مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا صنع خَالِد يَعْنِي: من قَتله الَّذين قَالُوا: صبأنا، قبل أَن يستفسرهم عَن مُرَادهم بذلك القَوْل، فَإِن فِيهِ إِشَارَة إِلَى تصويب فعل ابْن عمر وَمن تبعه فِي تَركهم مُتَابعَة خَالِد على قتل من أَمرهم بِقَتْلِهِم من الْمَذْكُورين، وَقَالَ الْخطابِيّ: الْحِكْمَة فِي تبريه من فعل خَالِد مَعَ كَونه لم يعاتبه على ذَلِك لكَونه مُجْتَهدا أَن يعرف أَنه لم يَأْذَن لَهُ فِي ذَلِك خشيَة أَن يعْتَقد أحد أَنه كَانَ بِإِذْنِهِ، ولينزجر غير خَالِد بعد ذَلِك عَن فعل مثله. وَقَالَ ابْن بطال: الْإِثْم، وَإِن كَانَ سَاقِطا عَن الْمُجْتَهد فِي الحكم إِذا تبين أَنه بِخِلَاف جمَاعَة أهل الْعلم، لَكِن الضَّمَان لَازم للمخطىء عِنْد الْأَكْثَر مَعَ الِاخْتِلَاف، وَقد بَيناهُ الْآن.
ثمَّ إِنَّه أخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين. أَحدهمَا: عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن عبد الرَّزَّاق بن همام عَن معمر بن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنهُ. وَالْآخر عَن نعيم بِضَم النُّون وَفتح الْعين الْمُهْملَة ابْن حَمَّاد الرفاء بتَشْديد الْفَاء الْمروزِي الْأَعْوَر ذُو التصانيف، امتحن فِي الْقُرْآن وَقيد فَمَاتَ بسامرا سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: وحَدثني أَبُو عبد الله نعيم بن حَمَّاد، وَفِي رِوَايَة غَيره: قَالَ أَبُو عبد الله حَدثنِي أَبُو نعيم، وَأَبُو عبد الله هَذَا هُوَ البُخَارِيّ، ونعيم يروي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن معمر إِلَى آخِره.
والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي: بَاب بعث النَّبِي خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى بني جذيمة، وَهِي قَبيلَة من عبد قيس.
قَوْله: صبأنا من صَبأ الرجل إِذا خرج من دين إِلَى دين. قَوْله: مِمَّا صنع خَالِد أَي: من العجلة فِي قَتلهمْ وَترك التثبت فِي أُمُورهم.