بضفيرة " بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَكسر الْفَاء وبالراء وَهُوَ الشّعْر المنسوج وَالْحَبل المفتول بِمَعْنى المضفور فعيل بِمَعْنى مفعول قَوْله " ثمَّ بيعوها " أَمر ندب وحث على مباعدة الزَّانِيَة وَخرج اللَّفْظ فِي ذَلِك على الْمُبَالغَة وَقَالَت الظَّاهِرِيَّة بِوُجُوب بيعهَا إِذا زنت الرَّابِعَة وجلدت وَلم يقل بِهِ أحد من السّلف قَوْله " قَالَ ابْن شهَاب " مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور قَوْله " لَا أَدْرِي " بعد الثَّالِثَة أَي لَا أَدْرِي هَل يجلدها ثمَّ يَبِيعهَا وَلَو بضفير بعد الزنية الثَّالِثَة أَو بعد الزنية الرَّابِعَة وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا زنت أمة أحدكُم فليجلدها ثَلَاثًا بِكِتَاب الله فَإِن عَادَتْ فليبعها وَلَو بِحَبل من شعر فَهَذَا يدل على أَن بيعهَا بعد الرَّابِعَة وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ جاريتي زنت فَتبين زنَاهَا قَالَ أجلدها خمسين فَأَتَاهُ وَقَالَ عَادَتْ فَتبين زنَاهَا قَالَ أجلدها خمسين ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ عَادَتْ فَتبين زنَاهَا قَالَ بعها وَلَو بِحَبل من شعر فَهَذَا يدل على أَن بيعهَا بعد الثَّالِثَة
(بَاب لَا يثرب على الْأمة إِذا زنت وَلَا تنفى)
أَي هَذَا بَاب يذكر فِيهِ لَا يثرب على صِيغَة الْمَجْهُول من التثريب بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ التوبيخ والملامة والتعيير وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم} قَوْله " وَلَا تنفى " على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا واستنبط عدم النَّفْي من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ بيعوها لِأَن الْمَقْصُود من النَّفْي الإبعاد عَن الوطن الَّذِي وَقعت فِيهِ الْمعْصِيَة وَهُوَ لَا يلْزم حُصُوله من البيع
٣١ - (حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف حَدثنَا اللَّيْث عَن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سَمعه يَقُول قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا زنت الْأمة فَتبين زنَاهَا فليجلدها وَلَا يثرب ثمَّ إِن زنت فليجلدها وَلَا يثرب ثمَّ إِن زنت الثَّالِثَة فليبعها وَلَو بِحَبل من شعر) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَلَا يثرب وَسَعِيد المَقْبُري يروي عَن أَبِيه كيسَان مولى بني لَيْث عَن أبي هُرَيْرَة والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود وَالنَّسَائِيّ فِي الرَّجْم جَمِيعًا عَن عِيسَى بن حَمَّاد وَقَالَ الْمزي رَوَاهُ غير وَاحِد عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَوْله " فَتبين " أَي تحقق زنَاهَا وَثَبت وَفِيه إِقَامَة السَّيِّد الْحَد على عَبده وَأمته وَهِي مَسْأَلَة خلافية فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد واسحق وَأَبُو ثَوْر يعم الْحُدُود كلهَا وَهُوَ قَول جمَاعَة من الصَّحَابَة أَقَامُوا الْحُدُود على عبيدهم مِنْهُم ابْن عمر وَابْن مَسْعُود وَأنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ يحده الْمولى فِي الزِّنَا وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يحده فِي الزِّنَا وَالشرب وَالْقَذْف إِذا شهد عِنْده الشُّهُود لَا بِإِقْرَار العَبْد إِلَّا الْقطع خَاصَّة فَإِنَّهُ لَا يقطعهُ إِلَّا الإِمَام وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَا يقيمها إِلَّا الإِمَام خَاصَّة وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن الْحسن وَعبد الله بن محيريز وَعمر بن عبد الْعَزِيز أَنهم قَالُوا الْجُمُعَة وَالْحُدُود وَالزَّكَاة وَالنَّفْي إِلَى السُّلْطَان خَاصَّة وَفِيه دَلِيل على التغابن فِي البيع وَأَن الْمَالِك الصَّحِيح الْملك جَائِز لَهُ أَن يَبِيع مَاله الْقدر الْكَبِير بالتافه الْيَسِير وَهَذَا مَا لَا خلاف فِيهِ بَين الْعلمَاء إِذا عرف قدر ذَلِك وَاخْتلفُوا فِيهِ إِذا لم يعرف قدر ذَلِك قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض
(تَابعه إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) أَي تَابع اللَّيْث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة وَهَذِه الْمُتَابَعَة فِي الْمَتْن لَا فِي السَّنَد لِأَنَّهُ نقص مِنْهُ قَوْله عَن أَبِيه وَوَصلهَا النَّسَائِيّ من طَرِيق بشر بن الْمفضل عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة
(بَاب أَحْكَام أهل الذِّمَّة وإحصانهم إِذا زنوا وَرفعُوا إِلَى الإِمَام)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان أَحْكَام أهل الذِّمَّة الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَسَائِر من تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة قَوْله " وإحصانهم " أَي وَفِي بَيَان إحصانهم هَل الْإِسْلَام شَرط فِيهِ أم لَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَان الْخلاف فِيهِ قَوْله " إِذا زنوا " ظرف لقَوْله أَحْكَام أهل الذِّمَّة قَوْله " وَرفعُوا " على صِيغَة الْمَجْهُول إِلَى الْإِمَاء سَوَاء جاؤا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute