الأحق. وَقَالَ الْخطابِيّ الأولى الْأَقْرَب رجل من الْعصبَة.
وَفِي (التَّلْوِيح) : قَوْله: (فَهُوَ لأولى رجل) يُرِيد إِذا كَانَ فِي الذُّكُور من هُوَ أولى من صَاحبه بِقرب أَو بطن فَأَما إِذا اسْتَووا فِي التَّعَدُّد، وأدلوا بالإناث والأمهات مَعًا كالإخوة وشبههم فَلم يقصدوا بِهَذَا الحَدِيث لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَنِينَ من هُوَ أولى مِنْهُم، لأَنهم قد اسْتَووا فِي الْمنزلَة وَلَا يجوز أَن يُقَال: أولى، وهم سَوَاء فَلم يرد الْبَنِينَ بِهَذَا الحَدِيث، وَإِنَّمَا أَرَادَ غَيرهم. وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: فَلأولى رجل، بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام بَينهمَا وَاو سَاكِنة على وزن: أفعل التَّفْضِيل من الْوَلِيّ بِسُكُون اللَّام وَهُوَ الْقرب، أَي: لمن يكون أقرب فِي النّسَب إِلَى الْمَوْرُوث، وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا الأحق. وَقَالَ عِيَاض: إِن فِي رِوَايَة ابْن الْحذاء عَن ابْن ماهان فِي (مُسلم) : فَهُوَ لأدنى، بدال وَنون، وَهُوَ بِمَعْنى الْأَقْرَب، وَقَالَ ابْن التِّين: إِنَّمَا المُرَاد بِهِ الْعمة مَعَ الْعم وَبنت الْأَخ مَعَ ابْن الْأَخ وَبنت الْعم مَعَ ابْن الْعم، وَخرج من ذَلِك الْأَخ وَالْأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب فَإِنَّهُم يَرِثُونَ. بِنَصّ قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانُوا إخْوَة رجَالًا وَنسَاء فللذكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} (النِّسَاء: ٦٧١) وَيسْتَثْنى من ذَلِك من يحجب، كالأخ للْأَب مَعَ الْبِنْت ولأخت الشَّقِيقَة، وَكَذَا يخرج الْأَخ وَالْأُخْت لأم بقوله تَعَالَى: {فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس} (النِّسَاء: ١١) وَقد نقل الْإِجْمَاع على أَن المُرَاد بهَا الْأُخوة من الْأُم. قَوْله: (رجل ذكر) فِيهِ أَقْوَال كَثِيرَة، أَعنِي: فِي توصيف الرجل بالذكورة.
الأول: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَالْمُنْذِرِي: هَذِه اللَّفْظَة لَيست بمحفوظة، وَقَالَ ابْن الصّلاح: فِيهَا بعد عَن الصِّحَّة من حَيْثُ اللُّغَة، فضلا عَن الرِّوَايَة. الثَّانِي: إِنَّمَا وصف الرجل بِالذكر للتّنْبِيه على سَبَب اسْتِحْقَاقه وَهِي الذُّكُورَة الَّتِي هِيَ سَبَب الْعُصُوبَة وَسبب التَّرْجِيح فِي الْإِرْث. الثَّالِث: قَالَ السُّهيْلي: قَوْله: (ذكر) صفة لأولي لَا: لرجل، والأولي بِمَعْنى: الْقَرِيب الْأَقْرَب فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَهُوَ لقريب الْمَيِّت ذكر من جِهَة الرجل وصلب لَا من جِهَة بطن ورحم، فالأولي من حَيْثُ الْمَعْنى مُضَاف إِلَى الْمَيِّت. وَقد أُشير بِذكر الرجل إِلَى جِهَة الْأَوْلَوِيَّة، فأفيد بذلك نفي الْمِيرَاث عَن الأولي الَّذِي هُوَ من جِهَة الْأُم