شيخ شَيْخي: فِيهِ من الْمُبَالغَة أَنه جعله عَظِيما ثمَّ فسره بقوله: جرما، ليدل على أَنه نفس الجرم. وَقَوله: فِي الْمُسلمين أَي: فِي حَقهم. قَوْله: عَن شَيْء وَفِي رِوَايَة سُفْيَان: عَن أَمر. قَوْله: لم يحرم على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّحْرِيم صفة لقَوْله: شَيْء. قَوْله: فَحرم على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا من التَّحْرِيم، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَلَيْهِم، وَله من رِوَايَة سُفْيَان: عَلَيْهِم، وَقَالَ ابْن بطال عَن الْمُهلب: ظَاهر الحَدِيث يتَمَسَّك بِهِ الْقَدَرِيَّة فِي أَن الله يفعل شَيْئا من أجل شَيْء وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ على كل شَيْء قدير، فَهُوَ فَاعل السَّبَب والمسبب كل ذَلِك بتقديره، وَلَكِن الحَدِيث مَحْمُول على التحذير مِمَّا ذكر فَعظم جرم من فعل ذَلِك لِكَثْرَة الكارهين لفعله، وَقَالَ غَيره: أهل السّنة لَا يُنكرُونَ إِمْكَان التَّعْلِيل، وَإِنَّمَا يُنكرُونَ وُجُوبه فَلَا يمْتَنع أَن يكون الْمُقدر الشَّيْء الْفُلَانِيّ يتَعَلَّق بِهِ الْحُرْمَة إِن سُئِلَ عَنهُ، وَقد سبق الْقَضَاء بذلك، لَا أَن السُّؤَال عِلّة للتَّحْرِيم. فَإِن قلت: قَوْله تَعَالَى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَاّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُو اْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} يدل على وجوب السُّؤَال. قلت: هُوَ معَارض بقوله: لَا تسألوا عَن أَشْيَاء فالتحقيق أَن الْمَأْمُور بِهِ هُوَ مَا تقرر حكمه من وجوب وَنَحْوه، والمنهي هُوَ مَا لم يتعبد الله بِهِ عباده وَلم يتَكَلَّم بِحكم فِيهِ. فَإِن قلت: السُّؤَال لَيْسَ يتَعَلَّق بِهِ حُرْمَة وَلَئِن تعلّقت بِهِ فَلَيْسَ بكبيرة، وَلَئِن كَانَت فَلَيْسَتْ بأكبر الْكَبَائِر. قلت: السُّؤَال عَن الشَّيْء بِحَيْثُ يصير سَببا لتَحْرِيم شَيْء مُبَاح هُوَ أعظم الجرائم لِأَنَّهُ صَار سَببا لتضييق الْأَمر على جَمِيع الْمُسلمين، فالقتل مثلا مضرته رَاجِعَة إِلَى الْمَقْتُول وَحده بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ عَام للْكُلّ.
٧٢٩٠ - حدّثنا إسْحاقُ أخبرنَا عَفَّانُ، حدّثنا وُهَيْبٌ، حدّثنا موسَى بنُ عُقْبَةَ سَمِعْتُ أَبَا النَّضْر يُحَدِّثُ عنْ بُسْرِ بنِ سَعِيدٍ، عنْ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ أنَّ النّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي المَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ، فَصَلَّى رسولُ الله فِيها لَيالِي حتَّى اجْتَمَعَ إلَيْهِ ناسٌ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً، فَظَنّوا أنّهُ قَد نامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إلَيْهِمْ. فَقَالَ: مَا زَال بِكُمُ الّذِي رَأيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، حتَّى خَشِيْتُ أنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ، فَصَلُّوا أيُّها النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فإنَّ أفْضَلَ صَلَاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلاّ المَكْتُوبَةَ
انْظُر الحَدِيث ٧٣١ وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة للجزء الثَّانِي وَهِي إِنْكَاره مَا صَنَعُوا من تكلّف مَا لم يَأْذَن لَهُم فِيهِ من الجمعية فِي الْمَسْجِد فِي صَلَاة اللَّيْل.
وَشَيْخه إِسْحَاق هُوَ ابْن مَنْصُور، وَقَالَ الجياني: لَعَلَّه ابْن مَنْصُور أَو ابْن رَاهَوَيْه، وَعَفَّان هُوَ ابْن مُسلم الصفار، ووهيب هُوَ ابْن خَالِد، وَأَبُو النَّضر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْمُعْجَمَة سَالم بن أبي أُميَّة، وَبسر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة ابْن سعيد مولى الْحَضْرَمِيّ من أهل الْمَدِينَة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة عَن عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: اتخذ حجرَة بالراء وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: بالزاي، وهما بِمَعْنى، قَالَ الْكرْمَانِي: اتخذ حجرَة أَي: حوط موضعا فِي الْمَسْجِد بحصير يستره من النَّاس ليُصَلِّي فِيهِ. قَوْله: ليَالِي أَي: من رَمَضَان، وَذَلِكَ كَانَ فِي التَّرَاوِيح. قَوْله: من صنيعكم بِفَتْح الصَّاد وَكسر النُّون وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: من صنعكم، بِضَم الصَّاد وَسُكُون النُّون. قَوْله: أَن يكْتب أَي: يفْرض. قَوْله: إِلَّا الْمَكْتُوبَة أَي: إِلَّا الْمَفْرُوضَة. فَإِن قلت: صَلَاة الْعِيد وَنَحْوهَا شرع فِيهَا الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد؟ قلت: لَهَا حكم الْفَرِيضَة لِأَنَّهَا من شعار الشَّرْع. فَإِن قلت: تَحِيَّة الْمَسْجِد وركعتا الطّواف لَيْسَ الْبَيْت فيهمَا أفضل. قلت: الْعَام قد يخص بالأدلة الخارجية، وتحية الْمَسْجِد لتعظيم الْمَسْجِد فَلَا تصح إلَاّ فِيهِ، وَمَا من عَام، إلَاّ وَقد خص إلَاّ قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَوااْ لَا يَقُومُونَ إِلَاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُو اْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَوااْ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَوااْ فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَائِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وَغَيرهَا
٧٢٩١ - حدّثنا يُوسُفُ بنُ مُوسَى، حَدثنَا أبُو أُسامَةَ، عنْ بُرَيْدِ بنِ أبي بُرْدَةَ، عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبي مُوسَى الأشْعَرِيِّ قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله عنْ أشْيَاءَ كَرِهَها، فَلمَّا أكْثَرُوا عَلَيْهِ المَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ: سَلُونِي فقامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رسُولَ الله مَنْ أبي؟ قَالَ: أبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute