قيس بن شماس، فَقَالَ: بئس مَا عودتم أَقْرَانكُم مُنْذُ الْيَوْم، وَإِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم، وَأَعُوذ بك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ، وخلوا بَيْننَا وَبَين أقراننا سَاعَة، وَقد كَانَ تكفن وتحنيط، فقاتل حَتَّى قتل. قَالَ: وَقتل يَوْمئِذٍ سَبْعُونَ من الْأَنْصَار فَكَانَ أنس يَقُول: يَا رب سبعين من الْأَنْصَار يَوْم أحد، سبعين يَوْم مُؤْتَة، سبعين يَوْم بِئْر مَعُونَة، سبعين يَوْم الْيَمَامَة ... وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان.
٠٤ - (بابُ فَضْلِ الطَّلِيعَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل الطليعة، بِفَتْح الطَّاء وَكسر اللَّام، وطليعة الْجَيْش من بعث ليعلم الْعَدو ويطلع على أَحْوَالهم، وَيجمع على طلائع، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الطَّلَائِع هُوَ الْقَوْم الَّذين يبعثون ليطلعوا، طلع الْعَدو كالجواسيس،. والطليعة تطلق على الْوَاحِد وعَلى الْجَمَاعَة، قلت: طلع الْعَدو، بِكَسْر الطَّاء وَسُكُون اللَّام: اسْم من اطلع على الشَّيْء إِذا علمه.
٦٤٨٢ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ عنْ جابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ القَوْمِ يَوْمَ الأحْزَابِ قَالَ الزُّبَيْرُ أَنا ثُمَّ قَالَ مَنْ يأتِينِي بِخَبَرِ القَوْمُ قَالَ الزُّبَيْرُ أنَا فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيَّاً وحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من يأتيني بِخَبَر الْقَوْم؟) انتداب لأحد يَأْتِيهِ بِخَبَر الْعَدو، فَانْتدبَ لَهُ الزبير، فَاسْتحقَّ الْفضل بذلك.
وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن كثير. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي كريب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن وَكِيع. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن مَحْمُود بن غيلَان. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي السّير عَن قَاسم بن زَكَرِيَّا. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن عَليّ ابْن مُحَمَّد عَن وَكِيع.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من يأتيني بِخَبَر الْقَوْم؟) . أَرَادَ بهم بني قُرَيْظَة من الْيَهُود، وَعند النَّسَائِيّ قَالَ وهب بن كيسَان: أشهد لسمعت جَابِرا يَقُول: لما اشْتَدَّ الْأَمر يَوْم بني قُرَيْظَة من الْيَهُود، قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من يأتينا بخبرهم؟) فَلم يذهب أحد، فَذهب الزبير فجَاء بخبرهم، ثمَّ اشْتَدَّ الْأَمر أَيْضا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يأتينا بخبرهم؟ فَلم يذهب أحد فَذهب الزبير، فجَاء بخبرهم، ثمَّ اشْتَدَّ الْأَمر أَيْضا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن لكل نَبِي حوارِي. وَإِن الزبير حوارِي) . وَعند ابْن أبي عَاصِم، من حَدِيث وهب بن كيسَان عَن جَابر: لما كَانَ يَوْم الخَنْدَق وَاشْتَدَّ الْأَمر، قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَلا رجل يَأْتِي بني قُرَيْظَة فَيَأْتِينَا بخبرهم؟) فَانْطَلق الزبير فجَاء بخبرهم، ثمَّ اشْتَدَّ الْأَمر فَقَالَ (ألَا رجل ينْطَلق إِلَى بني قُرَيْظَة؟) الحَدِيث، وَفِي لفظ: ثَلَاث مَرَّات، فَلَمَّا رَجَعَ جمع لَهُ أَبَوَيْهِ. قَوْله: (يَوْم الْأَحْزَاب) ، هُوَ يَوْم الخَنْدَق، والأحزاب كَانُوا من قُرَيْش وَغَيرهم، وَكَانَ بَنو قُرَيْظَة نقضوا الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين الْمُسلمين ووافقوا قُريْشًا على حَرْب الْمُسلمين. قَوْله: (حوارياً) أَي: أَي خَاصَّة من الصَّحَابَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ والحواري وَمِنْه الحواريون من أَصْحَاب الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام أَي خلصاؤه وأنصاره، وَأَصله من التحوير وَهُوَ التبييض. وَقيل: (إِنَّهُم كَانُوا قصارين يحورون الثِّيَاب، أَي: يبيضونها) . وَمِنْه الْخبز الْحوَاري الَّذِي نخل مرّة بعد مرّة. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: الحواريون خلصاء الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: عَن معمر عَن قَتَادَة: الْحوَاري الْوَزير إِذا أضيف الْحوَاري إِلَى: يَا، من الْمُتَكَلّم: بِحَذْف الْيَاء وَحِينَئِذٍ ضَبطه جمَاعَة بِفَتْح الْيَاء وَأَكْثَرهم بِكَسْرِهَا. قَالُوا: وَالْقِيَاس الْكسر، لكِنهمْ حِين استثقلوا الكسرة وَثَلَاث ياآت حذفوا يَاء الْمُتَكَلّم وأبدلوا من الكسرة فَتْحة، وَقد قرىء فِي الشواذ: إِن ولي الله، بِالْفَتْح وَفِي (التَّوْضِيح) : اعْلَم أَنه وَقع هُنَا مَا ذَكرْنَاهُ، أَرَادَ بِهِ: من أَن الَّذِي توجه إِلَى كشف بني قريضة الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْمَشْهُور كَمَا قَالَه شَيخنَا فتح الدّين الْيَعْمرِي: أَن الَّذِي توجه ليَأْتِي بِخَبَر الْقَوْم حُذَيْفَة بن الْيَمَان، كَمَا روينَا عَنهُ من طَرِيق ابْن إِسْحَاق وَغَيره، قَالَ: يَعْنِي: رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من رجل يقوم فَينْظر لنا مَا فعل الْقَوْم: ثمَّ يرجع) فَشرط لَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرّجْعَة، أسأَل الله أَن يَجعله رفيقي فِي الْجنَّة؟ فَمَا قَامَ رجل من شدَّة الْخَوْف والجزع وَالْبرد، فَلَمَّا لم يقم أحد دَعَاني، فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة إذهب وادخل فِي الْقَوْم ... وَذكر الحَدِيث، وَذكر ابْن عُيَيْنَة وَغَيره خُرُوج حُذَيْفَة إِلَى الْمُشْركين ومشقة ذَلِك عَلَيْهِ إِلَى أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute