رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد عمر بن الْخطاب الْغسْل من الْجَنَابَة، فَقَالَ بَعضهم: إِذا جَاوز الْخِتَان الْخِتَان فقد وَجب الْغسْل، وَقَالَ بَعضهم: المَاء من المَاء. فَقَالَ عمر: قد اختلفتم وَأَنْتُم أهل بدر الأخيار، فَكيف بِالنَّاسِ بعدكم؟ فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! إِن أردْت أَن تعلم ذَلِك فارسل إِلَى أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاسألهن عَن ذَلِك: فَأرْسل إِلَى عَائِشَة فَقَالَت: إِذا جَاوز الْخِتَان الْخِتَان فقد وَجب الْغسْل. فَقَالَ عمر عِنْد ذَلِك لَا أسمع أحدا يَقُول: المَاء من المَاء، إلَاّ جعلته نكالاً قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَهَذَا عمر قد حمل النَّاس على هَذَا بِحَضْرَة أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يُنكر ذَلِك عَلَيْهِ مُنكر وَادّعى ابْن الْقصار أَن الْخلاف ارْتَفع بَين التَّابِعين، وَفِيه نظر، لِأَن الْخطابِيّ قَالَ: قَالَ بِهِ جمَاعَة من الصَّحَابَة، فَسمى بَعضهم: وَمن التَّابِعين الْأَعْمَش، وَتَبعهُ القَاضِي عِيَاض: وَلكنه قَالَ: لم يقل بِهِ أحد من بعد أَصْحَابه غَيره، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ قد ثَبت ذَلِك عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، وَهُوَ فِي (سنَن أبي دَاوُد) بِإِسْنَاد صَحِيح حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: المَاء من المَاء) وَكَانَ أَبُو سَلمَة يفعل ذَلِك، وَعند هِشَام ابْن عُرْوَة عَن عبد الرَّزَّاق وَعِنْده أَيْضا عَن أبي جريح عَن عَطاء أَنه قَالَ: لَا تطيب نَفسِي حَتَّى اغْتسل من أجل اخْتِلَاف النَّاس لآخذ بالعروة الوثقى.
بِسم الله الرحمان الرَّحِيم
٦ - (كتاب الحيضِ)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْحيض. وَلما فرغ مِمَّا ورد فِي بَيَان أَحْكَام الطَّهَارَة من الإحداث أصلا وخلفاً، شرع فِي بَيَان مَا ورد فِي بَيَان الْحيض الَّذِي هُوَ من الأنجاس، وَقدم مَا ورد فِيهِ على مَا ورد فِي النّفاس لِكَثْرَة وُقُوع الْحيض بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُقُوع النّفاس.