قبلهَا. قَوْله: (وَأما تخافن) خطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَي: من قوم من الْمُشْركين. قَالَ الْأَزْهَرِي: مَعْنَاهُ إِذا هادنت قوما فَعلمت مِنْهُم النَّقْض فَلَا تسرع إِلَى النَّقْض حَتَّى تلقي إِلَيْهِم أَنَّك نقضت الْعَهْد فيكونون فِي علم النَّقْض مستوين، ثمَّ أوقع بهم. وَقَالَ الْكسَائي: السوَاء الْعدْل، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: الْمثل، وَقيل: أعلمهم أَنَّك قد جازيتهم حَتَّى يصيروا مثلك فِي الْعلم.
٧٧١٣ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرَنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرَنا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِي أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِيمَنْ يُؤذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى لَا يَحُجُّ بَعْدَ العامِ مُشْرِكٌ ولَا يَطُوفُ بالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ويَوْمُ الحَجِّ الأكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ وإنَّمَا قِيلَ الأكْبَرُ مِنْ أجْلِ قَوْلِ النَّاسِ الحَجُّ الأصْغَرُ فنَبَذَ أبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْعَام فَلَمْ يَحُجَّ عامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُشْرِكٌ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فنبذ أَبُو بكر إِلَى النَّاس) وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَهَذَا الْإِسْنَاد قد تكَرر ذكره.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْحَج فِي: بَاب لَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا مُشْرك فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن: أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهُ أَن أَبَا بكر الصّديق بَعثه فِي الْحجَّة الَّتِي أمره عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قبل حجَّة الْوَدَاع فِي رَهْط يُؤذن فِي النَّاس: أَلا لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان.
قَوْله: (بَعَثَنِي أَبُو بكر) ، كَانَ بَعثه إِيَّاه فِي الْحجَّة الَّتِي أمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل حجَّة الْوَدَاع، وَالْأَحَادِيث يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا. قَوْله: (وَيَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر) ، هَذَا قَول مَالك وَجَمَاعَة من الْفُقَهَاء، وَقيل: عَرَفَة، وَإِنَّمَا قيل لَهُ: الْأَكْبَر، لأجل قَول النَّاس: الْحَج الْأَصْغَر. قَالَ الدَّاودِيّ: يَعْنِي الْعمرَة، وَقيل: إِنَّمَا قيل لَهُ: الْأَكْبَر، لِأَن النَّاس كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يقفون بِعَرَفَة وتقف قُرَيْش بِالْمُزْدَلِفَةِ، لأَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: لَا نخرج من الْحرم، فَإِذا كَانَ صَلَاة الْفجْر يَوْم النَّحْر وَلَيْلَة النَّحْر اجْتَمعُوا كلهم بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَقيل لَهُ: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر، لِأَنَّهُ يَوْم الِاجْتِمَاع الْأَكْبَر فِيهِ.
٧١ - (بابُ إثْمِ منْ عاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم من عَاهَدَ ثمَّ غدر، أَي: نقض الْعَهْد.
وقَوْلِهِ تَعَالى: {الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كلِّ مَرَّة وهُمْ لَا يَتَّقُونَ} (الْأَنْفَال: ٦٥) .
وَقَوله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: إِثْم، أَي: وَفِي بَيَان مَا جَاءَ فِي تَحْرِيم نقض الْعَهْد من قَوْله تَعَالَى: {الَّذين عَاهَدت} (الْأَنْفَال: ٦٥) . الْآيَة، والغدر حرَام بِاتِّفَاق، سَوَاء كَانَ فِي حق الْمُسلم أَو الذِّمِّيّ.
...
٨٧١٣ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ عنْ عَبْدِ الله بنِ مُرَّةَ عنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وَرَضي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْبَعُ خِلالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كانَ مُنَافِقاً خالِصاً مَنْ إذَا حَدَّثَ كذَبَ وإذَا وعَدَ أخْلَفَ وإذَا عاهَدَ غَدَرَ وإذَا خاصَمَ فَجَرَ ومَنْ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النَّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا. (انْظُر الحَدِيث ٤٣ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَإِذا عَاهَدَ غدر) ، وَرِجَاله كلهم قد مروا غير مرّة. والْحَدِيث أَيْضا مر فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب عَلامَة الْمُنَافِق، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (أَربع خلال) ، أَي: أَربع خِصَال، وَهُوَ جمع: خلة، وَهِي: الْخصْلَة.
٩٧١٣ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيَانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عنُ أبِيهِ