أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من قلد القلائد على الْهَدْي بِيَدِهِ بِدُونِ استنابة لغيره بذلك.
٠٠٧١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عَن عبْدِ الله بنِ أبي بَكْرِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْم عنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّها أخْبَرَتْهُ أنَّ زِيادَ بنَ أبي سُفْيانَ كتَبَ إِلَى عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهاأنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ مَنْ أهْدَى هَدْيا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ قالَتْ عَمْرَةُ فقالَتْ عائِشةُ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا لَيْسَ كَما قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ إِنَّا فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدَيَّ ثُمَّ قَلَّدَهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدَيْهِ ثُمَّ بعَثَ بِهَا معَ أبي فَلَمْ يَحْرُمْ عَلى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيءٌ أحَلَّهُ الله حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(ثمَّ قلدها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيدَيْهِ) ، وَرِجَاله قد ذكرُوا، وَعبد الله بن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم قد مر فِي: بَاب الْوضُوء مرَّتَيْنِ، وَهَذِه رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، سقط عَمْرو، وَعمرَة هِيَ خَالَة عبد الله الرَّاوِي عَنْهَا، وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم مدنيون إلَاّ شيخ البُخَارِيّ، وَزِيَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف دَال مُهْملَة: ابْن أبي سُفْيَان أَبُو الْمُغيرَة، وَهُوَ الَّذِي ادَّعَاهُ مُعَاوِيَة أَخا لَهُ لِأَبِيهِ فألحقه بنسبه، وَقيل لَهُ: زِيَاد بن أَبِيه.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْوكَالَة عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْحَج عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك بِالْحَدِيثِ دون الْقِصَّة.
قَوْله:(إِن زِيَاد بن أبي سُفْيَان) ، كَذَا وَقع فِي (الْمُوَطَّأ) وَكَانَ شيخ مَالك حدث بِهِ كَذَلِك فِي زمن بني أُميَّة. وَأما بعدهمْ فَمَا كَانَ يُقَال لَهُ إلَاّ زِيَاد بن أَبِيه. وَقيل: استلحاق مُعَاوِيَة لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يُقَال لَهُ: زِيَاد بن عبيد، وَكَانَت أمه سميَّة مولاة الْحَارِث بن كلدة الثَّقَفِيّ تَحت عبيد الْمَذْكُور، فَولدت زيادا على فرَاشه، فَكَانَ ينْسب إِلَيْهِ. فَلَمَّا كَانَ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة شهد جمَاعَة على إِقْرَار أبي سُفْيَان بِأَن زيادا وَلَده، فاستلحقه مُعَاوِيَة لذَلِك وزوى ابْنه ابْنَته، وَأمر زيادا على العراقين: الْبَصْرَة والكوفة، جَمعهمَا لَهُ، وَمَات فِي خلَافَة مُعَاوِيَة سنة ثَلَاث وَخمسين، وَوَقع عِنْد مُسلم عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك: أَن ابْن زِيَاد، بدل قَوْله: إِن زِيَاد بن أبي سُفْيَان، قَالُوا: إِنَّه وهم نبه عَلَيْهِ الغساني وَمن تبعه مِمَّن يتَكَلَّم على صَحِيح مُسلم وَالصَّوَاب مَا وَقع فِي البُخَارِيّ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَوْجُود عِنْد جَمِيع رُوَاة الْمُوَطَّأ وَكَذَا وَقع فِي سنَن أبي دَاوُد وغيرهامن الْكتب الْمُعْتَمدَة، وَلِأَن ابْن زِيَاد لم يدْرك عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَوْله:(من أهْدى) أَي: من بعث الْهَدْي إِلَى مَكَّة. قَوْله:(على الْحَاج) ويروى: (من الْحَاج) . قَوْله:(حَتَّى ينْحَر هَدْيه) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(قَالَت عمْرَة) أَي: عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُورَة فِي السَّنَد، وَإِنَّمَا قَالَت بالسند الْمَذْكُور. قَوْله:(ثمَّ بعث بهَا) أَي: ثمَّ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْهَدْي، وَإِنَّمَا أنث الضَّمِير بِاعْتِبَار الْبَدنَة لِأَن هَدْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي بعث بِهِ كَانَ بَدَنَة. قَوْله:(مَعَ أبي) ، بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة المخففة: وَهُوَ أَبُو بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ بَعثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهديه مَعَ أبي بكر سنة تسع عَام حج أَبُو بكر بِالنَّاسِ. قَوْله:(حَتَّى نحر الْهَدْي) أَي حَتَّى نحر أَبُو بكر الْهَدْي، ويروي:(حَتَّى نحر) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: عدم الْحُرْمَة لَيْسَ مغيا إِلَى النَّحْر إِذْ هُوَ بَاقٍ بعده، فَلَا مُخَالفَة بَين حكم مَا بعد الْغَايَة وَمَا قبلهَا؟ قلت: هُوَ غَايَة النَّحْر لَا لما يحرم أَي: الْحُرْمَة المنتهية أَي: النَّحْر لم يكن، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رد لكَلَام ابْن عَبَّاس، وَهُوَ كَانَ مثبتا للْحُرْمَة إِلَى النَّحْر انْتهى. وَوَقعت زِيَادَة فِي رِوَايَة مُسلم هُنَا عَن يحيى بن يحيى بعد قَوْله:(حَتَّى ينْحَر الْهَدْي) ، وَهِي: وَقد بعث بهديي فأكتبي إِلَيّ بِأَمْرك، وَوَقعت فِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ زِيَادَة أُخْرَى، وَهِي بعد قَوْله:(فاكتبي إليَّ بِأَمْرك أَو مري صَاحب الْهَدْي) ، أَي: الَّذِي مَعَه الْهَدْي، يَعْنِي: مري بِمَا يصنع، وَأخرج الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث من ثَمَانِيَة