مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث لِأَن الَّذِي يجْتَنب عَمَّا نَهَاهُ نَبِي الله ويأتمر بِمَا أمره بِهِ يكون مِمَّن اقْتدى بسنن النَّبِي
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز والْحَدِيث من أَفْرَاده بِهَذَا الْوَجْه.
قَوْله: دَعونِي أَي: اتركوني. قَوْله: مَا تركتكم أَي: مُدَّة تركي إيَّاكُمْ، وَإِنَّمَا غاير بَين اللَّفْظَيْنِ لِأَن الْمَاضِي أميت من بَاب يدع، وَأما قِرَاءَة {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} بِالتَّخْفِيفِ فشاذة. قَوْله: هلك على صِيغَة الْمَعْلُوم من الْمَاضِي: وَمن فَاعله وَهُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: إِنَّمَا أهلك، على صِيغَة الْمَعْلُوم أَيْضا من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ، وَيكون سُؤَالهمْ مَرْفُوعا فَاعله. وَقَوله: من كَانَ مَفْعُوله وَلَيْسَ فِيهِ الْبَاء، وَأما على رِوَايَة غير الْكشميهني بِالْبَاء: بسؤالهم أَي: بِسَبَب سُؤَالهمْ. قَوْله: وَاخْتِلَافهمْ بِالرَّفْع والجر بِحَسب الْعَطف على مَا قبله. قَوْله: وَإِذا أَمرتكُم بِأَمْر وَفِي رِوَايَة مُسلم: بِشَيْء. قَوْله: فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم أَي: افعلوا قدر استطاعتكم، وَقَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا من جَوَامِع الْكَلم وقواعد الْإِسْلَام وَيدخل فِيهِ كثير من الْأَحْكَام كَالصَّلَاةِ لمن عجز عَن ركن أَو شَرط فَيَأْتِي بالمقدور، وَكَذَا الْوضُوء وَستر الْعَوْرَة وَحفظ بعض الْفَاتِحَة والإمساك فِي رَمَضَان لمن أفطر بالعذر ثمَّ قدر فِي أثْنَاء النَّهَار إِلَى غير ذَلِك من الْمسَائِل الَّتِي يطول شرحها.
٣ - (بابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يكره من كَثْرَة السُّؤَال عَن أُمُور مُعينَة، ورد الشَّرْع بِالْإِيمَان بهَا مَعَ ترك كيفيتها، وَالسُّؤَال عَمَّا لَا يكون لَهُ شَاهد فِي عَالم الْحس، كالسؤال عَن قرب السَّاعَة وَعَن الرّوح وَعَن مُدَّة هَذِه الْأمة إِلَى أَمْثَال ذَلِك مِمَّا لَا يعرف إلَاّ بِالنَّقْلِ الصّرْف. قَوْله: وتكلف مَا لَا يعنيه، أَي: مَا لَا يهمه.
وقَوْله تَعَالَى: {}
وَقَوله بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: مَا يكره، وَكَأَنَّهُ اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة على الْمُدَّعِي من الْكَرَاهَة، وَفِي سَبَب نُزُولهَا اخْتِلَاف. فَقَالَ سعيد بن جُبَير: نزلت فِي الَّذين سَأَلُوا عَن الْبحيرَة والسائبة والوصيلة، أَلا ترى أَن مَا بعْدهَا: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلَا سَآئِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَاكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: سَأَلُوهُ عَن أُمُور الْجَاهِلِيَّة الَّتِي عفى الله عَنْهَا، وَلَا وَجه للسؤال عَمَّا عفى الله عَنْهَا. وَقيل: كَانَ الَّذِي سَأَلَ رَسُول الله عَن أَبِيه ينازعه رجلَانِ فَأخْبرهُ بِأَنَّهُ مِنْهُمَا. وَاعْلَم أَن السُّؤَال عَن مثل هَذَا لَا يَنْبَغِي، وَإنَّهُ أظهر فِيهِ الْجَواب سَاءَ ذَلِك السَّائِل وَأدّى ذَلِك إِلَى فضيحته، وَقيل: إِنَّمَا نهى فِي هَذِه الْآيَة لِأَنَّهُ وَجب السّتْر على عباده رَحْمَة مِنْهُ لَهُم، وَأحب أَن لَا يقترحوا الْمسَائِل. وَقَالَ الْمُهلب: وأصل النَّهْي عَن كَثْرَة السُّؤَال والتنطع فِي الْمسَائِل مُبين فِي قَوْله تَعَالَى فِي بقرة بني إِسْرَائِيل حِين أَمرهم الله بِذبح بقرة، فَلَو ذَبَحُوا أَي بقرة كَانَت، لكانوا مؤتمرين غير عاصين، فَلَمَّا شَدَّدُوا شدد الله عَلَيْهِم، وَقيل: أَرَادَ النَّهْي عَن أَشْيَاء سكت عَنْهَا، فكره السُّؤَال عَنْهَا لِئَلَّا يحرم شَيْئا كَانَ مسكوتاً عَنهُ.
٧٢٨٩ - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ المُقْرِىءُ، حدّثنا سَعيدٌ، حدّثني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهاب، عنْ عامِرِ بنِ سَعْدٍ بنِ أبي وقَّاصٍ، عنْ أبِيهِ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إنَّ أعْظَمَ المسْلِمِينَ جُرْماً مَنْ سألَ عنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أجْلِ مَسْألَتِهِ.
مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَسَعِيد هُوَ ابْن أبي أَيُّوب الْخُزَاعِيّ الْمصْرِيّ، وَاسم أبي أَيُّوب مِقْلَاص بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَفِي آخِره صَاد مُهْملَة، وَكَانَ ثِقَة ثبتاً. قَوْله: عَن أَبِيه هُوَ سعد بن أبي وَقاص.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي، عَن يحيى بن يحيى وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة.
قَوْله: إِن أعظم الْمُسلمين جرما أَي: من حَيْثُ الجرم أَي: الذَّنب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: إِن أعظم النَّاس فِي الْمُسلمين جرما، قَالَ الطَّيِّبِيّ