامتشطي) ، من امتشاط الشّعْر وَهُوَ: تسريحه. قَوْله: (ودعي الْعمرَة) يدل على أَنَّهَا كَانَت قارنة. قَوْله: (فَفعلت) أَي: نقض الرَّأْس والامتشاط. قَوْله: (مَعَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر) ، هُوَ أَخُوهَا شقيقها، وأمهما أم رُومَان بنت عَامر. قَوْله: (إِلَى التَّنْعِيم) ، قد مر تَفْسِيره مرّة، وَهُوَ طرف حرم مَكَّة من نَاحيَة الشَّام، وَهُوَ الْمَشْهُور بمساجد عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَوْله: (هَذِه مَكَان عمرتك) بِرَفْع مَكَان على أَنه خبر، أَي: عوض عمرتك الْفَائِتَة، وَيجوز بِالنّصب على الظّرْف، قيل: النصب أوجه، وَلَا يجوز غَيره، وَالْعَامِل فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره: هَذِه كائنة مَكَان عمرتك أَو مجعولة مَكَانهَا. قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَالرَّفْع أوجه عِنْدِي إِذْ لم يرد بِهِ الظّرْف، إِنَّمَا أَرَادَ عوض عمرتك، فَمن قَالَ: كَانَت قارنة، قَالَ: مَكَان عمرتك الَّتِي أردْت أَن تَأتي بهَا مُفْردَة، وَمن قَالَ: كَانَت مُفْردَة، قَالَ: مَكَان عمرتك الَّتِي فسخت الْحَج إِلَيْهَا وَلم تتمكني من الْإِتْيَان بهَا للْحيض، وَكَانَ ابْتِدَاء حَيْضهَا يَوْم السبت لثلاث خلون من ذِي الْحجَّة بسرف، وطهرت يَوْم السبت وَهُوَ يَوْم النَّحْر. قَوْله: (وَبَين الصَّفَا والمروة)

<<  <  ج: ص:  >  >>