سُورَة الْبَقَرَة وَفِي الِاعْتِصَام فِي: بَاب لَا تسألوا أهل الْكتاب عَن شَيْء وَهَذَا من النَّوَادِر يَقع مكرراً فِي ثَلَاث مَوَاضِع بِسَنَد وَاحِد، وَقَالَ ابْن بطال: اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث من قَالَ بِجَوَاز قِرَاءَة الْقُرْآن بِالْفَارِسِيَّةِ. قلت: هَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة كَمَا ذكرنَا الْآن أَيْضا.
٧٥٤٣ - حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا إسْماعِيلُ، عنْ أيُّوبَ، عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: أُتِيَ النبيُّ بِرَجُلٍ وامْرأةٍ مِنَ اليَهُودِ قَدْ زَنَيا، فَقَالَ لِلْيَهُودِ: مَا تَصْنَعُونَ بِهِما قالُوا: نُسَخِّمُ وُجُوهَهُما ونُخْزِيهِما. قَالَ: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ إِلَاّ مَا حَرَّمَ إِسْرَاءِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} فجاؤوا فقالُوا لِرَجُلِ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ: يَا أعْوَرُ اقْرَأْ، فَقَرَأَ حتَّى انْتَهى إِلَى مَوْضِعٍ مِنْها، فَوَضَعَ يَدَهُ عَليْهِ. قَالَ: ارْفَعْ يَدَكِ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذا فِيهِ آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ عَلَيْهِما الرَّجْمَ ولاكِنَّا نُكاتِمُهُ بَيْنَنَا، فأمَرَ بِهِما فَرُجِما، فَرَأيْتُهُ يُجانِىءُ عَلَيْهَا الحِجارَةَ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: إِن عَلَيْهِمَا الرَّجْم ... إِلَى آخِره لِأَن الَّذِي قَرَأَهُ فسره بِالْعَرَبِيَّةِ أَن عَلَيْهِمَا الرَّجْم حَتَّى رجما.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية وَهُوَ اسْم أمه وَأَبوهُ إِبْرَاهِيم، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي آخر عَلَامَات النُّبُوَّة وَمضى أَيْضا فِي كتاب الْمُحَاربين فِي: بَاب الرَّجْم فِي البلاط.
قَوْله: نسخم من التسخيم بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ تسويد الْوَجْه. قَوْله: ونخزيهما أَي: نفضحهما بِأَن نركبهما على الْحمار معكوسين وندورهما فِي الْأَسْوَاق. قَوْله: لرجل هُوَ عبد الله بن صوريا مَقْصُورا الْأَعْوَر الْيَهُودِيّ كَانَ حبرًا مِنْهُم. قَوْله: يَا أَعور منادى مَبْنِيّ على الضَّم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني؛ أَعور، بِالْجَرِّ على أَنه صفة رجل. قَوْله: وَوضع يَده عَلَيْهِ هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، أَي: على الْموضع، وَفِي رِوَايَة غَيره: عَلَيْهَا، أَي: على آيَة الرَّجْم. قَوْله: قَالَ: ارْفَعْ يدك أبهم الْقَائِل وَلم يذكرهُ، وَقد تقدم أَنه عبد الله بن سَلام. قَوْله: نكاتمه أَي: الرَّجْم، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: نكاتمها. أَي: الْآيَة الَّتِي فِيهَا الرَّجْم. قَوْله: يجانىء بِالْجِيم وَكسر النُّون بعد الْألف وبالهمز أَي: يكب عَلَيْهَا، يُقَال جنىء الرجل على الشَّيْء وجانأ عَلَيْهِ وتجانأ عَلَيْهِ إِذا أكب، وَرُوِيَ بِالْمُهْمَلَةِ أَي: يحني عَلَيْهَا ظَهره، أَي: يغطيها يُقَال: حنوت الْعود عطفته وحنيت لُغَة. قَوْله: عَلَيْهَا الْحِجَارَة فِي أَكثر النّسخ هَكَذَا، وَفِي بَعْضهَا: للحجارة، بِاللَّامِ وَعند عدم اللَّام تَقْدِيره: عَن الْحِجَارَة، أَو مُضَاف مُقَدّر نَحْو: اتقاء الْحِجَارَة، أَو فعل نَحْو يَقِيهَا الجارة.
٥٢ - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الماهِرُ بالقُرْآن مَعَ السَفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ وزَيِّنُوا القُرآنَ بِأصْواتِكُمْ)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَول النَّبِي الماهر إِلَى آخِره. والماهر الحاذق المُرَاد بِهِ هُنَا جودة التِّلَاوَة مَعَ حسن الْحِفْظ. قَوْله: مَعَ السفرة الْكِرَام السفرة الكتبة جمع سَافر مثل كَاتب وزنا وَمعنى، وهم الكتبة الَّذين يَكْتُبُونَ من اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: مَعَ سفرة الْكِرَام، من: بَاب إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى الصّفة. قَوْله: الْكِرَام أَي: الْمُكرمين عِنْد الله. قَوْله: البررة أَي: المطيعين المطهرين من الذُّنُوب، وَفِي التِّرْمِذِيّ: الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن وَهُوَ بِهِ ماهر مَعَ السفرة الْكِرَام البررة، وَقَالَ: هُوَ حسن صَحِيح. وأصل الحَدِيث مضى مُسْندًا فِي التَّفْسِير لَكِن بِلَفْظ: مثل الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن وَهُوَ حَافظ لَهُ مَعَ السفرة الْكِرَام البررة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: مَعَ السفرة الْكِرَام البررة، أَي: الْمَلَائِكَة. قَوْله: وزينوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ هَذَا من الْأَحَادِيث الَّتِي علقها البُخَارِيّ وَلم يصلها فِي مَوضِع آخر من كِتَابه. وَأخرجه فِي كتاب خلق أَفعَال الْعباد من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة عَن الْبَراء بِهَذَا، وَأخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من هَذَا الْوَجْه، وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَمعنى: زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ يَعْنِي: بِالْمدِّ والترتيل، وَلَيْسَ بالتطريف الْفَاحِش الَّذِي يخرج إِلَى حد الْغناء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute