هَذَا الْكَلَام، وَلَكِن عدم الْفَهم وأريحية العصبية يحْملَانِ الرجل على أَن أخبط من هَذَا، وَقَاعِدَة أَصْحَابنَا فِيمَا قَالُوهُ لَيست على الْإِطْلَاق بل هِيَ لَا يَخْلُو الصَّحَابِيّ فِي عمله بِمَا رأى لَا بِمَا رُوِيَ أَنه إِن كَانَ عمله أَو فتواه قبل الرِّوَايَة أَو قبل بُلُوغه إِلَيْهِ كَانَ الحَدِيث حجَّة، وَإِن كَانَ بعد ذَلِك لم يكن حجَّة، لِأَنَّهُ ثَبت عِنْده أَنه مَنْسُوخ، فَلذَلِك عمل بِمَا رَآهُ لَا بِمَا رَوَاهُ، على أَن ابْن عبد الْبر قد ذكر أَن عَائِشَة أَيْضا كَانَت مِمَّن حرم لبن الْفَحْل.
٣٢ - (بابُ شَهادَةِ المُرْضِعَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان شَهَادَة الْمُرضعَة بِالرّضَاعِ وَحدهَا، وَفِيه خلاف، فَروِيَ عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وطاووس جَوَاز شَهَادَة وَاحِدَة فِيهِ إِذا كَانَت مُرْضِعَة، وتستحلف مَعَ شهادتها، وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ، وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: إِنَّه أجَاز شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة فِي ذَلِك إِذا شهِدت قبل أَن تتزوجه، فَأَما بعده فَلَا وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه: لَا يقبل فِي ذَلِك إِلَّا شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه، وَقَالَ مَالك: تقبل شَهَادَة امْرَأتَيْنِ دون رجل، وَبِه قَالَ الحكم، وَقَالَت طَائِفَة: لَا يقبل فِي ذَلِك أقل من أَربع نسْوَة، رُوِيَ ذَلِك عَن عَطاء وَالشعْبِيّ، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي.