وُجُوهًا كَثِيرَة كلهَا لَا تقاوم مَا ورد فِي الحَدِيث من تَقْدِيم الْعتْق على الصّيام، ثمَّ الْإِطْعَام.
وَفِيه: أَن الْكَفَّارَة بالخصال الثَّلَاث على التَّرْتِيب الْمَذْكُور، قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: لِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَقله من أَمر بعد عَدمه إِلَى أَمر آخر، وَلَيْسَ هَذَا شَأْن التَّخْيِير. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: ترَتّب الثَّانِي بِالْفَاءِ على فقد الأول، ثمَّ الثَّالِث بِالْفَاءِ على فقد الثَّانِي، يدل على عدم التَّخْيِير، مَعَ كَونهَا فِي معرض الْبَيَان وَجَوَاب السُّؤَال، فَينزل منزلَة الشَّرْط الْمُحكم. وَقيل: سلك الْجُمْهُور فِي ذَلِك مَسْلَك التَّرْجِيح بِأَن الَّذين رووا التَّرْتِيب عَن الزُّهْرِيّ أَكثر مِمَّن روى التَّخْيِير، وَاعْترض ابْن التِّين بِأَن الَّذين رووا التَّرْتِيب ابْن عُيَيْنَة وَمعمر وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالَّذين رووا التَّخْيِير مَالك وَابْن جريج وفليح بن سُلَيْمَان وَعمر بن عُثْمَان المَخْزُومِي، وَأجِيب: بِأَن الَّذين رووا التَّرْتِيب عَن الزُّهْرِيّ ثَلَاثُونَ نفسا أَو أَكثر، وَرجح التَّرْتِيب أَيْضا بِأَن رَاوِيه حكى لفظ الْقِصَّة على وَجههَا فمعه زِيَادَة علم من صُورَة الْوَاقِعَة، وراوي التَّخْيِير حكى لفظ رَاوِي الحَدِيث، فَدلَّ على أَنه من تصرف بعض الروَاة إِمَّا لقصد الِاخْتِصَار أَو لغير ذَلِك، ويترجح التَّرْتِيب أَيْضا بِأَنَّهُ أحوط. وَحمل الْمُهلب والقرطبي الْأَمر على التَّعَدُّد، وَهُوَ بعيد، لِأَن الْقِصَّة وَاحِدَة وَالْأَصْل عدم التَّعَدُّد، وَحمل بَعضهم التَّرْتِيب على الْأَوْلَوِيَّة والتخيير على الْجَوَاز.
وَفِيه: إِعَانَة الْمُعسر فِي الْكَفَّارَة، وَعَلِيهِ بوب البُخَارِيّ فِي النذور. وَفِيه: إِعْطَاء الْقَرِيب من الْكَفَّارَة، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ فِي النذور. وَفِيه: إِعْطَاء الْقَرِيب من الْكَفَّارَة وَبَوَّبَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ أَيْضا. وَفِيه: أَن الْهِبَة وَالصَّدَََقَة لَا يحْتَاج فيهمَا إِلَى الْقبُول بِاللَّفْظِ بل الْقَبْض كَاف، وَعَلِيهِ بوب البُخَارِيّ أَيْضا. وَفِيه: أَن الْكَفَّارَة لَا تجب إلَاّ بعد نَفَقَة من تجب عَلَيْهِ، وَقد بوب عَلَيْهِ البُخَارِيّ أَيْضا فِي النَّفَقَات. وَفِيه: جَوَاز الْمُبَالغَة فِي الضحك عِنْد التَّعَجُّب لقَوْله: (حَتَّى بَدَت أنيابه) . وَفِيه: جَوَاز قَول الرجل فِي الْجَواب: وَيحك، أَو: وَيلك. وَفِيه: جَوَاز الْحلف بِاللَّه وَصِفَاته، وَإِن لم يسْتَحْلف كَمَا فِي البُخَارِيّ. وَغَيره، (وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ) ، وَفِي رِوَايَة لَهُ: (وَالله مَا بَين لابتيها) إِلَى آخِره. وَفِيه: أَن القَوْل قَول الْفَقِير أَو الْمِسْكِين وَجَوَاز عطائه مِمَّا يسْتَحقّهُ الْفُقَرَاء لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يكلفه الْبَيِّنَة حِين ادّعى أَنه مَا بَين لابتي الْمَدِينَة أهل بَيت أحْوج مِنْهُم؟ وَفِيه: جَوَاز الْحلف على غَلَبَة الظَّن، وَإِن لم يعلم ذَلِك بالدلائل القطعية، لحلف الْمَذْكُور أَنه لَيْسَ بِالْمَدِينَةِ أحْوج مِنْهُم مَعَ جَوَاز أَن يكون بِالْمَدِينَةِ أحْوج مِنْهُم لِكَثْرَة الْفُقَرَاء فِيهَا، وَلم يُنكر عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِيه: اسْتِعْمَال الْكِنَايَة فِيمَا يستقبح طهوره بِصَرِيح لَفظه، لقَوْله: (وَقعت أَو أصبت) فَإِن قلت: ورد فِي بعض طرقه: (وطِئت؟) قلت: هَذَا من تصرف الروَاة. وَفِيه: الرِّفْق بالمتعلم والتلطف فِي التَّعْلِيم والتأليف على الدّين، والندم على الْمعْصِيَة واستشعار الْخَوْف. وَفِيه: الْجُلُوس فِي الْمَسْجِد لغير الصَّلَاة من الْمصَالح الدِّينِيَّة: كنشر الْعلم. وَفِيه: التعاون على الْعِبَادَة. وَفِيه: السَّعْي على خلاص الْمُسلم. وَفِيه: إِعْطَاء الْوَاحِد فَوق حَاجته الراهنة. وَفِيه: إِعْطَاء الْكَفَّارَة لأهل بَيت وَاحِد.
١٣ - (بابُ المُجامِعِ فِي رَمَضَانَ هَلْ يُطْعِمُ أهْلَهُ مِنَ الكَفَّارَةِ إذَا كانُوا مَحَاوِيجَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الصَّائِم المجامع فِي رَمَضَان: هَل يطعم أَهله الْكَفَّارَة إِذا كَانُوا محاويج أم لَا؟ وَلم يذكر جَوَاب الِاسْتِفْهَام اكْتِفَاء بِمَا ذكر من متن الحَدِيث، والمحاويج قَالَ المطرزي فِي (الْمغرب) : هم المحتاجون، عَامي قلت: يحْتَمل أَن يكون جمع: محواج، وَهُوَ كثير الْحَاجة، صِيغ على وزن اسْم الْآلَة للْمُبَالَغَة.
٧٣٩١ - حدَّثنا عُثْمانُ بنُ أبِي شَيْبَةَ قَالَ حدَّثنا جَريرٌ عَن منْصُورٍ عنِ الزُّهْرِيَّ عنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ جاءَ رَجُلٌ إلَى النبيِّ فَقَالَ إنَّ الآخِرَ وقعَ عَلَى امْرَأتِهِ فِي رمَضَانَ فَقَالَ أتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رقَبةً قَالَ لَا قَالَ أفَتَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا قَالَ أفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بِهِ سِتِّينَ مِسْكِينا قَالَ لَا قَالَ فأُتِيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَرَقٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute