وهُمَا غادِيانِ مِنْ مِنىً إلَى عَرَفَةَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا اليَوْمِ مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كانَ يُهِلُّ مِنَّا المُهِلُّ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ ويُكَبِّرُ مِنَّا المُكَبِّرُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ.
(انْظُر الحَدِيث ٠٧٩) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد ذكرُوا. وَأما الثَّقَفِيّ فَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيح عَن أنس وَلَا غَيره غير هَذَا الحَدِيث، وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي أَبْوَاب الْعِيدَيْنِ فِي: بَاب التَّكْبِير أَيَّام منى وَإِذا غَدا إِلَى عَرَفَة، أخرجه عَن أبي نعيم عَن مَالك بن أنس قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي بكر الثَّقَفِيّ، قَالَ: سَأَلت أنسا وَنحن غاديان من منى إِلَى عَرَفَات عَن التَّلْبِيَة، كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: كَانَ يُلَبِّي الملبي لَا يُنكر عَلَيْهِ، وَيكبر المكبر فَلَا يُنكر عَلَيْهِ، فَانْظُر التَّفَاوُت بَينهمَا فِي السَّنَد والمتن وَالْمعْنَى وَاحِد. وَقَوله: فِي هَذَا الطَّرِيق: (كَانَ يُلَبِّي منا الملبي) ، يُوضح معنى قَوْله: (كَانَ يهل منا الْمهل) لِأَن الإهلال رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ. قَوْله: (وهما غاديان) جملَة إسمية وَقعت حَالا. أَي: ذاهبان غدْوَة. قَوْله: (كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ؟) أَي: من الذّكر طول الطَّرِيق، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي بكر، قَالَ: قلت لأنس بن مَالك غَدَاة عَرَفَة: مَا تَقول فِي التَّلْبِيَة فِي هَذَا الْيَوْم؟ قَالَ: سرت هَذَا الْمسير مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فمنا المكبر وَمنا الْمهل، لَا يعيب أَحَدنَا على صَاحبه. قَوْله: (فَلَا يُنكر عَلَيْهِ) ، بِضَم الْيَاء على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمُضَارع، وَقد مرت بَقِيَّة الْكَلَام هُنَاكَ.
٧٨ - (بابُ التَّهْجِيرِ بالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التهجير، وَهُوَ السّير فِي الهاجرة، وَكَذَلِكَ الهجر والهاجرة نصف النَّهَار عِنْد اشتداد الْحر، وَكَذَلِكَ الهجر، وَمِنْه يُقَال: هجر النَّهَار، وَالْمرَاد بالتهجير بالرواح: أَن يهجر من نمرة إِلَى مَوضِع الْوُقُوف بِعَرَفَة، والنمرة، بِفَتْح النُّون وَكسر الْمِيم: مَوضِع بِقرب عَرَفَات خَارج الْحرم بَين طرف الْحَرْف وطرف عَرَفَات.
٠٦٦١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَالِمٍ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ إِلَى الحَجَّاجِ أنْ لَا يُخَالِفَ ابنَ عُمَرَ فِي الحجِّ فَجَاءَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَأَنا معَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ فصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الحَجَّاجِ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقال مالِكَ يَا أبَا عَبْدِ الرَّحْمانِ فَقَالَ الرَّوَاحَ إنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ قَالَ هاذِهِ السَّاعَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأنْظِرْنِي حتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأسِي ثُمَّ أخرُج فنزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ فسَارَ بَيْنِي وبَيْنَ أبِي فَقُلْتُ إنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فاقْصُرِ الخُطْبَةَ وعَجِّلِ الوُقُوفَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ الله فلَمَّا رَأى ذَلِكَ عَبْدُ الله قَالَ صَدَقَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُستفاد من قَوْله: (هَذِه السَّاعَة) لِأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى زَوَال الشَّمْس، وَهُوَ وَقت الهاجرة، وَهُوَ وَقت الرواح إِلَى الْموقف لما روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عمر، (قَالَ: غَدا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين صلى الصُّبْح فِي صَبِيحَة يَوْم عَرَفَة حَتَّى أَتَى عَرَفَة، فَنزل نمرة وَهُوَ منزل الإِمَام الَّذِي ينزل بِهِ بِعَرَفَة، حَتَّى إِذا كَانَ عِنْده صَلَاة الظّهْر رَاح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهجرا فَجمع بَين الظّهْر وَالْعصر، ثمَّ خطب النَّاس ثمَّ رَاح فَوقف) . وَأخرجه أَحْمد أَيْضا. وَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنه توجه من منى حِين صلى الصُّبْح بهَا، لَكِن فِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل الَّذِي رَوَاهُ مُسلم أَن توجهه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا كَانَ بعد طُلُوع الشَّمْس، وَلَفظه: (فَضربت لَهُ قبَّة بنمرة فَنزل بهَا حَتَّى زاغت الشَّمْس أَمر بالقصواء فرحلت، فَأتى بطن الْوَادي فَخَطب النَّاس. .) الحَدِيث بِطُولِهِ.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج أَيْضا عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَعَن أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح.
قَوْله: (كتب عبد الْملك) هُوَ ابْن مَرْوَان الْأمَوِي الْخَلِيفَة، وَالْحجاج هُوَ ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ، وَكَانَ واليا بِمَكَّة حِينَئِذٍ لعبد الْملك وأميرا على الْحَاج. قَوْله: (أَن لَا يُخَالف) بِلَفْظ النَّهْي وَالنَّفْي. قَوْله: (فِي الْحَج) أَي: فِي أَحْكَام الْحَج، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق أَشهب عَن مَالك: فِي أَمر الْحَج. قَوْله: