وَلَا بإلتقاطه للقيط، وكل هَذِه الصُّور فِيهَا خلاف بَين الْفُقَهَاء، وَمذهب الشَّافِعِي: لَا وَلَاء فِي شَيْء مِنْهَا للْحَدِيث. قلت: الْوَلَاء عِنْد أَصْحَابنَا نَوْعَانِ: أَحدهمَا: وَلَاء الْعتَاقَة، وَالْآخر: وَلَاء الْمُوَالَاة، وَقد كَانَت الْعَرَب تتناصر بأَشْيَاء: بِالْقَرَابَةِ والصداقة والمؤاخاة وَالْحلف والعصبة، وَوَلَاء الْعتَاقَة وَوَلَاء الْمُوَالَاة، وَقرر رَسُول الله تناصرهم بِالْوَلَاءِ بنوعين وهما: الْعتَاقَة وَوَلَاء الْمُوَالَاة، وَقَالَ: (إِن مولى الْقَوْم مِنْهُم وحليفهم مِنْهُم) . رَوَاهُ أَرْبَعَة من الصَّحَابَة، فَأَحْمَد فِي (مُسْنده) : من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عبيد بن رِفَاعَة بن رَافع الزرقي عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: قَالَ رَسُول ا: (مولى الْقَوْم مِنْهُم، وَابْن أختهم مِنْهُم، وحليفهم مِنْهُم) . وَالْبَزَّار فِي (سنَنه) : من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، قَالَ: (حَلِيف الْقَوْم مِنْهُم وَابْن أختهم مِنْهُم) . والدارمي فِي (مُسْنده) : من حَدِيث عَمْرو بن عون أَن رَسُول ا، قَالَ: (ابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم وحليف الْقَوْم مِنْهُم) . وَالطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه) : من حَدِيث عتبَة بن غَزوَان عَن النَّبِي نَحوه، وَالْمرَاد بالحليف مولى الْمُوَالَاة لأَنهم كَانُوا يؤكدون الْمُوَالَاة بِالْحلف.
الْعَاشِر: أَنه يسْتَحبّ للْإِمَام عِنْد وُقُوع بِدعَة أَن يخْطب النَّاس وَيبين لَهُم حكم ذَلِك وينكر عَلَيْهَا.
الْحَادِي عشر: فِيهِ أَنه يسْتَحبّ للْإِمَام أَن يحسن الْعشْرَة مَعَ رَعيته، أَلَا ترى أَنه، لما خطب لم يواجه صَاحب الشَّرْط بِعَيْنِه، لِأَن الْمَقْصُود يحصل لَهُ وَلغيره بِدُونِ فضيحة وشناعة عَلَيْهِ.
الثَّانِي عشر: فِيهِ الْمُبَالغَة فِي إِزَالَة الْمُنكر والتغليظ فِي تقبيحه.
الثَّالِث عشر: فِي جَوَاز كِتَابَة الْأمة دون زَوجهَا.
الرَّابِع عشر: فِيهِ أَن زوج الْأمة لَيْسَ لَهُ منعهَا من السَّعْي فِي كتَابَتهَا، وَقَالَ أَبُو عمر: لَو اسْتدلَّ مستدل من هَذَا الْمَعْنى بِأَن الزَّوْجَة لَيْسَ عَلَيْهَا خدمَة زَوجهَا كَانَ حسنا.
الْخَامِس عشر: فِيهِ دَلِيل على أَن العَبْد زوج الْأمة لَهُ منعهَا من الْكِتَابَة الَّتِي تؤول إِلَى عتقهَا وفراقها لَهُ، كَمَا أَن لسَيِّد الْأمة عتق أمته تَحت العَبْد، وَإِن أدّى ذَلِك إِلَى إبِْطَال نِكَاحه، وَكَذَلِكَ لَهُ أَن يَبِيعهَا من زَوجهَا الْحر وَإِن كَانَ فِي ذَلِك بطلَان عقده.
السَّادِس عشر: فِيهِ دَلِيل على أَن بيع الْأمة ذَات الزَّوْج لَيْسَ بِطَلَاق لَهَا، لِأَن الْعلمَاء قد اجْتَمعُوا وَلم يخْتَلف فِي تِلْكَ الْأَحَادِيث أَيْضا أَن بَرِيرَة كَانَت حِين اشترتها عَائِشَة ذَات الزَّوْج، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي زَوجهَا: هَل كَانَ حرا أَو عبدا؟ وَقد اجْتمع عُلَمَاء الْمُسلمين على أَن الْأمة إِذا أعتقت وَزوجهَا عبد أَنَّهَا تخير، وَاخْتلفُوا إِذا كَانَ زَوجهَا حرا هَل تخير أم لَا؟ .
السَّابِع عشر: فِيهِ دَلِيل على جَوَاز أَخذ السَّيِّد نُجُوم الْمكَاتب من مَسْأَلَة النَّاس، لترك النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، زجرها عَن مَسْأَلَة عَائِشَة إِذا كَانَت تستعينها فِي أَدَاء نجمها، وَهَذَا يرد قَول من كره كِتَابَة الْمكَاتب الَّذِي يسْأَل النَّاس، وَقَالَ: يطعمني أوساخ النَّاس.
الثَّامِن عشر: فِيهِ دَلِيل على جَوَاز نِكَاح العَبْد الْحرَّة لِأَنَّهَا إِذا خيرت فاختارته بقيت مَعَه وَهِي حرَّة وَهُوَ عبد.
التَّاسِع عشر: قَالُوا: فِيهِ مَا يدل على ثُبُوت الْوَلَاء فِي سَائِر وُجُوه الْعتْق: كالكتابة وَالتَّعْلِيق بالصيغة وَغير ذَلِك.
الْعشْرُونَ: فِيهِ دَلِيل على قبُول خبر العَبْد وَالْأمة، لِأَن بَرِيرَة أخْبرت أَنَّهَا مُكَاتبَة، فأجابتها عَائِشَة بِمَا أجابت.
١٧ - (بابُ التقاضِي والمُلَازَمَة فيِ المَسْجِدِ)
أَي: هَذَا الْبَاب فِي بَيَان حكم التقاضي، أَي فِي مُطَالبَة الْغَرِيم بِقَضَاء الدّين. قَوْله: (والملازمة) أَي: وَحكم مُلَازمَة الْغَرِيم فِي طلب الدّين. قَوْله: (فِي الْمَسْجِد) يتَعَلَّق بالتقاضي وبالملازمة أَيْضا بالتقدير، لِأَنَّهُ مَعْطُوف عَلَيْهِ.
٧٥٤٦١١ - ح دّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدّثنا عُثْمانُ بنُ عُمَرَ قَالَ أخبرنَا يُونُسُ عنِ الزهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ عَنْ كَعْبٍ أنَّهُ تَقَاضَى ابنَ أبي حَدْرَدٍ دَيْناً كانَ لهُ عليهِ فِي المَسْجِدِ فَارْتَفَعتَ أصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسولُ اللَّهِ وهوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى يَا كعْبُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسولَ اللَّهِ قَالَ ضَعْ مِن دَيْنِكَ هَذَا وأوْمَأَ إِليْهِ أَي الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رسولَ اللَّهِ قالَ قُمْ فَاقْضِهِ. (الحَدِيث ٧٥٤ أَطْرَافه فِي: ١٧٤، ٨١٤٢، ٤٢٤٢، ٦٠٧٢، ٠١٧٢) .
وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة فِي التقاضي ظَاهر، وَأما فِي الْمُلَازمَة فبوجهين. أَحدهمَا: أَن كَعْبًا لما طلب ابْن أبي حَدْرَد بِدِينِهِ فِي