وَالله يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ قامَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فاسْتَحَالَتْ غَرْباً، فَما رَأيْتُ مِنَ النّاسِ يَفْرِي فَرْيَهُ حتّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ
هَذَا الحَدِيث هُوَ الَّذِي مضى فِي الْبَاب السَّابِق غير أَنه أخرجه من طَرِيق آخر عَن أَحْمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس الْكُوفِي عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ.
٧٠٢١ - حدّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرِ، حدّثني اللّيْثُ قَالَ: حدّثني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهابٍ أَخْبرنِي سَعِيدٌ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أخْبَرَهُ أنَّ رسولَ الله قَالَ: بَيْنما أَنا نائِمٌ رأيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ وعَلَيْها دَلْوٌ. فَنَزَعتُ مِنْها مَا شاءَ الله ثُمَّ أخَذَها ابنُ أبي قُحافَةَ، فَنَزَعَ مِنْها ذَنُوباً أوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَالله يَغْفِرُ لهُ، ثُمَّ اسْتَحالَتْ غرْباً فأخَذَها عُمَرُ بنُ الخَطّابِ فَلَمْ أرَ عَبْقَرِيّاً مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، حتَّى ضَرَبَ الناسُ بِعَطَنٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ مثل حَدِيث ابْن عمر أخرجه عَن سعيد بن عفير عَن اللَّيْث بن سعد عَن عقيل بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث بن سعد عَن أَبِيه عَن جده.
قَوْله: رَأَيْتنِي أَي: رَأَيْت نَفسِي. قَوْله: على قليب هُوَ الْبِئْر المقلوب ترابها قبل الطي. قَوْله: ابْن أبي قُحَافَة هُوَ أَبُو بكر الصّديق وَاسم أبي قُحَافَة: عبد الله بن عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: وَالله يغْفر لَهُ لَيْسَ لَهُ نقص فِيهِ وَلَا إِشَارَة إِلَى ذَنْب، وَإِنَّمَا هِيَ كلمة كَانُوا يدعمون بهَا كَلَامهم، ونعمت الدعامة، وَكَذَا لَيْسَ فِي قَوْله: وَفِي نَزعه ضعف حط من فضيلته وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار عَن حَال ولايتهما، وَقد كثر انْتِفَاع النَّاس فِي ولَايَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لطولها واتساع الْإِسْلَام والفتوحات وتمصير الْأَمْصَار.
٣٠ - (بابُ الاسْتِرَاحَةِ فِي المَنامِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَمر الاسْتِرَاحَة فِي الْمَنَام، قَالَ أهل التَّعْبِير: إِن كَانَ المستريح مُسْتَلْقِيا على قَفاهُ فَإِنَّهُ يقوى أمره وَتَكون الدُّنْيَا تَحت يَده، لِأَن الأَرْض أقوى مَا يسْتَند إِلَيْهِ بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ منبطحاً فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا وَرَاءه.
٧٠٢٢ - حدّثنا إسْحاقُ بنُ إبْراهِيمَ، حدّثنا عبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عنْ هَمَّامٍ أنهُ سَمِع أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، يَقُولُ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَما أَنا نائِمٌ رأيْتُ إِنِّي على حَوْض أسْقِي النَّاسَ، فَأَتَانِي أبُو بَكْرِ فأخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدِيَ لِيُرِيحَنِي، فَنَزَعَ ذُنُوباً أَو ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَالله يَغْفِرُ لَهُ، فأتَى ابنُ الخَطَّابِ فأخَذَ مِنْهُ فَلَمْ يَزَلْ يَنْزِعُ حتَّى تَوَلّى النَّاسُ والحَوْضُ يَتَفَجَّرُ
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ليريحني
وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه، وَيحْتَمل أَن يكون إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر السَّعْدِيّ، لِأَن كلّاً مِنْهُمَا يروي عَن عبد الرَّزَّاق، ومعمى بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد، وَهَمَّام بتَشْديد الْمِيم الأولى ابْن مُنَبّه. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: على حَوْض وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: على حَوْضِي، بياء الْمُتَكَلّم وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: على حَوْض فَإِن قلت سبق: على بِئْر وعَلى قليب. قلت: لَا مُنَافَاة. انْتهى. قلت: هَذَا لَيْسَ بِجَوَاب يُرْضِي سائله، بل الَّذِي يُقَال هُنَا كَأَنَّهُ كَانَ يمْلَأ من الْبِئْر فيسكب فِي الْحَوْض وَالنَّاس يتناولون المَاء لأَنْفُسِهِمْ ولبهائمهم. فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين قَوْله: على حَوْض وَقَوله: على حَوْضِي؟ . قلت: على حَوْض أولى يَعْنِي: على حَوْض من الأحواض، وَأما: على حَوْضِي، بِالْيَاءِ فيراد بِهِ حَوْضه الَّذِي أعطَاهُ الله، عز وَجل وَذكره فِي الْقُرْآن. وَقيل: يحْتَمل أَن يكون لَهُ حَوْض فِي الدُّنْيَا لَا حَوْضه الَّذِي فِي الْآخِرَة. قَوْله: حَتَّى تولى النَّاس أَي: حَتَّى أعرض النَّاس، وَالْوَاو فِي: والحوض للْحَال. قَوْله: يتفجر أَي: يتدفق ويسيل.
٣١ - (بابُ القَصْرِ فِي المَنامِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان رُؤْيَة الْقصر أَو الدُّخُول فِي الْقصر فِي الْمَنَام، قَالَ أهل التَّعْبِير: الْقصر فِي الْمَنَام عمل صَالح لأهل الدّين ولغيرهم حبس وضيق، وَقد يعبر عَن دُخُول الْقصر بِالتَّزْوِيجِ.
٧٠٢٣ - حدّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرِ، حدّثني اللَّيْثُ حدّثني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ: أَخْبرنِي سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رسولِ الله قَالَ: بَيْنا أَنا نائِمٌ رأيْتُنِي فِي الجَنّةِ، فإذَا امْرأةٌ تَتَوضَّأُ إِلَى جانِبِ قَصْر، قُلْتُ: لِمِنْ هَذَا القَصْرُ قالُوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلّيْتُ مُدْبِراً قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ بنُ الخَطّابِ ثمَّ قَالَ: أعَلَيْكَ بِأبي أنْتَ وأُمي يَا رسولَ الله أغارُ؟
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَرِجَاله قد ذكرُوا عَن قريب. والْحَدِيث مضى فِي صفة الْجنَّة وَفِي فَضَائِل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن سعيد بن أبي مَرْيَم.
قَوْله: فَإِذا امْرَأَة تتوضأ وَنقل عَن الْخطابِيّ وَابْن قُتَيْبَة أَن قَوْله: تتوضأ، تَصْحِيف وَالْأَصْل: فَإِذا امْرَأَة شوهاء، يَعْنِي حسناء، قَالَه ابْن قُتَيْبَة، قَالَ: وَالْوُضُوء لغَوِيّ وَلَا مَانع مِنْهُ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْجنَّة لَيست دَار التَّكْلِيف فَمَا وَجه هَذَا الْوضُوء؟ ثمَّ أجَاب بقوله: لَا يكون على وَجه التَّكْلِيف، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: إِنَّمَا تَوَضَّأت لتزداد حسنا ونوراً لَا أَنَّهَا تزيل وسخاً وَلَا قذراً إِذْ الْجنَّة منزهة عَن ذَلِك، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون وضُوءًا حَقِيقَة وَلَا يمْنَع من ذَلِك كَون الْجنَّة لَيست دَار التَّكْلِيف لجَوَاز أَن يكون على غير وَجه التَّكْلِيف، وَقيل: كَانَت هَذِه الْمَرْأَة أم سليم وَكَانَت فِي قيد الْحَيَاة حينئذٍ فرآها النَّبِي فِي الْجنَّة إِلَى جَانب قصر عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَيكون تعبيرها أَنَّهَا من أهل الْجنَّة لقَوْل الْجُمْهُور من أهل التَّعْبِير: إِن من رأى أَنه دخل الْجنَّة فَإِنَّهُ يدخلهَا، فَكيف إِذا كَانَ الرَّائِي لذَلِك أصدق الْخلق؟ وَأما وضوؤها فيعبر بنظافتها حسا وَمعنى وطهارتها جسماً وَحكما، وَأما كَونهَا إِلَى قصر عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا تدْرك خِلَافَته، وَكَانَ كَذَلِك. قَوْله: أعليك بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله أغار؟ قيل: إِنَّه مقلوب لِأَن الْقيَاس أَن يَقُول: أعليها أغار مِنْك؟ وَقَالَ الْكرْمَانِي: لفظ: عَلَيْك، لَيْسَ مُتَعَلقا بأغار بل التَّقْدِير مستعلياً عَلَيْك أغار عَلَيْهَا. قَالَ: وَدَعوى الْقيَاس الْمَذْكُور مَمْنُوعَة إِذْ لَا يخرج إِلَى ارْتِكَاب الْقلب مَعَ وضوح الْمَعْنى بِدُونِهِ، وَيحْتَمل أَن يكون أطلق عَليّ، وَأَرَادَ: من، كَمَا قيل: إِن حُرُوف الْجَرّ تتناوب. قلت: يَجِيء: على، بِمَعْنى: من، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} قَوْله: بِأبي أَنْت وَأمي جملَة مُعْتَرضَة أَي: أَنْت مفدًى بأبى وَأمي.