يَقْلِبُها، حَتَّى إِذا بَلَغَتْ بَاب المَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ مَسْكَنِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَرَّ بِهِما رَجُلان مِنَ الأنْصارِ، فَسَلَّما عَلى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثُمَّ نَفَذا، فَقَالَ لَهُما رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَلَى رْسكُما، إنَّما هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيّ، قَالَا: سُبْحانَ الله يَا رسولَ الله! وكَبُرَ عَلَيْهما مَا قَالَ، قَالَ: إنَّ الشَّيْطانَ يَجْرِي مِن ابنِ آدَمَ مَبْلَغَ الدَّمِ، وإنِّي خَشِيتُ أنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُما.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهمَا: (سُبْحَانَ الله) وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. وَالْآخر: عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَخِيه عبد الحميد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن زين العابدين عَن صَفِيَّة بنت حَيّ أم الْمُؤمنِينَ.
والْحَدِيث مضى فِي الِاعْتِكَاف فِي: بَاب هَل يخرج الْمُعْتَكف لحوائجه؟ وَمضى فِي صفة إِبْلِيس أَيْضا، وَفِي الْخمس أَيْضا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (تزوره) جملَة حَالية، وَالْوَاو فِي: (وَهُوَ معتكف) للْحَال. قَوْله: (الغوابر) أَي: الْبَاقِيَات، والغابر لفظ مُشْتَرك بَين الضدين يَعْنِي الْبَاقِي والماضي. قَوْله: (تنْقَلب) ، حَال أَي: تَنْصَرِف إِلَى بَيتهَا. قَوْله: (يقلبها) حَال أَيْضا، أَي: يصرفهَا إِلَى بَيتهَا. قَوْله: (حَتَّى إِذا بلغت) أَي: إِلَى أَن بلغت صَفِيَّة. قَوْله: (ثمَّ نفذا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، يُقَال: رجل نَافِذ فِي أمره أَي: ماضي، وَالْمعْنَى: نفذا مُسْرِعين، من قَوْلهم: نفذ السهْم من الرَّمية. قَوْله: (على رِسْلكُمَا) بِكَسْر الرَّاء أَي: على هنيتكما، وَيُقَال: إفعل كَذَا على رسلك، أَي: اتئذ فِيهِ وَلَا تستعجل. قَوْله: (فَقَالَا: سُبْحَانَ الله) أَي: الرّجلَانِ الْمَذْكُورَان، وقولهما: سُبْحَانَ الله، إِمَّا حَقِيقَة بِمَعْنى: تنزه الله تَعَالَى أَن يكون رَسُوله مُتَّهمًا بِمَا لَا يَنْبَغِي، وَإِمَّا كِنَايَة عَن التَّعَجُّب من هَذَا القَوْل. قَوْله: (وَكبر) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: عظم وشق عَلَيْهِمَا هَذَا القو. قَوْله: (قَالَ) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن الشَّيْطَان يجْرِي)
إِلَى آخِره. قَوْله: (مبلغ الدَّم) أَي: فِي مَوضِع مبلغ الدَّم، وَهُوَ فِي نفس الْأَمر تَشْبِيه، وَوجه الشّبَه عدم الْمُفَارقَة وَكَمَال الِاتِّصَال. قَوْله: (ويقذف) أَي: يقذف الشَّيْطَان شَيْئا فِي قُلُوبكُمَا تهلكان بِسَبَبِهِ، لِأَن مثل هَذِه التُّهْمَة فِي حَقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكَاد تكون كفرا، نَعُوذ بِاللَّه.
١٢٢ - (بابُ النَّهْيْ عَنْ الخَذْفِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان النَّهْي عَن الْخذف، بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الذَّال المعجمتين وبالفاء، وَهُوَ رمي الْحَصَى بالأصابع، وَقَالَ ابْن بطال: هُوَ الرَّمْي بالسبابة وَالْإِيهَام، وَالْمَقْصُود النَّهْي عَن أَذَى الْمُسلمين.
٦٢٢٠ - حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ قَتادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بنَ صُهْبانَ الأزْدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الله بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيّ قَالَ: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنِ الخَذْفِ، وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ ولَا يَنْكأُ العَدُوَّ، وإنَّهُ يَفْقَأُ العَيْنَ ويَكْسِرُ السِّنَّ. (انْظُر الحَدِيث ٤٨٤١ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعقبَة بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف ابْن صهْبَان بِضَم الصَّاد وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وبالنون الْأَزْدِيّ بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الزَّاي وبالدال الْمُهْملَة، نِسْبَة إِلَى أزدين الْغَوْث، قَبيلَة وَعبد الله بن الْمُغَفَّل بِضَم الْمِيم وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْفَاء الْمَفْتُوحَة الْمُزنِيّ نِسْبَة إِلَى مزينة بنت كلب قَبيلَة كَبِيرَة.
والْحَدِيث قد مضى فِي تَفْسِير سُورَة الْفَتْح عَن عَليّ بن عبد الله عَن شَبابَة، وَفِي الصَّيْد والذبائح أَيْضا.
قَوْله: (وَلَا ينْكَأ) أَي: لَا يقتل الْعَدو من النكاية، وَهُوَ قتل الْعَدو وجرحه. قَوْله: (يفقأ) بِالْفَاءِ وَالْقَاف من الفقء بِالْهَمْزَةِ وَهُوَ الْقلع.
١٢٣ - (بابُ الحَمْدِ لِلْعاطِسِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة الْحَمد لله للعاطس.