٥١ - (بابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الغَدْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يحذر من سوء الْغدر، وَهُوَ ضد الْوَفَاء، وَنقض الْعَهْد يحذر، على صِيغَة الْمَجْهُول من: حذر ويحذر حذرا، ويروى: يحذر، بِالتَّشْدِيدِ من: التحذير.
وقَوْلِهِ تَعَالى: {وإنْ يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فإنَّ حَسْبَكَ الله} (الْأَنْفَال: ٢٦) . الآيةَ
وَقَوله، بِالْجَرِّ عطفا على مَا يحذر، لِأَنَّهُ مجرور بِالْإِضَافَة، تَقْدِيره: وَفِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: {وَإِن يُرِيدُوا} (الْأَنْفَال: ٢٦) . أَي: وَإِن يرد الْكفَّار بِالصُّلْحِ خديعة ليتقووا ويستعدوا {فَإِن حَسبك الله} (الْأَنْفَال: ٢٦) . أَي: كافيك وَحده، وَهَذِه الْآيَة بعد قَوْله: {وَإِن جنحوا للسلم} (الْأَنْفَال: ١٦) . وَبعدهَا ذكر نعْمَة الله عَلَيْهِ بقوله: {هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَألف بَين قُلُوبهم} (الْأَنْفَال: ٣٦) . أَي: جمعهَا على الْإِيمَان بك وعَلى طَاعَتك ومناصرتك. فَإنَّك: {مَا ألفت بَين قُلُوبهم وَلَكِن الله ألف بَينهم إِنَّه عَزِيز حَكِيم} (الْأَنْفَال: ٣٦) . .
٦٧١٣ - حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ قَالَ حدَّثنا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ قَالَ حدَّثنا عبْدُ الله بنُ الْعَلاءِ بنِ زِبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ بُسْرَ بنَ عُبَيْدِ الله أنَّهُ سَمِعَ أَبَا إدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بنَ مَالِكٍ قَالَ أتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وهْوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أدَمٍ فقالَ اعْدُدْ سِتَّاً بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأُخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مائَةَ دِينارٍ فيَظَلُّ ساخِطَاً ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إلَاّ دَخَلْتُهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونِ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ بَني الأصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمانِينَ غايَةً تَحْتَ كلِّ غَايَةٍ إثْنَا عَشَرَ ألْفَاً.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فيغدرون) .
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: الْحميدِي، وَهُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى ونسبته إِلَى أحد أجداده. الثَّانِي: الْوَلِيد بن مُسلم الْقرشِي أَبُو الْعَبَّاس. الثَّالِث: عبد الله بن الْعَلَاء بن زبر، بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء: الربعِي، بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة وبالعين الْمُهْملَة. الرَّابِع: بسر، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفِي آخِره رَاء: ابْن عبيد الله الْحَضْرَمِيّ. الْخَامِس: أَبُو إِدْرِيس عَائِذ الله بِالْعينِ الْمُهْملَة والهمزة، بعد الْألف وبالذال الْمُعْجَمَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: بِكَسْر الْيَاء آخر الْحُرُوف بعد الْألف: الْخَولَانِيّ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وبالنون. السَّادِس: عَوْف ابْن مَالك الْأَشْجَعِيّ، مَاتَ بِالشَّام سنة ثَلَاث وَسبعين.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: السماع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن هَؤُلَاءِ كلهم شَامِيُّونَ إلَاّ شيخ البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ مكي. وَفِيه: عبد الله بن الْعَلَاء، سَمِعت بسر بن عبيد الله، وَوَقع فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق دُحَيْم عَن الْوَلِيد عَن عبد الله بن الْعَلَاء عَن زيد بن وَاقد: عَن بسر بن عبيد الله: وَلَا يضر هَذَا رِوَايَة البُخَارِيّ، فَإِن عبد الله بن الْعَلَاء صرح بِالسَّمَاعِ عَن بسر، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَابْن مَاجَه وَغَيرهمَا مثل رِوَايَة البُخَارِيّ لَيْسَ فِيهَا زيد بن وَاقد.
وَأَبُو دَاوُد أخرجه فِي الْأَدَب عَن مُؤَمل بن الْفضل وَعَن صَفْوَان بن صَالح. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن دُحَيْم عَن الْوَلِيد بن مُسلم.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فِي غَزْوَة تَبُوك) ، كَانَت فِي سنة ...
. . قَوْله: (وَهُوَ فِي قبَّة من أَدَم) ، الْقبَّة: بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: الخرقاهة، وكل بِنَاء مدور فَهُوَ قبَّة، وَالْجمع قباب وقبية، والأدم، بِفتْحَتَيْنِ اسْم لجمع أَدِيم، وَهُوَ الْجلد المدبوغ المصلح بالدباغ. قَوْله: (سِتا) أَي: سِتّ عَلَامَات لقِيَام الْقِيَامَة. قَوْله: (ثمَّ موتان) بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْوَاو، قَالَ الْقَزاز: هُوَ الْمَوْت، وَقَالَ غَيره: الْمَوْت الْكثير الْوُقُوع، وَيُقَال بِالضَّمِّ لُغَة تَمِيم وَغَيرهم يفتحونها، وَيُقَال: للبليد موتان الْقلب، بِفَتْح الْمِيم والسكون، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى: يغلط بعض الْمُحدثين فَيَقُول: