لِأَن الأَصْل بَقَاء الْحَدث فَلَا يضر التَّرَدُّد مَعَه وَلَو تَيَقّن الطَّهَارَة وَالْحَدَث مَعًا وَشك فِي السَّابِق مِنْهُمَا فأوجه أَصَحهَا أَنه يَأْخُذ بضد مَا قبلهمَا إِن عرفه فَإِن لم يعرفهُ لزمَه الْوضُوء مُطلقًا الثَّالِث قَالَ الْخطابِيّ فِيهِ حجَّة لمن أوجب الْحَد على من وجدت مِنْهُ رَائِحَة الْمُسكر وَإِن لم يُشَاهد شربه وَلَا شهد عَلَيْهِ الشُّهُود وَلَا اعْترف بِهِ قلت فِيهِ نظر لِأَن الْحُدُود تدرأ بِالشُّبْهَةِ والشبهة هُنَا قَائِمَة فَافْهَم الرَّابِع فِيهِ مَشْرُوعِيَّة سُؤال الْعلمَاء عَمَّا يحدث من الوقائع وَجَوَاب السَّائِل الْخَامِس فِيهِ ترك الاستحياء فِي الْعلم وَأَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يعلمهُمْ كل شَيْء وَأَنه يُصَلِّي بِوضُوء صلوَات مَا لم يحدث السَّادِس فِيهِ قبُول خبر الْوَاحِد السَّابِع فِيهِ أَن من كَانَ على حَال لَا ينْتَقل عَنهُ إِلَّا بِوُجُود خِلَافه الثَّامِن فِيهِ أَنهم كَانُوا يَشكونَ إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام جَمِيع مَا ينزل بهم التَّاسِع اسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على أَن رُؤْيَة الْمُتَيَمم المَاء فِي صلَاته لَا ينْقض طَهَارَته قلت لَا يَصح الِاسْتِدْلَال بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ من بَاب مَا ذَكرْنَاهُ من أَن الْمَعْنى إِذا كَانَ أوسع من الِاسْم كَانَ الحكم للمعنى لِأَنَّهُ هُوَ فِيمَا يَقع تَحت الْجِنْس الْوَاحِد وَلَا شكّ أَن الْمَقْصُود بِهِ جنس الخارجات من الْبدن فالتعدي إِلَى غير الْجِنْس الْمَقْصُود بِهِ اغتصاب الْأَحْكَام
(بَاب التَّخْفِيف فِي الْوضُوء)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز التَّخْفِيف فِي الْوضُوء والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ اشْتِمَال كل مِنْهُمَا على حكم من أَحْكَام الْوضُوء
٤ - (حَدثنَا عَليّ بن عبد الله قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو قَالَ أَخْبرنِي كريب عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَام حَتَّى نفخ ثمَّ صلى وَرُبمَا قَالَ اضْطجع حَتَّى نفخ ثمَّ قَامَ فصلى ثمَّ حَدثنَا بِهِ سُفْيَان مرّة بعد مرّة عَن عَمْرو عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة لَيْلَة فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل فَلَمَّا كَانَ فِي بعض اللَّيْل قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَوَضَّأ من شن مُعَلّق وضوء خَفِيفا يخففه عَمْرو ويقلله وَقَامَ يُصَلِّي فَتَوَضَّأت نَحوا مِمَّا تَوَضَّأ ثمَّ جِئْت فَقُمْت عَن يسَاره وَرُبمَا قَالَ سُفْيَان عَن شِمَاله فحولني فجعلني عَن يَمِينه ثمَّ صلى مَا شَاءَ الله ثمَّ اضْطجع فَنَامَ حَتَّى نفخ ثمَّ أَتَاهُ الْمُنَادِي فآذنه بِالصَّلَاةِ فَقَامَ مَعَه إِلَى الصَّلَاة فصلى وَلم يتَوَضَّأ قُلْنَا لعَمْرو إِن نَاسا يَقُولُونَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تنام عينه وَلَا ينَام قلبه قَالَ عَمْرو سَمِعت عبيد بن عُمَيْر يَقُول رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي ثمَّ قَرَأَ {إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك} مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وضوأ خَفِيفا. (بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة قد ذكر مِنْهُم عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعَمْرو بن دِينَار وَعبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم وكريب بِضَم الْكَاف وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره يَاء مُوَحدَة ابْن أبي مُسلم القريشي الْهَاشِمِي مولى عبد الله بن عَبَّاس ويكنى أَبَا رشدين بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره نون روى عَن مَوْلَاهُ ابْن عَبَّاس وَغَيره وروى عَنهُ ابناه مُحَمَّد وَرشْدِين ومُوسَى بن عقبَة وَخلق مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة ثَمَان وَتِسْعين وَهُوَ من أَفْرَاد الْكتب السِّتَّة (بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة. وَمِنْهَا أَن رِجَاله كلهم من فرسَان الْكتب السِّتَّة إِلَّا عَليّ بن الْمَدِينِيّ فَإِن مُسلما وَابْن مَاجَه لم يخرجَا لَهُ. وَمِنْهَا أَن كلهم مكيون مَا خلا عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَابْن عَبَّاس مكي أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ أَيْضا. وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ عَمْرو عَن كريب. (بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان وَفِي الصَّلَاة أَيْضا عَن عقبَة عَن دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن ابْن أبي عمر وَمُحَمّد بن حَاتِم كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ وَقَالَ حسن صَحِيح وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة بِهِ وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّافِعِي عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute