أَو تخلفه) شكّ من أحد الروَاة، أَي: حَتَّى يخلف الرجل الْجِنَازَة أَو تخلف الْجِنَازَة الرجل، وَقد رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة وَمُسلم عَنهُ وَعَن مُحَمَّد بن رمح، كِلَاهُمَا عَن اللَّيْث فَقَالَا: (حَتَّى تخلفه) من غير شكّ. قَوْله: (أَو تُوضَع) كلمة: أَو، هُنَا للتنويع لَا للشَّكّ أَي: تُوضَع الْجِنَازَة على الأَرْض من أَعْنَاق الرِّجَال.
٠١٣١ - حدَّثنا مُسْلِمٌ يَعْنِي ابنَ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ قَالَ حَدثنَا يَحْيَى عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ إذَا رَأيْتُمُ الجَنَازَةَ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ.
(أنظر الحَدِيث ٩٠٣١) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَلَا يقْعد حَتَّى تُوضَع) ، فَإِنَّهُ يدل على أَن زمن الْقعُود لمن مرت بِهِ جَنَازَة حِين وَضعهَا على الأَرْض إِذا تبعها، وَأما إِذا يتبعهَا فَإِنَّهُ يقوم إِلَى أَن تغيب عَنهُ الْجِنَازَة لما روى أَحْمد فِي (مُسْنده) من طَرِيق سعيد ابْن مرْجَانَة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (من صلى على جَنَازَة وَلم يمش مَعهَا، فَليقمْ حَتَّى تغيب عَنهُ، وَإِن مَشى مَعهَا فَلَا يقْعد حَتَّى تُوضَع) . وَشَيخ البُخَارِيّ هُوَ مُسلم بن أبراهيم، وَهِشَام هُوَ الدستوَائي، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وَالْكل قد ذكرُوا غير مرّة. قَوْله: (فَقومُوا) أَمر بِالْقيامِ، وَلَا يُؤمر بِالْقيامِ إلَاّ للقاعد، فَإِن كَانَ رَاكِبًا يقف لِأَن الْوُقُوف فِي حَقه كالقيام فِي حق الْقَاعِد.
٨٤ - (بابُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ فانْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيامِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من اتبع جَنَازَة، وَالْحكم هُوَ أَن لَا يقْعد حَتَّى تُوضَع الْجِنَازَة عَن مناكب الرِّجَال، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِي المُرَاد بِالْوَضْعِ: هَل هُوَ وَضعهَا على الأَرْض أَو فِي اللَّحْد؟ فَكَأَن البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَنه اخْتَار رِوَايَة من روى حَتَّى تُوضَع فِي الأَرْض. قَوْله: (أَمر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، مَعْنَاهُ: أَن الَّذِي مرت بِهِ جَنَازَة إِن كَانَ قَائِما ثمَّ قعد فَإِنَّهُ يُؤمر بِالْقيامِ إِلَى أَن تُوضَع، وَقد مر الْكَلَام فِي الْأَمر بِالْقيامِ: هَل كل وَاجِبا أَو سنة أَو مُسْتَحبا؟
٩٠٣١ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبِي ذِئْبٍ عنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عنْ أبِيهِ. قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فأخَذَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ بِيَدِ مَرْوَانَ فَجَلَسَا قَبْلَ أنْ تُوضَعَ فَجَاءَ أبُو سعِيدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فأخَذَ بِيَدَ مَرْوَانَ فَقَالَ قُمْ فَوَالله لَقَدْ عَلِمَ هاذَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَانَا عنْ ذالِكَ فَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ صَدَقَ.
(الْحَدث ٩٠٣١ طرفه فِي: ٠١٣١) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن أَبَا سعيد أَمر بِالْقيامِ للجنازة بعد أَن جلس هُوَ وَأَبُو هُرَيْرَة فَإِن قلت: سلمنَا أَنه أَمر مَرْوَان بِالْقيامِ، وَلَكِن قِيَامه لَا يفهم من صَرِيح الحَدِيث؟ قلت: روى الطَّحَاوِيّ من طَرِيق الشّعبِيّ عَن أبي سعيد، قَالَ: مر على مَرْوَان بِجنَازَة فَلم يقم، فَقَالَ لَهُ أَبُو سعيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرت عَلَيْهِ جَنَازَة فَقَامَ، فَقَامَ مَرْوَان، وأصل الحَدِيث وَاحِد.
ذكر رِجَاله: وهم أَحْمد بن يُونُس وَهُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس أَبُو عبد الله التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي الْكُوفِي، وَابْن أبي ذِئْب، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة: هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، وَسَعِيد المَقْبُري، بِفَتْح الْمِيم وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتحهَا وَقيل بِكَسْرِهَا أَيْضا: سمي بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يحفظ مَقْبرَة بني دِينَار، وَأَبوهُ كيسَان، ومروان هُوَ ابْن الحكم بن أبي الْعَاصِ أَبُو عبد الْملك الْأمَوِي، وَأَبُو سعيد هُوَ الْخُدْرِيّ واسْمه سعد بن مَالك، وَالْكل تقدمُوا. والْحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
قَوْله: (لقد علم هَذَا) أَي: أَبُو هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَانَا عَن الْجُلُوس قبل وضع الْجِنَازَة. قَوْله: (صدق) ، أَي: أَبُو سعيد، وَفِي (التَّوْضِيح) : قعُود أبي هُرَيْرَة ومروان دَلِيل على أَنَّهُمَا علما أَن الْقيام لَيْسَ بِوَاجِب، وَأَنه أَمر مَتْرُوك لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَل، لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يكون الْعَمَل على الْقيام عِنْدهم، ويجلسان، وَلَو كَانَ مَعْمُولا بِهِ لما خَفِي على مَرْوَان لتكرر مثل هَذَا الْأَمر وَكَثْرَة شهودهم الْجَنَائِز. فَإِن قلت: مَا وَجه تَصْدِيق أبي هُرَيْرَة أَبَا سعيد على مَا ذكر؟ قلت: تَصْدِيقه إِيَّاه لأجل مَا علم من