نزلت بِالسَّيْفِ لَيْسَ فِيهَا أَمَان. قَالَ الْقشيرِي: وَالصَّحِيح أَن الْبَسْمَلَة لم تكْتب فِيهَا لِأَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، مَا نزل بهَا فِيهَا، وروى الثَّعْلَبِيّ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَن سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مَا نزل عليّ الْقُرْآن إلَاّ آيَة آيَة وحرفا حرفا خلا بَرَاءَة وَقل هُوَ الله أحد فَإِنَّهُمَا أَنْزَلَتَا عليّ ومعهما سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة) .
مُرْصَدٌ طَرِيقٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {واقعدوا لَهُم كل مرصد} (التَّوْبَة: ٥) أَي: على كل طَرِيق وَيجمع على مراصد، وَهِي الطّرق. قَوْله لَهُم: أَي للْكفَّار الْمُشْركين وَلم تقع هَذِه اللَّفْظَة إلَاّ فِي بعض النّسخ.
(بَابٌ وَلِيجَة كلُّ شَيْءٍ أدْخَلْتَهُ فِي شَيْءٍ)
لم يثبت لفظ بَاب: فِي كثير من النّسخ وَلَا ثَبت لفظ وليجة فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَلَا الَّذِي قبله، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلم يتخذوا من دون الله وَلَا رَسُوله وَلَا الْمُؤمنِينَ وليجة وَالله خَبِير بِمَا تعلمُونَ} (التَّوْبَة: ١٦) وَفسّر: وليجة بقوله: كل شَيْء أدخلته فِي شَيْء وروى كَذَلِك عَن الرّبيع قَالَ ابْن أبي حَاتِم، حَدثنَا كثير بن شهَاب الْقزْوِينِي حَدثنَا مُحَمَّد يَعْنِي ابْن سعيد حَدثنَا أَبُو جَعْفَر عَنهُ، وَفِي التَّفْسِير، وليجة أَي: بطانة ودخيلة، يَعْنِي الَّذين جاهدوا مِنْكُم وَلم يتخذوا من دون الله وَلَا رَسُوله. وَلَا الْمُؤمنِينَ وليجة أَي: بطالة بل هم فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن على النصح لله وَلِرَسُولِهِ.
الشُّقَّةُ السَّفَرُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {لَو كَانَ عرضا قَرِيبا وسفرا فَاسِدا لاتبعوك وَلَكِن بَعدت عَلَيْهِم الشقة} (بَرَاءَة: ٤٢) وَفسّر الشقة بِالسَّفرِ. وَرُوِيَ كَذَلِك عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أَبُو زرْعَة حَدثنَا منْجَاب أخبرنَا بشر بن عمَارَة عَن أبي روق عَن الضَّحَّاك عَنهُ، وَفِي التَّفْسِير {لَو كَانَ عرضا قَرِيبا} أَي: الْغَنِيمَة قريبَة {وسقرا قَاصِدا لاتبعوك} أَي: لكانوا مَعَك لذَلِك {وَلَكِن بَعدت عَلَيْهِم الشقة} أَي: الْمسَافَة إِلَى الشَّام.
الخبالُ الفَسادُ والخَبالُ المَوْتُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَو خَرجُوا فِيكُم مَا زادوكم إلَاّ خبالاً} (التَّوْبَة: ٤٧) وَفسّر الخبال بِالْفَسَادِ، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، والخبال فِي الأَصْل الْفساد وَيكون فِي الْأَفْعَال والأبدان والعقول، من خبله يخبله خبلاً بِسُكُون الْبَاء وَبِفَتْحِهَا الْجُنُون. قَوْله: (والخبال الْمَوْت) ، كَذَا وَقع فِي جمع الرِّوَايَات قيل: الصَّوَاب الموتة بِضَم الْمِيم وبالهاء فِي آخِره، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الموتة بِالضَّمِّ جنس من الْجُنُون والصرع يعتري الْإِنْسَان فَإِذا أَفَاق عَاد إِلَيْهِ كَمَال عقله كالنائم والسكران.
وَلا تَفُتِنِّي لَا تُوَبِّخْنِي
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي وَلَا تفتني} (التَّوْبَة: ٤٧) وَفسّر قَوْله: لَا توبخني، من التوبيخ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة، وَفِي وَرَايَة الْمُسْتَمْلِي والجرجاني: لَا توهني، بِالْهَاءِ وَتَشْديد النُّون من الوهن وَهُوَ الضعْف وَفِي رِوَايَة ابْن السكن: لَا تؤتمني بِالتَّاءِ الْمُثَلَّثَة الثَّقِيلَة وَسُكُون الْمِيم من الْإِثْم قَالَ عِيَاض: وَهُوَ الصَّوَاب، وَكَذَا وَقع فِي كَلَام أبي عُبَيْدَة، وَالْآيَة نزلت فِي جد ابْن قيس الْمُنَافِق قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لَك فِي جلاد بني الْأَصْفَر يَعْنِي الرّوم تتَّخذ مِنْهُم سراري ووصفاء؟ فَقَالَ: ائْذَنْ لي فِي الْقعُود عَنْك وَلَا تفتني بِذكر النِّسَاء فقد علم قومِي أَنِّي مغرم بِهن وَأَنِّي أخْشَى أَن لَا أَصْبِر عَنْهُن، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: اعتل جد ابْن قيس بقوله: وَلَا تفتني، وَلم يكن لَهُ عِلّة إلَاّ النِّفَاق. قَالَ تَعَالَى: {إِلَّا فِي الْفِتْنَة سقطوا} يَعْنِي: إلَاّ فِي الْإِثْم سقطوا.
كَرْها وَكُرْها
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قل اتَّفقُوا طَوْعًا أَو كرها لن يتَقَبَّل مِنْكُم} وَأَشَارَ بِأَن فِيهِ لغتين فتح الْكَاف وَضمّهَا فبالضم قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ حَمْزَة وَالْأَعْمَش وَيحيى بن وثاب وَالْكسَائِيّ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْح، وَالْمعْنَى: قل يَا مُحَمَّد انفقوا طائعين أَو مكرهين