فلئلا يظنّ أَن الصّيام يلْزم يَوْم الْفطر إِلَى أَن يُصَلِّي صَلَاة الْعِيد مَعَ التأسي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَقَالَ مُرَجَّى رَجاء حدَّثني عُبَيْدُ الله قَالَ حدَّثني أنسٌ عنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويَأكُلُهُنَّ وَتْرا
ذكر البُخَارِيّ هَذَا الْمُعَلق لإِفَادَة أَرْبَعَة أَشْيَاء: الأول: أَن فِيهِ التَّصْرِيح بِإِخْبَار عبيد الله بن أبي بكر عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَن فِي الرِّوَايَة الأولى: عنعنة. وَالثَّانِي: الْإِشَارَة إِلَى أَن الْأكل مُقَيّد بالوتر للحكمة الَّتِي ذَكرنَاهَا. وَالثَّالِث: الْإِشَارَة إِلَى أَن مرجَّى قد تَابع هشيما على رِوَايَته عَن عبيد الله بن أبي بكر. وَالرَّابِع: أَن مرجَّى، ضم الْمِيم وَفتح الرَّاء وَتَشْديد الْجِيم الْمَفْتُوحَة وَالْيَاء الْمَقْصُورَة، ورجاء، بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْجِيم وبالمد: السَّمرقَنْدِي.
٥ - (بابُ الأكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْأكل يَوْم عيد النَّحْر، وَلم يذكر الْأكل هُنَا فِي وَقت معِين كَمَا ذكره معينا فِي بَاب الْأكل يَوْم الْفطر، فَإِنَّهُ قَيده بقوله: قبل الْخُرُوج، يَعْنِي إِلَى الْمصلى، لِأَن فِي حَدِيث الْبَاب: فَقَامَ رجل فَقَالَ: هَذَا يَوْم يشتهى فِيهِ اللَّحْم، وَلم يُقيد بِوَقْت، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث الْبَراء: (إِن الْيَوْم يَوْم أكل وَشرب) ، وَلَكِن يُمكن أَن يكون المُرَاد من الْيَوْم بعض الْيَوْم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} (سُورَة: {} ) . ثمَّ إِن هَذَا الْبَعْض مُجمل، وَقد فسره فِي حَدِيث بُرَيْدَة، أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب السَّابِق، فَإِنَّهُ بَين فِيهِ أَن وَقت الْأكل فِي هَذَا الْيَوْم بعد الصَّلَاة، كَمَا بَين أَن وقته فِي عيد الْفطر قبل الصَّلَاة.
٩٥٤ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ عنْ أيُّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أنَسٍ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ فقامَ رَجُلٌ فَقَالَ هاذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيِهِ اللَّحْمُ وذَكَرَ منْ جِيرَانِهِ فكأنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدَّقَهُ قالَ وَعِنْدِي جذَعَةٌ أحَب ألَيَّ مِنْ شَاتِي لَحْمٍ فَرَخَّصَ لَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا أدْرِي أبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أمْ لَا؟ .
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (هَذَا يَوْم يَشْتَهِي فِيهِ اللَّحْم) ، فَإِنَّهُ أطلق ذكر الْيَوْم، وَكَذَلِكَ فِي التَّرْجَمَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة، قد ذكرُوا غير مرّة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَضَاحِي عَن مُسَدّد، وَعَن عَليّ بن عبد الله، وَعَن صَدَقَة بن الْفضل، وَفِي صَلَاة الْعِيد عَن حَامِد بن عمر. وَأخرجه مُسلم فِي الذَّبَائِح عَن يحيى بن أَيُّوب وَزُهَيْر بن حَرْب وَعَمْرو النَّاقِد، ثَلَاثَتهمْ عَن ابْن علية بِهِ، وَعَن زِيَاد بن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن عبيد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة، وَفِي الْأَضَاحِي عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَضَاحِي عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن إِسْمَاعِيل بن علية بِهِ مُخْتَصرا.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من ذبح قبل الصَّلَاة فليعد) ، أَي: من ذبح أضحيته قبل صَلَاة عيد الْأَضْحَى فليعد أضحيته، لِأَن الذّبْح للتضحية لَا يَصح قبل الصَّلَاة. قَوْله: (فَقَامَ رجل) هُوَ أَبُو بردة بن نيار كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث الَّذِي يَأْتِي بعده وَهُوَ خَال الْبَراء بن عَازِب. قَوْله: (فَقَالَ هَذَا يَوْم يُشتهى فِيهِ اللَّحْم) ، وَهَذَا يدل على أَنه يَوْم فطر. قَوْله: (وَذكر من جِيرَانه) ، يَعْنِي: ذكر مِنْهُم فَقرهمْ واحتياجهم، كَمَا يَجِيء هَذَا الْمَعْنى فِي الحَدِيث الَّذِي يَأْتِي فِي: بَاب كَلَام الإِمَام وَالنَّاس فِي خطْبَة الْعِيد، وَفِي لفظ: (وَذكره هنة من جِيرَانه، وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَة شَيْخه قطب الدّين، وبخط الدمياطي. وَذكر) : (من جِيرَانه) بِدُونِ لفظ: هنة، كَمَا هُوَ الْمَذْكُور هَهُنَا، والهنة: الْحَاجة والفقر، وَحكى الْهَرَوِيّ عَن بَعضهم شدّ النُّون فِي: هن وهنة، وَأنْكرهُ الْأَزْهَرِي، وَقَالَ الْخَلِيل: من الْعَرَب من يسكنهُ يجريه مجْرى: من، وَمِنْهُم من ينونه فِي الْوَصْل، قَالَ ابْن قرقول: وَهُوَ أحسن من الإسكان. قَوْله: