أُكَفِّنْهُ فِيهِ وصَلِّ عَليهِ واسْتغْفِر لَهُ، فأعْطاهُ قَمِيصَهُ، وَقَالَ لهُ: إِذا فَرَغْتَ مِنْهُ فآذِنَّا، فلَمَّا فرَغَ آذَنَهُ بِهِ فَجاءَ لِيُصَلِّيَ عَليْهِ فَجذَبَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: ألَيْسَ قَدْ نَهاكَ الله أنْ تُصَلِّيَ على المُنافِقِينَ؟ فَقَالَ: {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} (التَّوْبَة: ٨٠) . فَنَزَلَتْ: {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره} (التَّوْبَة: ٨٤) فَتَرَك الصَّلاةَ عَليْهِمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أَعْطِنِي قَمِيصك) وَفِي قَوْله: (فَأعْطَاهُ قَمِيصه) .
وَصدقَة هُوَ ابْن الْفضل، وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ.
والْحَدِيث مضى فِي سُورَة بَرَاءَة وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: لم أر للقميص ذكرا صَحِيحا إِلَّا فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة. وقصة ابْن أبي، وَلم أر لَهما ثَالِثا فِيمَا يتَعَلَّق بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ جَاءَ ذكر الْقَمِيص فِي عدَّة أَحَادِيث أخر. مِنْهَا: حَدِيث عَائِشَة الَّذِي مضى فِي الْجَنَائِز: كفن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثَة أَثوَاب لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة. وَمِنْهَا: حَدِيث أم سَلمَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: (كَانَ أحب الثِّيَاب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَمِيص) وَمِنْهَا: حَدِيث أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن، قَالَت: (كَانَ كم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الرسغ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا. وَمِنْهَا: حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لبس قَمِيصًا بَدَأَ بميامنه) ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا، ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ غير وَاحِد عَن شُعْبَة وَلم يرفعهُ وَإِنَّمَا رَفعه عبد الصَّمد بن عبد الْوَهَّاب عَن شُعْبَة وَمن هَذَا الْوَجْه أخرجه ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) وَمِنْهَا: حَدِيث أبي سعيد أخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا: كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا استجد ثوبا سَمَّاهُ باسم عِمَامَة أَو قَمِيصًا أَو رِدَاء وَذكر أَبُو دَاوُد أَن حَمَّاد بن سَلمَة وَعبد الْوَهَّاب أَرْسلَاهُ.
٩ - (بابُ جَيْبِ القَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ وغيْرِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر جيب الْقَمِيص الْكَائِن من عِنْد الصَّدْر، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا وَقع فِي حَدِيث الْبَاب من قَوْله: وَيَقُول بإصبعه هَكَذَا فِي جيبه، فَإِن الظَّاهِر أَنه كَانَ لابس قَمِيص وَكَانَ فِي طوقه فَتْحة إِلَى صَدره، وَعَن هَذَا قَالَ ابْن بطال: كَانَ الجيب فِي ثِيَاب السّلف عِنْد الصَّدْر، وَاعْترض الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ: كَانَ أَبَا عبد الله أورد الْخَبَر فَيصير مَا يوضع فِيهِ شَيْء فِي الصَّدْر وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا الجيب الَّذِي يُحِيط بالعنق جيب فِي الثَّوْب أَي: جعل فِيهِ ثقب وإدخاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إصبعيه من الجيب حَيْثُ يَلِي الصَّدْر. قلت: الجيب بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالباء الْمُوَحدَة، وَهُوَ مَا يقور من الثَّوْب ليخرج مِنْهُ رَأس اللابس، وَيُسمى ذَلِك الْموضع المقور جيباً، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الجيب للقميص، تَقول: جبت الْقَمِيص أجوبة وأجيبه إِذا قورت جيبه، وَذكره فِي بَاب معتل الْعين من الْوَاو، وَفِي (الْمطَالع) : وَقيل: هُوَ من ذَوَات الْيَاء.
٥٧٩٧ - حدّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا أبُو عامِرٍ حَدثنَا إبْراهِيمُ بنُ نافِعٍ عنِ الحَسَنِ عنْ طاوُوس عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: ضَرَبَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَثَلَ البَخِيلِ والْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَليْهِما جُبَّتانِ مِنْ حَدِيدٍ قَدِ اضْطَرَّتْ أيْدِيهُما إِلَى ثُدِيِّهِما وتَرَاقِيهِما، فَجَعَلَ المتَصَدِّقُ كُلَّما تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ حتَّى تَغْشَى أنامِلَهُ وتعْفُوَ أثَرَهُ، وجَعَلَ البخِيلُ كُلَّما هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ وأخَذَتْ كلُّ حَلْقَةٍ بِمَكانِها، قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: فَأَنا رأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ بإصْبَعِهِ هاكَذَا فِي جَيْبِهِ، فَلوْ رأيْتَهُ يُوَسِّعُها وَلَا تَتَوَسَّعُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَيَقُول بإصبعه هَكَذَا فِي جيبه) وَتَمام الْكَلَام مر آنِفا، وَعبد الله بن مُحَمَّد هُوَ المنسدي، وَأَبُو عَامر عبد الْملك الْعَقدي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالْقَاف، وَإِبْرَاهِيم بن نَافِع المَخْزُومِي، وَالْحسن هُوَ ابْن مُسلم بن يناق الْمَكِّيّ.
والْحَدِيث قد مرفى الزَّكَاة فِي: بَاب مثل الْمُتَصَدّق والبخيل، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ من طَرِيقين، وَأخرجه أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل: مثل الْبَخِيل والمتصدق شبههما برجلَيْن أَرَادَ كل مِنْهُمَا أَن يلبس درعاً، فَجعل مثل الْمُنفق مثل من لبسهَا سابغة فاسترسلت عَلَيْهِ