مَوْلُود من الْبَهَائِم فشعره عقيقة.
١ - (بَابُ: {تَسْمِيَةِ المَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُلِمَنْ يَعُقَّ عَنهُ وَتحْنِيكِهِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَسْمِيَة الْمَوْلُود غَدَاة يُولد لمن لم يعق عَنهُ وتحنيكه كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني، وَسَقَطت لَفْظَة عَن عِنْد الْجُمْهُور وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: وَإِن لم يعق عَنهُ بدل: لمن لم يعق عَنهُ وَأَرَادَ بِالْغَدَاةِ الْوَقْت لِأَنَّهَا تطلق وَيُرَاد بهَا مُطلق الْوَقْت ويقهم من قَوْله: (لمن لم يعق) ، أَنه يُسمى الْمَوْلُود وَقت الْولادَة إِن لم تحصل الْعَقِيقَة وَإِن حصلت يُسمى فِي الْيَوْم السَّابِع وَيفهم من رِوَايَة النَّسَفِيّ أَنه يُسمى وَقت الْولادَة سَوَاء حصلت الْعَقِيقَة أَو لم تحصل وَالْأول أولى لِأَن الْأَخْبَار وَردت فِي التَّسْمِيَة يَوْم السَّابِع لما سَيَجِيءُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَيفهم من رِوَايَة النَّسَفِيّ أَيْضا أَن الْعَقِيقَة غير وَاجِبَة.
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا الْفضل أَي: الْعَقِيقَة، فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَاق: سنة لَا يَنْبَغِي تَركهَا لمن قدر عَلَيْهَا، وَقَالَ أَحْمد: هِيَ أحب إليّ من التَّصَدُّق بِثمنِهَا على الْمَسَاكِين وَقَالَ مرّة: إِنَّهَا من الْأَمر الَّذِي لم يزل عَلَيْهِ أَمر النَّاس عندنَا. وَقَالَ مَالك: هِيَ من الْأَمر الَّذِي لَا اخْتِلَاف فِيهِ عِنْدهم، وَقَالَ يحيى بن سعيد: أدْركْت النَّاس وَمَا يدعونها عَن الْغُلَام وَالْجَارِيَة. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وَمِمَّنْ كَانَ يَرَاهَا ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وروى عَن فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وروى عَن الْحسن وَأهل الظَّاهِر أَنَّهَا وَاجِبَة، وتأولوا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَعَ الْغُلَام عقيقة) على الْوُجُوب وَقَالَ ابْن حزم: هِيَ فرض وَاجِب يجْبر الْإِنْسَان عَلَيْهَا إِذا فضل لَهُ من قوته مقدارها وَفِي (شرح السّنة) وأوجبها الْحسن قَالَ: يجب عَن الْغُلَام يَوْم سابعه فَإِن لم يعق عَنهُ عق عَن نَفسه، وَقَالَ ابْن التِّين قَالَ أَبُو وَائِل: هِيَ سنة فِي الذُّكُور دون الْإِنَاث، وَكَذَا ذكره فِي (المُصَنّف) عَن مُحَمَّد وَالْحسن، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيست بِسنة. وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن: هِيَ تطوع كَانَ النَّاس يفعلونها ثمَّ نسخت بالأضحى، وَنقل صَاحب (التَّوْضِيح) عَن أبي حنيفَة والكوفيين: أَنَّهَا بِدعَة وَكَذَلِكَ قَالَ بَعضهم فِي شَرحه وَالَّذِي نقل عَنهُ أَنَّهَا بِدعَة أَبُو حنيفَة. قلت: هَذَا افتراء فَلَا يجوز نسبته إِلَى أبي حنيفَة وحاشاه أَن يَقُول مثل هَذَا: وَإِنَّمَا قَالَ: لَيست بِسنة فمراده إِمَّا لَيست بِسنة ثَابِتَة، وَإِمَّا لَيست بِسنة مُؤَكدَة وروى عبد الرَّزَّاق عَن دَاوُد بن قيس. قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْعَقِيقَة فَقَالَ: لَا أحب العقوق. قَالُوا: يَا رَسُول الله! ينْسك أَحَدنَا عَمَّن يُولد لَهُ فَقَالَ: من أحب مِنْكُم أَن ينْسك عَن وَلَده فَلْيفْعَل عَن الْغُلَام شَاتَان مكافأتان، وَعَن الْجَارِيَة شَاة، فَهَذَا يدل على الِاسْتِحْبَاب.
قَوْله: (وتحنيكه) ، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: تَسْمِيَة الْمَوْلُود. أَي: فِي بَيَان تحنيك الْمَوْلُود، وَهُوَ مضغ الشَّيْء وَوَضعه فِي فَم الصَّبِي، وَذَلِكَ تحنيكه بِهِ، يُقَال: حنكت الصَّبِي إِذا مضغت التَّمْر أَو غَيره ثمَّ دلكته بحنكه وَالْأولَى فِيهِ التَّمْر فَإِن لم يَتَيَسَّر فالرطب وإلَاّ فشيء حُلْو، وَعسل النَّحْل أولى من غَيره. ثمَّ مَا لم تمسه النَّار.
٥٤٦٧ - حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ نَصْرٍ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ قَالَ؛ حدَّثني بُرَيْدٌ عَنْ أبِي بُرْدَةَ عَنْ أبِي مُوسَى، رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: وُلِدَ لي غُلامٌ فَأتَيْتُ بِهِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسمَّاهُ إبْرَاهِيمَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ وَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إلَيَّ وَكَانَ أكْبَرَ وَلَدِ أبِي مُوسَى.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. لِأَنَّهَا فِي تَسْمِيَة الْمَوْلُود وتحنيكه والْحَدِيث يشملها.
وَإِسْحَاق هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن نصر البُخَارِيّ، نزل الْمَدِينَة. فَالْبُخَارِي: تَارَة يَقُول: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَتارَة ينْسبهُ إِلَى جده، وَهُوَ من أَفْرَاده وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة ابْن عبد الله بن أبي بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء واسْمه عَامر بن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ، وَيُرِيد الْمَذْكُور يروي عَن جده أبي مُوسَى.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أبي كريب، وَأخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَغَيره.
وَفِيه (حكمان) .
الأول: تَسْمِيَة الْمَوْلُود أَنه يعجل تَسْمِيَة الْمَوْلُود وَلَا ينْتَظر بهَا إِلَى السَّابِع أَلا يرى كَيفَ أسْرع أَبُو مُوسَى بإحضار مولوده إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسَماهُ إِبْرَاهِيم، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: تَسْمِيَة الْمَوْلُود حِين يُولد أصح من الْأَحَادِيث فِي تَسْمِيَته يَوْم السَّابِع