للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المدد يلحقون أَرض الْحَرْب، وَهُوَ قَول الشّعبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالثَّوْري، وَالْحكم بن عتيبة وَالْأَوْزَاعِيّ، والْحَدِيث حجَّة على اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد حَيْثُ قَالُوا: لَا يُسهم من الْغَنِيمَة إلَاّ لمن حضر الْوَقْعَة. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه الطَّحَاوِيّ وَأَبُو دَاوُد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أبان بن سعيد على سَرِيَّة من الْمَدِينَة قبل نجد، فَقدم أبان وَرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر بَعْدَمَا فتحهَا ... الحَدِيث، وَفِيه: أَجْلِس يَا أبان، فَلم يقسم لَهُم شَيْئا، وَأجَاب الطَّحَاوِيّ عَنهُ بقوله: إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه أبان إِلَى نجد قبل أَن يتهيأ خُرُوجه إِلَى خَيْبَر، فَتوجه أبان فِي ذَلِك ثمَّ حدث من خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر مَا حدث، فَكَانَ مَا غَابَ فِيهِ أبان من ذَلِك عَن حُضُور خَيْبَر لَيْسَ هُوَ شغل شغله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن حُضُورهَا، وَقَالَ الْجَصَّاص: لَا حجَّة فِيهِ لِأَن خَيْبَر صَارَت دَار الْإِسْلَام لظُهُور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا، وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ، وَقيل: كَانَت خَيْبَر لأهل الْحُدَيْبِيَة خَاصَّة شهدوها أَو لم يشهدوها دون من سواهُم، لِأَن الله تَعَالَى كَانَ وعدهم إِيَّاهَا بقوله: {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا قد أحَاط الله بهَا} (الْفَتْح: ٠٢) . بعد قَوْله: {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} (الْفَتْح: ٠٢) . فَإِن قَالُوا: إِن أعطَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعُثْمَان وَهُوَ لم يحضر بَدْرًا خُصُوص لَهُ، قُلْنَا: يحْتَاج إِلَى دَلِيل الْخُصُوص، فَإِن قَالُوا: أعْطى عُثْمَان من سَهْمه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الْخمس. قُلْنَا: كَانَ ذَلِك يَوْم حنين حَيْثُ قَالَ: مَا لي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم إِلَّا الْخمس، وَهُوَ مَرْدُود فِيكُم. قُلْنَا: يحْتَاج إِلَى ذليل على أَن إِعْطَاء عُثْمَان وَمن غَابَ أَيْضا من بدر أَنه كَانَ من سَهْمه بعد حنين.

٥١ - (بابٌ ومِنَ الدَّلِيلِ علَى أنَّ الخُمُسَ لِنَوائِبِ المُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوازِنُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَضَاعِهِ فِيهِم فتَحَلَّلَ مِنَ المُسْلِمِينَ وَمَا كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعِدُ النَّاسَ أنْ يُعْطِيهُمْ مِنَ الفَيْءِ والأنْفَالِ مِنَ الخُمُسِ وَمَا أعْطَى الأنْصَارَ وَمَا أعْطَى جابِرَ بنَ عَبْدِ الله مِنْ تَمْرَ خَيْبَرَ)

بَاب، مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ، وَمن الدَّلِيل ... إِلَى آخِره. وَقَالَ بَعضهم: وَمن الدَّلِيل، عطف على التَّرْجَمَة الَّتِي قبل ثَمَانِيَة أَبْوَاب حَيْثُ قَالَ: الدَّلِيل على أَن الْخمس لنوائب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ هُنَا: لنوائب الْمُسلمين، وَقَالَ بعد بَاب: وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس للْإِمَام. انْتهى. قلت: لَا وَجه لدعوى هَذَا الْعَطف الْبعيد المتخلل بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ أَبْوَاب بأحديثها، فَإِن اضْطر إِلَى القَوْل بِهَذَا لأجل الْوَاو، فَيُقَال لَهُ: هَذِه لَيْسَ بواو الْعَطف، وَإِنَّمَا مثل هَذَا يَأْتِي كثيرا بِدُونِ أَن يكون مَعْطُوفًا على شَيْء، فَيُقَال: هَذِه وَاو الاستفتاح، وَهُوَ المسموع من الأساتذة الْكِبَار، وَلما ذكر أَولا الْخمس لنوائب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ ذكر لنوائب الْمُسلمين، ثمَّ ذكر أَن الْخمس للْإِمَام فطريق التَّوْفِيق بَينهَا أَن الْخمس لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ للْإِمَام بعده يَتَوَلَّاهُ مثل مَا كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَوَلَّاهُ، وَأما قَوْله هُنَا: لنوائب الْمُسلمين، هُوَ أَنه لَا يكون إلَاّ مَعَ تولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسمته، وَله أَن يَأْخُذ مِنْهُ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ بِقدر كِفَايَته، وَكَذَلِكَ من يتَوَلَّى بعده، وَقَالَ بَعضهم: وَجوز الْكرْمَانِي أَن يكون كل تَرْجَمَة على وفْق مَذْهَب من الْمذَاهب، وَفِيه بعد، لِأَن أحدا لم يقل: إِن الْخمس للْمُسلمين دون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدون الإِمَام وَلَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون الْمُسلمين، وَكَذَا للْإِمَام. انْتهى. قلت: عبارَة الْكرْمَانِي هَكَذَا. فَإِن قلت: ترْجم هَذِه الْمَسْأَلَة أَولا بقوله: وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس لنوائب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَثَانِيا: بقوله: وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس لنوائب الْمُسلمين. وثالثاً: إِن الْخمس للْإِمَام، فَمَا التلفيق بَينهَا؟ قلت: الْمذَاهب فِيهِ مُخْتَلفَة، فبوب لكل مَذْهَب بَابا وَترْجم لَهُ، وَلَا تفَاوت فِي الْمَعْنى إِذْ نَوَائِب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ نَوَائِب الْمُسلمين، وَلَا شكّ أَن التَّصَرُّف فِيهِ لَهُ وَلمن يقوم مقَامه. انْتهى. قلت: قَوْله: وَلَا تفَاوت فِي الْمَعْنى، ينبىء عَن وَجه التَّوْفِيق مثل مَا ذَكرْنَاهُ، غير أَنه قَالَ: لكل مَذْهَب بَابا بِحَسب النّظر إِلَى الظَّاهِر، وَأما بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى فَمَا قَالَه، على أَنا نقُول: فِي هَذَا الْبَاب مَذَاهِب. وَذكر الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} (الْأَنْفَال: ١٤) . قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ: عَن الرّبيع عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي، قَالَ: (كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُؤْتى بِالْغَنِيمَةِ فَيقسمهَا على خَمْسَة يكون أَرْبَعَة أخماسها لمن شَهِدَهَا، ثمَّ يَأْخُذ الْخمس فَيضْرب بِيَدِهِ فِيهِ، فَيَأْخُذ مِنْهُ الَّذِي قبض كَفه فَيَجْعَلهُ للكعبة، وَهُوَ سهم الله، ثمَّ يقسم مَا بَقِي على خَمْسَة أسْهم، فَيكون سهم للرسول، وَسَهْم لِذَوي الْقُرْبَى، وَسَهْم لِلْيَتَامَى

<<  <  ج: ص:  >  >>