وَتَخْفِيف اللَّام وبالباء الْمُوَحدَة أَي: المحلوب، وَقيل: هُوَ الْإِنَاء الَّتِي يحلب فِيهَا. قَوْله: (أَن أوقظهما) بِضَم الْهمزَة من الإيقاظ قَوْله: (يتضاغون) بالضاد وبالغين المعجمتين أَي: يصيحون، من ضغا إِذا صَاح وكل صَوت ذليل مقهور يُسمى ضغواً، تَقول: ضغا يضغو ضغواً وضغاء، وَقَالَ الدَّاودِيّ: يتضاغون أَي: يَبْكُونَ ويتوجعون، قيل: نَفَقَة الْأَوْلَاد مُقَدّمَة على نَفَقَة الْأُصُول. وَأجِيب بِأَن دينهم لَعَلَّه كَانَ بِخِلَاف ذَلِك أَو كَانُوا يطْلبُونَ الزَّائِد على سد الرمق، أَو كَانَ صِيَاحهمْ لغير ذَلِك. قَوْله: (فافرج لنا فُرْجَة) بِضَم الْفَاء من فُرْجَة الْحَائِط وَهُوَ المُرَاد هُنَا، وَأما الفرجة بِالْفَتْح فَهِيَ عَن الكرب والهم. قَوْله: (حَتَّى يرَوْنَ) وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ: حَتَّى رَأَوْا. قَوْله: (مَا يحب الرِّجَال) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: الرجل، بِالْإِفْرَادِ. قَوْله: (لَا تفتح الْخَاتم) ، كِنَايَة عَن إِزَالَة الْبكارَة. قَوْله: (اللَّهُمَّ) كرر هَذِه اللَّفْظَة لِأَن هَذَا الْمقَام أصعب المقامات، فَإِنَّهُ ردع لهوى النَّفس. قَوْله: (بفرق) بِفَتْح الرَّاء وَقد تسكن، وَأنكر القتبي إسكانها وَهُوَ مَكِيل مَعْرُوف بِالْمَدِينَةِ: سِتَّة عشر رطلا. قَوْله: (أرز) قد مر فِيمَا مضى أَن فِيهِ تسع لُغَات فَإِن قلت: بَاب الْبيُوع: من ذرة، وَهنا وَفِي بَاب الْإِجَارَة: فرق أرز؟ قلت: لَعَلَّه كَانَ بعضه من ذرة وَبَعضه من أرز. قَوْله: (إذهب إِلَى ذَلِك الْبَقر) ذكر إسم الْإِشَارَة بِاعْتِبَار السوَاد المرئي، وأنث الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الْبَقر بِاعْتِبَار جمعية الْجِنْس. قَوْله: (فَأَخذه وَانْطَلق بهَا) ذكر الضَّمِير فِي: أَخذه، وأنَّثه فِي: بهَا، وَوَجهه مَا ذَكرْنَاهُ، ويروى: فَأَخذهَا، وَرُوِيَ: فَخذ تِلْكَ الْبَقر.
٦ - (بابٌ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ مِنَ الكَبائِرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن عقوق الْوَالِدين من الْكَبَائِر، وَقَالَ بَعضهم: بَاب، التَّنْوِين. قلت: لَا يَصح بِالتَّنْوِينِ إلَاّ بِشَيْء مُقَدّر لِأَن شَرط الْإِعْرَاب التَّرْكِيب. والعقوق مُشْتَقّ من العق وَهُوَ الشق وَالْقطع، وَقد فرق الْجَوْهَرِي بَين مصدر قَوْله: عق عَن وَلَده، وَبَين مصدر: عق وَالِده، فَقَالَ: وعق عَن وَلَده يعق عقاً إِذا ذبح عَنهُ يَوْم أسبوعه، وَكَذَلِكَ إِذا حلق عقيقته، وعق وَالِده عقوقاً ومعقة فَهُوَ عَاق وعقق وَالْجمع عققة. مثل كفرة. وَأما صَاحب (الْمُحكم) فصدر كَلَامه بالتسوية بَينهمَا، وَقَالَ: عقه يعقه عقاً فَهُوَ معقق وعقيق شقَّه، قَالَ: وعق عَن ابْنه يعق ويعق حلق عقيقته أَو ذبح عَنهُ شَاة، وَاسم تِلْكَ الشَّاة: الْعَقِيقَة قَالَ: وعق وَالِده يعقه عقوقاً شقّ عَصا طَاعَته، قَالَ: وَرجل عُقُق وعقق وعق وعاقٍ، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: عق وَالِده إِذا آذاه وَعَصَاهُ وَخرج عَلَيْهِ، قَالَ: وَهُوَ ضد الْبر، وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: ضبط الْوَاجِب من الطَّاعَة لَهما وَالْمحرم من العوق مَا لَهما فِيهِ عسر. ورتب العقوق مُخْتَلفَة، وَقَالَ ابْن عبد السَّلَام: لم أَقف فِي عقوق الْوَالِدين وَلَا فِيمَا يختصان بِهِ من الْحُقُوق على ضَابِط اعْتمد عَلَيْهِ، فأيما يحرم فِي حق الْأَجَانِب فَهُوَ حرَام فِي حَقّهمَا وَمَا يجب للأجانب فَهُوَ وَاجِب لَهما، وَلَا يجب على الْوَلَد طاعتهما فِي كل مَا يأمران بِهِ وَلَا فِي كل مَا ينهيان عَنهُ بِاتِّفَاق الْعلمَاء، وَقَالَ الشَّيْخ تفي الدّين السُّبْكِيّ: إِن ضَابِط العقوق إيذاؤهما بِأَيّ نوع كَانَ من أَنْوَاع الْأَذَى. قل أَو كثر، نهيا عَنهُ أَو لم ينهيا أَو يخالفهما فِيمَا يأمران أَو ينهيان بِشَرْط انْتِفَاء الْمعْصِيَة فِي الْكل، وَحكى قَول الْغَزالِيّ: أَن أَكثر الْعلمَاء على وجوب طاعتهما فِي الشُّبُهَات، وَوَافَقَهُمَا عَلَيْهِ، وَحكى قَول الطرطوسي من الْمَالِكِيَّة: أَنَّهُمَا إِذا نهياه عَن سنية راتبة الْمرة بعد الْمرة أَطَاعَهُمَا، وَإِن كَانَ ذَلِك على الدَّوَام فَلَا طَاعَة لَهما فِيهِ لما فِيهِ من إماتة الشَّرْع، وَوَافَقَهُ على ذَلِك أَيْضا.
قالَهُ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
هَذَا التَّعْلِيق وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عمر بِضَم الْعين وَوَقع للأصيلي: عمر، وَبِفَتْحِهَا وَكَذَا فِي بعض النّسخ عَن أبي ذَر، وَهُوَ الْمَحْفُوظ، وَوَصله البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور من رِوَايَة الشّعبِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَقتل النَّفس وَالْيَمِين الْغمُوس، وَأخرج النَّسَائِيّ لِابْنِ عمر حَدِيثا فِي الْعَاق بِلَفْظ: ثَلَاثَة لَا ينظر الله إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة: الْعَاق لوَالِديهِ ومدمن الْخمر والمنان، وَأخرجه الْبَزَّار أَيْضا وَابْن حبَان وَصَححهُ وَالْحَاكِم كَذَلِك.
٥٩٧٥ - حدَّثنا سَعْدُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا شَيْبانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ المُسَيَّبِ عَنْ ورَّادٍ عَنِ المُغِيرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute