ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع. وَفِيه: السماع فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه إِن كَانَ ابْن رَاهَوَيْه فَهُوَ مروزي سكن نيسابور، وَإِن كَانَ ابْن مَنْصُور فَهُوَ أَيْضا مروزي انْتقل بآخرة إِلَى نيسابور، وَيحيى بن صَالح حمصي وَمُعَاوِيَة بن سَلام الحبشي الْأسود، وَيحيى بن أبي كثير يمامي طائي. وَفِيه: أَن شَيْخه ذكر غير مَنْسُوب.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن هِشَام بن عمار.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (برني) ، بِفَتْح الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَكسر النُّون بعْدهَا يَاء مُشَدّدَة: وَهُوَ ضرب من التَّمْر أصفر مدور، وَهُوَ أَجود التمور، قَالَه صَاحب (الْمُحكم) : قَالَ بَعضهم: قيل لَهُ ذَلِك لِأَن كل تَمْرَة تشبه البرنية. قلت: كَلَامه يشْعر أَن الْيَاء فِيهِ للنسبة، وَلَيْسَت الْيَاء فِيهِ للنسبة، فَكَأَنَّهُ مَوْضُوع، هَكَذَا مثل كرْسِي وَنَحْوه. قَوْله: (كَانَ عندنَا) ، هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: كَانَ عِنْدِي. قَوْله: (رَدِيء) ، قَالَ بَعضهم: رَدِيء، بِالْهَمْزَةِ على وزن: عَظِيم. قلت: نعم هُوَ مَهْمُوز اللَّام من: ردىء الشَّيْء يردأ رداءة، فَهُوَ رَدِيء، أَي: فَاسد، وأردأته أَي: أفسدته، وَلَكِن لما كثر اسْتِعْمَاله حسن فِيهِ التَّخْفِيف بِأَن قلبت الْهمزَة يَاء لانكسار مَا قبلهَا وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء فَصَارَت: رديّ بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (لنطعم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: لأجل أَن نطعم، وَاللَّام فِيهِ مَكْسُورَة وَالنُّون مَضْمُومَة من الْإِطْعَام، وَلَفظ النَّبِي مَنْصُوب بِهِ، هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: ليطعم، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْعين من: طعم يطعم، وَلَفظ النَّبِي مَرْفُوع بِهِ. قَوْله: (عِنْد ذَلِك) ، أَي: عِنْد قَول بِلَال. قَوْله: (أوه) مرَّتَيْنِ، بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْوَاو وَسُكُون الْهَاء، وَهِي كلمة تقال عِنْد الشكاية والحزن. وَقَالَ ابْن قرقول: بِالْقصرِ وَالتَّشْدِيد وَسُكُون الْهَاء، وَكَذَا روينَاهُ، وَقيل: بِمد الْهمزَة. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: وَقد يُقَال بِالْمدِّ لتطويل الصَّوْت بالشكاية، وَقيل بِسُكُون الْوَاو وَكسر الْهَاء، وَمن الْعَرَب من يمد الْهمزَة وَيجْعَل بعْدهَا واوين: آووه، وَكله بِمَعْنى: التحزن، وَقَالَ ابْن التِّين: إِنَّمَا تأوه ليَكُون أبلغ فِي الزّجر، وَقَالَهُ إِمَّا للتألم من هَذَا الْفِعْل، وَإِمَّا من سوء الْفَهم. قَوْله: (عين الرِّبَا) ، بالتكرار أَيْضا أَي: هَذَا البيع نفس الرِّبَا حَقِيقَة، وَوَقع فِي مُسلم مرّة وَاحِدَة. قَوْله: (وَلَكِن إِذا أردْت أَن تشتري) ، أَي: أَن تشتري التَّمْر الْجيد. قَوْله: (فبع التَّمْر) ، أَي: فبع التَّمْر الرَّدِيء بِبيع آخر، أَي: بِبيع شَيْء آخر، بِأَن تبيعه بحنطة أَو شعير مثلا. قَوْله: (ثمَّ اشتره) ، أَي: ثمَّ اشْتَرِ التَّمْر الْجيد، ويروى: ثمَّ اشْتَرِ بِهِ، أَي: بِثمن الرَّدِيء، فعلى هَذِه الرِّوَايَة مفعول: اشترِ مَحْذُوف تَقْدِيره: ثمَّ اشْتَرِ الْجيد بِثمن الرَّدِيء، وَيدل على مَا قُلْنَاهُ مَا قد رُوِيَ عَن بِلَال فِي هَذَا الْخَبَر: انْطلق فَرده على صَاحبه وَخذ تمرك وبعه بحنطة أَو شعير ثمَّ اشْتَرِ بِهِ من هَذَا التَّمْر، ثمَّ جئني بِهِ، رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَن بِلَال، وَفِي رِوَايَة مُسلم: وَلَكِن إِذا أردْت أَن تشتري التَّمْر فبعه بِبيع آخر ثمَّ اشترِه، أَي: إِذا أردْت أَن تشتري التَّمْر الْجيد فبع التَّمْر الرَّدِيء بِبيع آخر ثمَّ اشْتَرِ الْجيد، وَبَين التركيبين مُغَايرَة ظَاهرا، وَلَكِن فِي الْحَقِيقَة يرجعان إِلَى معنى وَاحِد، وَهُوَ أَن لَا يَشْتَرِي الْجيد بِضعْف الرَّدِيء، بل إِذا أَرَادَ أَن يَشْتَرِي الْجيد يَبِيع ذَلِك الردي، بِشَيْء، وَيَأْخُذ ثمنه، ثمَّ يَشْتَرِي بِهِ التَّمْر الْجيد، حَتَّى لَا يَقع الرِّبَا فِيهِ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابه الْكَرِيم: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الربوا} . إِلَى قَوْله: {فلكم من رُؤُوس أَمْوَالكُم} (الْأَعْرَاف: ٧٢) . قد أَمر الله برد عقد الرِّبَا، ورد رَأس المَال وَلَا خلاف أَيْضا أَن من بَاعَ بيعا فَاسِدا أَن بَيْعه مَرْدُود.
واستفيد من حَدِيث الْبَاب حُرْمَة الرِّبَا وَعظم أمره، وَقد تقدم الْبَحْث فِيهِ فِي: بَاب مَا إِذا أَرَادَ بيع تمر بِتَمْر خير مِنْهُ، وَهُوَ فِي كتاب الْبيُوع.
٢١ - (بابُ الوَكالَةِ فِي الوَقْفِ ونَفَقَتِهِ وأنْ يُطْعِمَ صَدِيقا لَهُ ويَأكُلَ بالمَعْرُوفِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْوكَالَة فِي الْوَقْف. قَوْله: (وَنَفَقَته) أَي: نَفَقَة الْوَكِيل، يدل عَلَيْهِ لفظ الْوكَالَة. قَوْله: (وَأَن يطعم) ، كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة تَقْدِيره: وإطعام الْوَكِيل صديقه من مَال الْوَقْف الَّذِي هُوَ وَكيل فِيهِ. قَوْله: (وَيَأْكُل) أَي: الْوَكِيل (بِالْمَعْرُوفِ) يَعْنِي: بِمَا يتعارفه الوكلاء فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حبس نَفسه لتصرف مُوكله وَالْقِيَام بأَمْره قِيَاسا على ولي الْيَتِيم؟ قَالَ الله تَعَالَى فِيهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute