وَسلم بِمالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ فَقَالَ انْثُرُوهُ فِي المَسْجِدِ فكانَ أكْثَرَ مالٍ أُتِيَ بِهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جاءَهُ العَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله أعْطِنِي إنِّي فادَيْتُ نَفْسِي وفادَيْتُ عَقِيلاً قَالَ خُذْ فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ ذَهَبَ يُقِله فلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ أمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إلَيَّ قَالَ لَا قَالَ فارْفَعْهُ أنْتَ علَيَّ قَالَ لَا فنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ ذهب يقلهُ فَلم يرفعهُ فَقَالَ أَمر بَعضهم يرفعهُ عَليّ قَالَ لَا قَالَ فارفعه أَنْت عَليّ قَالَ لَا فنثر ثمَّ احتملَهُ علَى كاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ فَمَا زَالَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا عَجَبَاً مِنْ حِرْصِه فَما قامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. (انْظُر الحَدِيث ١٢٤ وطرفه) .
وَقد مضى هَذَا التَّعْلِيق بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب الْقِسْمَة وَتَعْلِيق القنو فِي الْمَسْجِد. قَوْله: (عقيلاً) ، بِفَتْح الْعين: ابْن أبي طَالب وَقد فَادى الْعَبَّاس لنَفسِهِ وَله يَوْم بدر حِين صَارا أسيرين للْمُسلمين. قَوْله: (يقلهُ) ، بِضَم الْيَاء وَكسر الْقَاف وَتَشْديد اللَّام، أَي: يحملهُ. قَوْله: (على كَاهِله) ، وَهُوَ مَا بَين الْكَتِفَيْنِ.
٥ - (بابُ إثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعاهَدَاً بِغَيْرِ جُرْمٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم من قتل معاهداً أَي ذِمِّيا بِغَيْر جرم، أَي: بِغَيْر ذَنْب أَرَادَ: إِذا قَتله بِغَيْر حق، وَهَذَا الْقَيْد لَيْسَ فِي الحَدِيث، وَلكنه مُسْتَفَاد من قَوَاعِد الشَّرْع، وَوَقع مَنْصُوصا عَلَيْهِ فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة الَّتِي يَأْتِي ذكرهَا بِلَفْظ: بِغَيْر حق، وروى النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي بكر بِلَفْظ: من قتل نفسا معاهدة بِغَيْر حلهَا، حر الله علهي الْجنَّة.
٦٦١٣ - حدَّثنا قَيْسُ بنُ حَفصٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَمْرٍ وَقَالَ حدَّثنا مُجاهِد عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وَرَضي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ منْ قتَلَ مُعاهِداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ وإنَّ رِيحَها تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عَاما. (الحَدِيث ٦٦١٣ طرفه فِي: ٤١٩٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من قتل معاهداً) وَقَوله: (لم يرح) إِلَى آخِره، يُوضح مَا أبهمه فِي التَّرْجَمَة. وَقيس بن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الدَّارمِيّ الْبَصْرِيّ، وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد وَالْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي التَّمِيمِي الْكُوفِي، والفقيمي، بِضَم الْفَاء وَفتح الْقَاف نِسْبَة: إِلَى فقيم بن دارم بن مَالك، وَالْحسن بن عمر، وَهَذَا لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث وَآخر فِي الْأَدَب.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدِّيات عَن قيس بن حَفْص أَيْضا وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الدِّيات عَن أبي كريب، قَالُوا: هَذَا الحَدِيث مُنْقَطع فِيمَا بَين عبد الله بن عَمْرو وَمُجاهد، بيَّن ذَلِك البرديحي فِي كِتَابه (الْمُتَّصِل والمرسل) بقوله: مُجَاهِد عَن ابْن عَمْرو، وَلم يسمع مِنْهُ، وَقد رَوَاهُ مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ عَن حَدثنَا الْحسن بن عَمْرو عَن مُجَاهِد عَن جُنَادَة بن أبي أُميَّة عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ الصَّوَاب. وَأجِيب: بِأَن سَماع مُجَاهِد عَن ابْن عمر وثابت وَلَيْسَ هُوَ بمدلس، فَيحْتَمل أَن يكون مُجَاهِد سَمعه أَولا من جُنَادَة ثمَّ لَقِي عبد الله ابْن عَمْرو، أَو سمعاه مَعًا من ابْن عَمْرو، فَحدث بِهِ مُجَاهِد تَارَة عَن ابْن عَمْرو وَتارَة عَن جُنَادَة، وَقَالُوا أَيْضا: هَذَا الحَدِيث من مُسْند عبد الله بن عَمْرو إلَاّ أَن الْأصيلِيّ رَوَاهُ عَن الْجِرْجَانِيّ عَن الْفربرِي، فَقَالَ عبد الله بن عمر، بِضَم الْعين بِغَيْر وَاو، ورد بِأَنَّهُ تَصْحِيف.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (معاهداً) ، بِكَسْر الْهَاء وَفتحهَا وَأَرَادَ بِهِ الذِّمِّيّ لِأَنَّهُ من أهل الْعَهْد، أَي: الْأمان، والعهد حَيْثُ وَقع هُوَ الْمِيثَاق. قَوْله: (لم يرح) ، بِفَتْح الْيَاء وَالرَّاء وَأَصله: يراح، قَالَ الْجَوْهَرِي: رَاح فلَان الشَّيْء يراحه ويريحه إِذا وجد رِيحه، وَأما فِي هَذَا الحَدِيث فقد جعله أَبُو عبيد من: راحه يراحه، وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول: إِنَّه من راحه يريحه، وَالْكسَائِيّ يَقُول: من راحه يريحه، وَمعنى الثَّلَاث وَاحِد. قَوْله: (أَرْبَعِينَ عَاما) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْجَمِيع. (أَرْبَعِينَ عَاما) إلَاّ عبد الْغفار، فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute