للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦ - (بابُ الكَلامِ فِي الطَّوَافِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِبَاحَة الْكَلَام فِي الطّواف، وَإِنَّمَا أطلق وَلم يبين الحكم فِيهِ من حَيْثُ إِن المُرَاد مُطلق الْإِبَاحَة من الْكَلَام الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْمُؤَاخَذَة، كَمَا ورد فِي الحَدِيث الْمَشْهُور عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا: (الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة إلَاّ أَن الله تَعَالَى أَبَاحَ الْكَلَام فِيهِ، فَمن نطق فَلَا ينْطق إلَاّ بِخَير) ، رَوَاهُ الْحَاكِم. وَفِي لفظ: (الطّواف مثل الصَّلَاة إلَاّ أَنكُمْ تتكلمون، فَمن تكلم فِيهِ فَلَا يتَكَلَّم إلَاّ بِخَير) ، وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) من حَدِيث فُضَيْل بن عِيَاض عَن عَطاء بِلَفْظ: (الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة إلَاّ أَن الله أحل فِيهِ النُّطْق، فَمن نطق فَلَا ينْطق إلَاّ بِخَير) ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الطّواف حول الْبَيْت مثل الصَّلَاة، إلَاّ أَنكُمْ تتكلمون فِيهِ، فَمن تكلم فِيهِ فَلَا يتَكَلَّم إلَاّ بِخَير) . وَقَالَ أَبُو عِيسَى: وَقد رُوِيَ عَن ابْن طَاوُوس وَغَيره عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا، وَلَا نعرفه مَرْفُوعا، ألَاّ من حَدِيث عَطاء بن السَّائِب. وَقَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: (الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة، فأقلوا بِهِ الْكَلَام) . وَقَالَ الشَّافِعِي: حَدثنَا سعيد بن سَالم عَن حَنْظَلَة عَن طَاوُوس عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: (أقلوا الْكَلَام فِي الطّواف، فَإِنَّمَا أَنْتُم فِي صَلَاة) ، وَعِنْده أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن نَافِع قَالَ: (كلمت طاووسا فِي الطّواف فكلمني) . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أَكثر أهل الْعلم أَنهم يستحبون أَن لَا يتَكَلَّم الرجل فِي الطّواف إلَاّ بحاجة أَو بِذكر الله أَو من الْعلم. وَقَالَ أَبُو عمر عَن عَطاء: أَنه كَانَ يكره الْكَلَام فِي الطّواف إلَاّ الشَّيْء الْيَسِير، وَكَانَ مُجَاهِد يقْرَأ عَلَيْهِ الْقُرْآن فِي الطّواف. وَقَالَ مَالك: لَا أَدْرِي ذَلِك، وليقبل على طَوَافه. وَقَالَ الشَّافِعِي: أَنا أحب الْقِرَاءَة فِي الطّواف وَهُوَ أفضل مَا يتَكَلَّم بِهِ الْإِنْسَان. وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : يكره للْإنْسَان الطَّائِف الْأكل وَالشرب فِي الطّواف، وَكَرَاهَة الشّرْب أخف، وَلَا يبطل الطّواف بِوَاحِد مِنْهُمَا وَلَا بهما جَمِيعًا. وقالالشافعي: روى عَن ابْن عَبَّاس أَنه شرب وَهُوَ يطوف، وَقَالَ ابْن بطال: كره جمَاعَة قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الطّواف، مِنْهُم عُرْوَة وَالْحسن وَمَالك، وَقَالَ: مَا ذَاك من عمل النَّاس وَلَا بَأْس بِهِ إِذا أخفاه، وَلَا يكثر مِنْهُ، وَقَالَ عَطاء: قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الطّواف مُحدث.

٠٢٦١ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ أنَّ ابنَ جُرَيْجٍ أخْبَرَهُمْ قَالَ أخبرَنِي سُلَيْمانُ الأحْوَلُ أنَّ طاوُوسا أخْبَرَهُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَّ وَهْوَ يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ بإنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إنْسَانٍ بِسَيْرٍ أوْ بِخَيْطٍ أوْ بِشَيْءٍ غَيْرَ ذلِكَ فقَطَعَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ ثُمَّ قالَ قُدْهُ بِيَدِهِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (قده بِيَدِهِ) ، فَإِنَّهُ تكلم وَهُوَ طائف.

ذكر رِجَاله: وهم: سِتَّة: الأول: إِبْرَاهِيم بن مُوسَى ابْن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق يعرف بالصغير. الثَّانِي: هِشَام بن يُوسُف أَبُو عبد الرَّحْمَن. الثَّالِث: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز ابْن جريج. الرَّابِع: سُلَيْمَان بن أبي مُسلم الْأَحول. الْخَامِس: طَاوُوس بن كيسَان. السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن شَيْخه رازي وهشاما صنعاني يماني قاضيها وَأَن ابْن جريج وَسليمَان مكيان وَأَن طاووسا يماني.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْإِيمَان وَالنُّذُور عَن أبي عَاصِم النَّبِيل، وَكَذَا أخرجه عَنهُ فِي الْحَج. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن يحيى بن معِين. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْحَج عَن يُوسُف بن سعيد بن مُسلم.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَهُوَ يطوف) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (بِإِنْسَان) يتَعَلَّق بقوله: مر، وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج إِلَى إِنْسَان آخر، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: (بِإِنْسَان قد ربظ يَده بِإِنْسَان) . قَوْله: (بسير) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، وَهُوَ مَا يقد من الْجلد، وَالْقد الشق طولا، يُقَال: قددت السّير أقده. قيل: إِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>