قَالَ استلمها كلهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء من الْبَيْت يهجر، فَقَالَ عمر: أما رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَلم مِنْهَا إِلَّا الْحجر؟ قَالَ يعلى: بلَى، قَالَ: فَمَا لَك أُسْوَة؟ قَالَ: بلَى.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: يُسْتَفَاد من هَذَا الحَدِيث مذهبان: الأول: من يسْتَلم الْأَركان كلهَا، وَهُوَ مَذْهَب مُعَاوِيَة وَعبد الله ابْن الزبير وَجَابِر بن زيد وَعُرْوَة بن الزبير وسُويد بن غَفلَة، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وَهُوَ مَذْهَب جَابر بن عبد الله وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَأنس بن مَالك. الثَّانِي: مَذْهَب ابْن عَبَّاس وَعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ومذهبهما أَنه: لَا يسْتَلم إلَاّ الرُّكْن الْأسود والركن الْيَمَانِيّ، وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة أَيْضا لِأَنَّهُمَا على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وَقَالَ أَكثر أهل الْعلم: لَا يسن استلام الرُّكْنَيْنِ الشاميين. وروى ابْن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا ابْن نمير عَن حجاج عَن عَطاء قَالَ: أدْركْت شَيخنَا ابْن عَبَّاس وجابرا وَأَبا هُرَيْرَة وَعبيد بن عُمَيْر لَا يستلمون غَيرهمَا من الْأَركان، يَعْنِي: الْأسود واليماني. قَالَ: وَحدثنَا عبيد الله عَن عُثْمَان بن أبي الْأسود عَن مُجَاهِد، قَالَ: الركنان اللَّذَان يليان الْحجر لَا يستلمان. وَفِي كتاب الْحميدِي، من حَدِيث النَّخعِيّ عَن عَائِشَة مَرْفُوعا: (مَا مَرَرْت بالركن الْيَمَانِيّ قطّ إلَاّ وجدت جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، قَائِما عِنْده) . وَمن حَدِيث الحكم بن أبان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مثله، بِزِيَادَة قَوْله: (يَا مُحَمَّد أدن فاستلم) . وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة (وكَلَ الله بِهِ سبعين ألف ملك) . وَفِي حَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا: (مسحهما كَفَّارَة للخطايا) ، رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد، وَالله أعلم.
٠٦ - (بابُ تَقْبِيلِ الحَجَرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة تَقْبِيل الْحجر وَهُوَ بِفَتْح الْحَاء وَالْجِيم وَهُوَ الْحجر الْأسود.
٠١٦١ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ سِنَانٍ قَالَ حدَّثنا يَزيدُ بنُ هَارُونَ قَالَ أخبرَنا ورْقَاءُ قَالَ أخبرنَا زَيْدُ بنُ أسْلَمَ عنْ أبِيهِ قالَ رَأيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَبَّلَ الحَجَرَ وَقَالَ لَوْلا أنِّي رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.
(انْظُر الحَدِيث ٧٩٥١ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد مر هَذَا الحَدِيث بأتم مِنْهُ فِي: بَاب الرمل فِي الْحَج وَالْعمْرَة. أخرجه عَن سعيد بن أبي مَرْيَم عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه إِلَى آخِره، وَمر أَيْضا فِي: بَاب مَا ذكر فِي الْحجر الْأسود، أخرجه عَن مُحَمَّد ابْن كثير عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَابس بن ربيعَة عَن عمر إِلَى آخِره، وَأخرجه هُنَا عَن أَحْمد بن سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون الأولى: أَبُو جَعْفَر الْقطَّان الوَاسِطِيّ صَاحب الْمسند إِمَام زَمَانه، مَاتَ بعد البُخَارِيّ سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، عَن يزِيد بن هَارُون الوَاسِطِيّ، وَقد مر فِي: بَاب وضع المَاء عِنْد الْخَلَاء، عَن زيد بن أسلم، بِلَفْظ الْمَاضِي، الحبشي البجاوي، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالْجِيم: مولى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ زمن عبد الْملك، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
١١٦١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ عَنِ الزّبَيْرِ بنِ عَرَبِيٍّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ اسْتِلامِ الْحَجَرِ فَقَالَ رأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَلِمُهُ ويُقَبِّلُهُ قَالَ قُلْتُ أرَأيْتَ إنْ زُحِمْتُ أرَأيْتَ إنْ غُلِبْتُ قَالَ اجْعَلْ أرَأيْتَ بالْيَمَنِ رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَلِمُهُ ويُقَبِّلُهُ.
(انْظُر الحَدِيث ٦٠٦١) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم: خَمْسَة: الأول: مُسَدّد، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: حَمَّاد بن زيد. الثَّالِث: زبير بن عَرَبِيّ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبالراء وبالباء الْمُوَحدَة الْمَكْسُورَة ثمَّ يَاء النِّسْبَة، وَوَقع عِنْد الْأصيلِيّ عَن أبي أَحْمد الْجِرْجَانِيّ الزبير بن عدي، بدال مُهْملَة مَكْسُورَة بعْدهَا يَاء مُشَدّدَة. وَقَالَ الغساني هُوَ وهم. الرَّابِع: الرجل الْمَجْهُول ظَاهرا وَلَكِن هُوَ الزبير بن عَرَبِيّ الرَّاوِي، كَذَلِك وَقع فِي رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن حَمَّاد حَدثنَا الزبير سَأَلت ابْن عمر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute