مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ تَزْوِيج الْمحرم، وَفِيه بَيَان أَيْضا لما أبهمه فِي التَّرْجَمَة، وَهُوَ أَنه جَائِز.
وَأَبُو الْمُغيرَة، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا: عبد القدوس بن الْحجَّاج الْحِمصِي، مَاتَ سنة ثِنْتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ. وَالْأَوْزَاعِيّ: عبد الرَّحْمَن بن عمر.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن صَفْوَان بن عَمْرو الْحِمصِي، وَفِيه وَفِي الصَّوْم عَن شُعَيْب بن شُعَيْب وَفِي الصَّوْم أَيْضا عَن سُلَيْمَان بن أَيُّوب مُرْسلا، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث هِشَام بن حسان عَن عِكْرِمَة (عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم) ، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ من رِوَايَة وهيب عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس نَحوه، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار، قَالَ: سَمِعت أَبَا الشعْثَاء يحدث (عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم) . قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأَبُو الشعْثَاء اسْمه جَابر بن زيد، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه كلهم من رِوَايَة سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار نَحوه، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قلت: أخرجه ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنه) من رِوَايَة أبي عوَانَة عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق (عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج وَهُوَ محرم) ، وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا. وَلَفظه:(تزوج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعض نِسَائِهِ وَهُوَ محرم) ، وَأَبُو عوَانَة الوضاح، وَأَبُو الضُّحَى مُسلم بن صبيح. قلت: وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة، رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من رِوَايَة كَامِل أبي الْعَلَاء عَن أبي صَالح (عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: تزوج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَيْمُونَة وَهُوَ محرم) . وَاحْتج بِهَذَا الحَدِيث إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالثَّوْري وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَالْحكم بن عتيبة وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَعِكْرِمَة ومسروق وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد، قَالُوا: لَا بَأْس للْمحرمِ أَن ينْكح، وَلكنه لَا يدْخل بهَا حَتَّى يحل، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود، وَقَالَ سعيد بن الْمسيب وَسَالم وَالقَاسِم وَسليمَان بن يسَار وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق: لَا يجوز للْمحرمِ أَن يَنكَحَ وَلَا يُنكِحَ غَيره، فَإِن فعل ذَلِك فَالنِّكَاح بَاطِل، وَهُوَ قَول عمر وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، قَالَ: قَرَأت على مَالك عَن نَافِع عَن نبيه بن وهب: أَن عمر بن عبد الله أَرَادَ أَن يُزَوّج طَلْحَة بن عمر بنت شيبَة بن جُبَير، فَأرْسل إِلَى أبان بن عُثْمَان يحضر ذَلِك وَهُوَ أَمِير الْحَاج، فَقَالَ أبان: سَمِعت عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا ينْكح الْمحرم وَلَا ينْكح وَلَا يخْطب) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن القعْنبِي عَن مَالك إِلَى آخِره.
قَوْله:(وَلَا ينْكح) ، بِضَم الْيَاء وَكسر الْكَاف من الْإِنْكَاح، وَمَعْنَاهُ: لَا ينْكح غَيره، أَي: لَا يعْقد على غَيره، وَوَجهه أَنه لما كَانَ مَمْنُوعًا من نِكَاح نَفسه مُدَّة الْإِحْرَام، كَانَ معزولاً تِلْكَ الْمدَّة أَن يعْقد لغيره، وشابه الْمَرْأَة الَّتِي لَا تعقد على نَفسهَا وعَلى غَيرهَا. قَوْله:(وَلَا يخْطب) ، لما فِي الْخطْبَة من التَّعَرُّض إِلَى النِّكَاح، ثمَّ قَالُوا لأهل الْمقَالة الأولى: من يتابعكم أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم، وَهَذَا أَبُو رَافع ومَيْمُونَة يذكران أَن ذَلِك كَانَ مِنْهُ وَهُوَ حَلَال؟ فَذكرُوا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن مطر الْوراق عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن سُلَيْمَان بن يسَار (عَن أبي رَافع، قَالَ: (تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيْمُونَة وَهُوَ حَلَال، وَكنت أَنا الرَّسُول فِيمَا بَينهمَا) .
وَحَدِيث مَيْمُونَة رَوَاهُ مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن آدم، قَالَ: حَدثنَا جرير بن حَازِم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو فَزَارَة (عَن يزِيد ابْن الْأَصَم، قَالَ: حَدَّثتنِي مَيْمُونَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا وَهُوَ حَلَال، قَالَ: وَكَانَت خَالَتِي وَخَالَة ابْن عَبَّاس) . وَأخرجه