للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٧ - (سُورَةُ {هَلْ أتَى عَلَى الإنْسَانِ} (الْإِنْسَان: ١)

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان} وَهِي مَكِّيَّة قَالَه قَتَادَة وَالسُّديّ وسُفْيَان، وَعَن الْكَلْبِيّ: أَنَّهَا مَكِّيَّة إِلَّا آيَات (ويطعمون الطَّعَام على حبه) (الْإِنْسَان: ٨، ٩) إِلَى قَوْله: (قمطريرا) وَيذكر عَن الْحسن أَنَّهَا مَكِّيَّة وفيهَا آيَة مَدَنِيَّة {وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفورا} (الْإِنْسَان: ٤٢) وَقيل: مَا صَحَّ فِي ذَلِك قَول الْحسن وَلَا الْكَلْبِيّ، وَجَاءَت أَخْبَار فِيهَا أَنَّهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ فِي شَأْن عَليّ وَفَاطِمَة وابنيهما، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَذكر ابْن النَّقِيب أَنَّهَا مَدَنِيَّة كلهَا. قَالَه الْجُمْهُور، وَقَالَ السخاوي: نزلت بعد سُورَة الرحمان وَقبل الطَّلَاق، وَهِي ألف وَأَرْبَعَة وَخَمْسُونَ حرفا ومائتان وَأَرْبَعُونَ كلمة، وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ آيَة.

(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

ثبتَتْ الْبَسْمَلَة لأبي ذَر.

يُقَالُ مَعْنَاهُ أنَى عَلَى الإنْسَانِ وَهَلْ تَكُونُ جَحْدا وَتَكُونُ خَبرا وَهاذا مِنَ الخَبَرِ يَقُولُ كَانَ شَيْئا فَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورا وَذالِكَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ مِنْ طِينٍ إلَى أنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ.

الْقَائِل فِيهِ بذلك الْقُرَّاء. قَوْله: (مَعْنَاهُ أَتَى على الْإِنْسَان) ، يدل على أَن لفظ هَل، صلَة وَلَكِن لم يقل أحد إِن: هَل، قد تكون صلَة. قَوْله: (وَهل تكون جحدا) ، يَعْنِي: نفيا وَتَكون خَبرا يَعْنِي إِثْبَاتًا يَعْنِي يخبر بِهِ عَن أَمر مُقَرر، وَيكون جعل حِينَئِذٍ بِمَعْنى قد للتحقيق، وَأَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: وَهَذَا من الْخَبَر، أَرَادَ بِهِ أَن هَل هُنَا يَعْنِي يَعْنِي: فِي قَوْله تَعَالَى: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان} بِمَعْنى: قد، وَمَعْنَاهُ. قد أَتَى على الْإِنْسَان وَأُرِيد بِهِ آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة والصلام، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: إِن هَل أَتَى أَبَد بِمَعْنى: قد وَأَن الِاسْتِفْهَام إِنَّمَا هُوَ مُسْتَفَاد من همزَة مقدرَة مَعهَا، وَنَقله فِي (الْمفصل) عَن سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ: وَعند سِيبَوَيْهٍ أَن أهل بِمَعْنى قد إلَاّ أَنهم تركُوا الْألف قبلهَا لِأَنَّهَا لَا تقع إلَاّ فِي الِاسْتِفْهَام. قَوْله: (حِين من الدَّهْر) ، أَرْبَعُونَ سنة ملقًى بَين مَكَّة والطائف، قبل أَن ينْفخ فِيهِ الرّوح. قَوْله: (لم يكن شَيْئا مَذْكُورا) ، لَا يذكر وَلَا يعرف وَلَا يدْرِي مَا اسْمه، وَلَا مَا يُرَاد بِهِ، وَالْمعْنَى: أَنه كَانَ شَيْئا لكنه لم يكن مَذْكُورا يَعْنِي: انْتِفَاء هَذَا الْمَجْمُوع بِانْتِفَاء صفته لَا بِانْتِفَاء الْمَوْصُوف، وَلَا حجَّة فِيهِ للمعتزلة فِي دَعوَاهُم أَن الْمَعْدُوم شَيْء وَوَقع فِي بعض النّسخ، وَقَالَ يحيى: مَعْنَاهُ أَتَى على الْإِنْسَان إِلَى آخِره، وَيحيى هَذَا هُوَ ابْن زِيَاد بن عبد الله بن مَنْصُور الديلمي الْفراء. صَاحب كتاب مَعَاني الْقُرْآن، وَقَالَ بَعضهم هُوَ صَوَاب لِأَنَّهُ قَول وَيحيى بن زِيَاد الْفراء بِلَفْظِهِ. قلت: دَعْوَى الصَّوَاب غير صَحِيحَة لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون هَذَا قَول غَيره كَمَا هُوَ قَوْله، وَلم يطلع البُخَارِيّ على أَنه قَول الْفراء وَحده، فَلذَلِك قَالَ: يُقَال مَعْنَاهُ أَو اطلع أَيْضا على قَول غَيره مثل قَول الْفراء فَذكر بِلَفْظ يُقَال: ليشْمل كل من قَالَ بِهَذَا القَوْل، فَافْهَم.

أمْشَاجٍ: الأخْلاطُ مَاءُ المَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ الدَّمُ، والعَلَقَةُ. وَيُقَالُ: إذَا خُلِطَ مَشِيجٌ كَقَوْلِكَ لَهُ خَلِيطٌ وَمَمْشُوجٌ مِثْلُ مَخْلُوطٍ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا خلقنَا الْإِنْسَان من نُطْفَة أمشاج} (الْإِنْسَان: ٢) وَفسّر: (الأمشاج) بقوله: (الأخلاط) والأمشاج جمع مشج بِفَتْح الْمِيم وَكسرهَا وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: الأمشاج جمع وَهُوَ فِي معى الْوَاحِد لِأَنَّهُ نعت للنطفة وَهَذَا كَمَا يُقَال: برمة أعشار، وثوب أَخْلَاق. قَوْله: (مَاء الْمَرْأَة وَمَاء الرجل) تَفْسِير الأخلاط يخْتَلط الماآن فِي الرَّحِم فَيكون مِنْهُمَا جَمِيعًا الْوَلَد وَمَاء الرجل أَبيض غليظ وَمَاء الْمَرْأَة أصفر رَقِيق، فَأَيّهمَا علا صَاحبه كَانَ الشّبَه لَهُ كَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَعِكْرِمَة وَمُجاهد، وَالربيع. قَوْله: (الدَّم والعلقة) ، تَقْدِيره ثمَّ الدَّم ثمَّ الْعلقَة ثمَّ المضغة ثمَّ اللَّحْم ثمَّ الْعظم ينشئه الله تَعَالَى خلقا آخر. قَوْله: (إِذا خلط) يَعْنِي: إِذا خلط شَيْء بِشَيْء يُقَال لَهُ مشيج على وزن فعيل بِمَعْنى ممشوج أَي: مخلوط، يُقَال: مشجت هَذَا بِهَذَا أَي خلطته.

سَلاسَلاً. وَأغْلالاً

<<  <  ج: ص:  >  >>