كالخال، وَبِقَوْلِهِ: ذكر، إِلَى نَفيهَا عَن النِّسَاء بالعصوبة، وَإِن كن من الْأَوَّلين للْمَيت من جِهَة الصلب، وَلَو جَعَلْنَاهُ صفة لرجل يلْزم اللَّغْو، وَأَن لَا يبْقى مَعَه حكم الطِّفْل الرَّضِيع إِذْ لَا يُطلق الرجل إلاّ على الْبَالِغ، وَقد علم أَنه يَرث وَلَو ابْن سَاعَة، وَأَن لَا تحصل التَّفْرِقَة بَين قرَابَة الْأَب وقرابة الْأُم. الرَّابِع: قَالَ الْخطابِيّ إِنَّمَا قَالَ: (ذكر) لبَيَان إِرْثه بالذكورة ليعلم أَن الْعصبَة إِذا كَانَ عَمَّا أَو ابْن عَم مثلا وَكَانَ مَعَه أُخْت لَهُ لَا تَرث وَلَا يكون المَال بَينهمَا للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ، ورد بِأَنَّهُ ظَاهر من التَّعْبِير بقوله: (رجل) الْخَامِس: قَالَ ابْن التِّين: إِنَّه للتَّأْكِيد كَمَا فِي قَوْله: ابْن لبون ذكر، ورد بِأَن هَذَا لَيْسَ بتأكيد لَفْظِي وَلَا معنوي. السَّادِس: قَالَ غَيره: هَذَا التَّأْكِيد لمتعلق الحكم وَهُوَ الذُّكُورَة، لِأَن الرجل قد يُرَاد بِهِ معنى النجدة وَالْقُوَّة فِي الْأَمر، فقد حكى سِيبَوَيْهٍ: مَرَرْت بِرَجُل رجل أَبوهُ، فَلهَذَا احْتَاجَ الْكَلَام إِلَى زِيَادَة التوكيد: بِذكر حَتَّى لَا يظنّ أَن المُرَاد بِهِ خُصُوص الْبَالِغ. السَّابِع: إِنَّمَا قيد: بِذكر، خشيَة أَن يظنّ أَن المُرَاد من الرجل الشَّخْص، وَهُوَ أَعم من الذّكر وَالْأُنْثَى، وَفِيه مَا فِيهِ على مَا لَا يخفى. الثَّامِن: مَا قَالَه بعض الفرضيين: إِنَّه احْتِرَاز عَن الْخُنْثَى. التَّاسِع: مَا قيل: إِن المُرَاد بِالرجلِ الْمَيِّت لِأَن الْغَالِب فِي الْأَحْكَام أَن تذكر الرِّجَال وَتدْخل النِّسَاء فيهم بالتبعية. الْعَاشِر: أَنه للْإِشَارَة إِلَى الْكَمَال فِي ذَلِك، كَمَا يُقَال: امْرَأَة أُنْثَى، وَفِيه مَا فِيهِ. وَقيل غير ذَلِك مِمَّا الْغَالِب فِيهِ النّظر والتردد.
٦ - (بَاب مِيرَاثِ البَناتِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مِيرَاث الْبَنَات، وَالْأَصْل فِيهِ الْآيَة الَّتِي تقدّمت فِي أول الْكتاب وَهِي قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} الْآيَة وَإِن الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يورثون الْبَنَات فَأبْطل الله ذَلِك وشاركهن مَعَ الذُّكُور وَقد مر بَيَانه هُنَاكَ.
٣٣٧٦ - حدّثنا الحُمَيْدِيُّ حدّثنا سُفْيانُ حدّثنا الزُّهرِيُّ قَالَ: أَخْبرنِي عامِر بنُ سَعْدِ بنِ أبِي وِقَاصٍ عنْ أبِيهِ قَالَ: مَرِضْتُ بِمَكَّةَ مَرَضاً فأشْفَيْتُ مِنْهُ عَلى المَوْتِ، فَأَتَانِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعُودُونِي فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله! إنَّ لِي مَالا كَثِيراً ولَيْسَ يَرِثُنْي إلاّ ابْنَتِي، أفأتَصَدَّقُ بِثلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: (لَا) . قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute