للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَبك وَمَا قلى} (الضُّحَى: ٣) . بتَخْفِيف الدَّال. قَوْله: (فَإِنَّهَا صَدَقَة) أَي: فَإِن الْمَذْكُور من الْجُمْلَة صَدَقَة. قَوْله: (تصدق بهَا) ، بِفَتْح الصَّاد وَتَشْديد الدَّال، أَصله تَتَصَدَّق فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَيجوز تَشْدِيد الصَّاد على الْإِدْغَام، وَيجوز تخفيفها. وَفِي الحَدِيث أَن الْجِهَاد أفضل الْأَعْمَال بعد الْإِيمَان، وَلما اخْتلفت الرِّوَايَات فِي أفضل الْأَعْمَال أجابوا بِأَن الِاخْتِلَاف بِحَسب اخْتِلَاف السَّائِلين، وَالْجَوَاب لَهُم بِحَسب مَا يَلِيق بالْمقَام.

وَفِيه: حسن الْمُرَاجَعَة فِي السُّؤَال وصبر الْمُفْتِي والمعلم على المستفتي والتلميذ والرفق بهم.

٣ - (بابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ العَتَاقَةِ فِي الْكُسُوفِ أوِ الآياتِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اسْتِحْبَاب الْعتَاقَة فِي كسوف الشَّمْس، والعتاقة بِفَتْح الْعين مصدر: أعتقت العَبْد، قَالَ الْكرْمَانِي: بالعتاقة أَي: بِالْإِعْتَاقِ، وَهُوَ على سَبِيل الْكِنَايَة إِذْ الْإِعْتَاق يلْزم الْعتَاقَة. قلت: كل مِنْهُمَا مصدر: أعتقت، فَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا التَّكَلُّف. قَوْله: (أَو الْآيَات) جمع: آيَة، وَهِي الْعَلامَة، وَكلمَة: أَو، هُنَا للتنويع لَا للشَّكّ هُوَ من عطف الْعَام على الْخَاص، قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا عطف بِأَو، لَا: بِالْوَاو، قلت: أَو، بِمَعْنى: الْوَاو أَو بِمَعْنى: بل؟ قلت: كَون: أَو، بِمَعْنى: الْوَاو، لَهُ وَجه، وَأما كَونه بِمَعْنى: بل، فَلَا وَجه لَهُ على مَا لَا يخفى، وَأَرَادَ بِالْآيَاتِ نَحْو الخسوف فِي الْقَمَر والظلمة الشَّدِيدَة والرياح المحرقة والزلازل وَنَحْو ذَلِك. قَالَ الْكرْمَانِي: حَدِيث الْبَاب فِي كسوف الشَّمْس، وَيسْتَحب الْعتَاقَة فِيهَا وَلَا دلَالَة على اسْتِحْبَاب الْعتَاقَة فِي الْآيَات، وَأجَاب بِالْقِيَاسِ على الْكُسُوف لِأَن الْكُسُوف أَيْضا آيَة.

٩١٥٢ - حدَّثنا موساى بنُ مَسْعُودٍ قَالَ حدَّثنا زَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ فاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قالَتْ أمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، ومُوسَى بن مَسْعُود أَبُو حُذَيْفَة النَّهْدِيّ، بالنُّون: الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَفَاطِمَة بنت الْمُنْذر بن الزبير تروي عَن جدَّتهَا أَسمَاء، وَقد مضى الحَدِيث فِي أَبْوَاب الْكُسُوف فِي: بَاب من أحب الْعتَاقَة فِي كسوف الشَّمْس، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن ربيع بن يحيى عَن زَائِدَة ... إِلَى آخِره نَحوه، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

تابَعَهُ عَلِيٌّ عنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عنْ هِشَامٍ

أَي: تَابع عَليّ مُوسَى بن مَسْعُود فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث فَرَوَاهُ عَن الدَّرَاورْدِي عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر ... إِلَى آخِره. قَالَ الْكرْمَانِي: عَليّ هُوَ ابْن حجر، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وبالراء: أَبُو الْحسن السَّعْدِيّ الْمروزِي، مَاتَ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ، وَوهم من قَالَ: المُرَاد بِهِ ابْن حجر. قلت: كلٌّ من عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَعلي بن حجر من مَشَايِخ البُخَارِيّ، وكل مِنْهُمَا روى عَن الدَّرَاورْدِي، فَمَا الدَّلِيل على صِحَة كَلَامه وَنسبَة الْوَهم إِلَى غَيره؟ والدراوردي، بِفَتْح الدَّال وَالرَّاء الْخَفِيفَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الرَّاء وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء: نِسْبَة إِلَى دراورد، قَرْيَة من قرى خُرَاسَان، وَهُوَ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد.

٠٢٥٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبِي بَكْر قَالَ حدَّثنا عَثَّامٌ قَالَ حدَّثنا هِشامٌ عنْ فاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عنْ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قالَتْ كُنَّا نُؤْمَرُ عِنْدَ الكسوفِ بالْعَتاقَةِ..

هَذَا طَرِيق أخرجه عَن مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي عَن عثام، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الثَّاء الْمُثَلَّثَة: ابْن عَليّ بن الْوَلِيد العامري الْكُوفِي، مَاله فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد، يروي عَن هِشَام بن عُرْوَة وَفَاطِمَة زَوجته، وَرِوَايَة زَائِدَة فِي هَذَا الحَدِيث السَّابِق تبين أَن الْآمِر بالعتاقة فِي الْكُسُوف فِي رِوَايَة عثام هَذِه هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا مِمَّا يُقَوي أَن قَول الصَّحَابِيّ: (كُنَّا نؤمر) بِكَذَا: فِي حكم الْمَرْفُوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>