قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب، قَالَ: حَدثنِي سَالم بن عبد الله بن عمر، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: (إِذا رأيتمو فصوموا، وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فأفطروا، فَإِن غم عَلَيْكُم فأقدروا لَهُ) قَوْله: (لهِلَال) أَرَادَ أَن فِي رِوَايَة عقيل وَيُونُس أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: (لهِلَال رَمَضَان: إِذا رَأَيْتُمُوهُ) ، فأظهرا مَا كَانَ مضمرا. فَافْهَم.
٦ - (بابُ منْ صامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا واحْتِسابا ونِيَّةً)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا) ، إِلَى هُنَا لفظ الحَدِيث، وَقَوله: (وَنِيَّة) ، نصب على أَنه عطف على قَوْله: (احتسابا) ، وَإِنَّمَا زَاد هَذِه اللَّفْظَة لِأَن الصَّوْم هُوَ التَّقَرُّب إِلَى الله، وَالنِّيَّة شَرط فِي وُقُوعه قربَة، وَإِنَّمَا لم يذكر جَوَاب: من، اكْتِفَاء بِذكرِهِ فِي الحَدِيث.
وقالَتْ عائِشَةُ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ
هَذَا قِطْعَة من حَدِيث وَصله البُخَارِيّ فِي أَوَائِل الْبيُوع من طَرِيق نَافِع بن جُبَير عَنْهَا، وأوله: (يَغْزُو جيشٌ الْكَعْبَة حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض يخسف بأولهم وَآخرهمْ. قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله! كَيفَ يخسف بأولهم وَآخرهمْ وَفِيهِمْ أسواقهم وَمن لَيْسَ مِنْهُم؟ قَالَ: يخسف بأولهم وَآخرهمْ، ثمَّ يبعثون على نياتهم) . يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة، وَإِنَّمَا ذكر هَذِه الْقطعَة هُنَا تَنْبِيها على أَن الأَصْل فِي الْأَعْمَال النِّيَّة، وَهُوَ وَجه الْمُطَابقَة بَين هَذِه الْقطعَة وَبَين قَوْله (وَنِيَّة) فِي التَّرْجَمَة. قَوْله: (يبعثون على نياتهم) ، يَعْنِي: من كَانَ مِنْهُم مُخْتَارًا تقع الْمُؤَاخَذَة عَلَيْهِ، وَمن كَانَ مكْرها ينجو.
١٠٩١ - حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ منْ قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانا واحْتِسَابا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ومنْ صامَ رَمَضَانَ إيمَانا واحْتِسَابا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ..
وَجه الْمُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة هُوَ أَنه جعل التَّرْجَمَة جزأ من الحَدِيث الْمَذْكُور، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْإِيمَان فِي ترجمتين: الأولى فِي: بَاب تطوع قيام رَمَضَان، من الْإِيمَان: من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه. وَالثَّانيَِة: عقيب الأولى فِي: بَاب صَوْم رَمَضَان احتسابا من الْإِيمَان، فَأخْرج الحَدِيث الأول: عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأخرج الثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن يحيى بن سعيد عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَهنا أخرجه: عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ القصاب الْبَصْرِيّ عَن هِشَام الدستوَائي عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
قَوْله: (إِيمَانًا) ، أَي: تَصْدِيقًا بِوُجُوبِهِ. (واحتسابا) أَي: طلبا لِلْأجرِ فِي الْآخِرَة. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْحِسْبَة، بِالْكَسْرِ: الْأجر احتسبت كَذَا أجرا عِنْد الله، وَقَالَ الْخطابِيّ: أَي عَزِيمَة، وَهُوَ أَن يَصُومهُ على معنى الرَّغْبَة فِي ثَوَابه طيبَة نَفسه بذلك غير مستثقلة لصيامه وَلَا مستطيلة لإتمامه، وانتصاب إِيمَانًا على أَنه حَال بِمَعْنى: مُؤمنا، وَكَذَلِكَ احتسابا بِمَعْنى: محتسبا وَنقل بَعضهم عَمَّن قَالَ مَنْصُوبًا على أَنه مفعول لَهُ أَو تَمْيِيز؟ قلت: وَجْهَان بعيدان، وَالَّذِي لَهُ يَد فِي الْعَرَبيَّة لَا ينْقل مثل هَذَا.
٧ - (بابٌ أجْوَدُ مَا كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَكُونُ فِي رَمَضَانَ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ أَجود مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى آخِره. قَوْله: (أَجود) ، أفعل التَّفْضِيل من الْجُود وَهُوَ إِعْطَاء مَا يَنْبَغِي لمن يَنْبَغِي، وَمَعْنَاهُ: أسخى النَّاس، وأجود مُضَاف إِلَى مَا بعده مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، وَكلمَة: مَا، مَصْدَرِيَّة أَي: أَجود كَون النَّبِي. وَقَوله: (يكون) ، جملَة فِي مَحل الرّفْع على الخبرية. قَوْله: (فِي رَمَضَان) أَي: فِي شهر رَمَضَان، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَجود النَّاس، وَكَانَ