٣٥ - (بابُ حَدِيثِ الإفْكِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حَدِيث الْإِفْك، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ: بَاب، بل هَكَذَا: حَدِيث الْإِفْك، أَي: هَذَا حَدِيث الْإِفْك وَلما كَانَ حَدِيث الْإِفْك فِي غَزْوَة بني المصطلق وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع ذكره هُنَا.
الإفْكِ والأفَكِ بِمَنْزِلَةِ النِّجْسِ والنَّجَسِ
أَشَارَ بهما إِلَى أَنَّهُمَا لُغَتَانِ الأولى: الأفك، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء: كالنجس، بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْجِيم، وَالثَّانيَِة: الأفك، بِفَتْح الْهمزَة وَالْفَاء مَعًا: كالنجس، بِفتْحَتَيْنِ، وَالْأولَى هِيَ اللُّغَة الْمَشْهُورَة. قَوْله: (بِمَنْزِلَة النَّجس) أَي: بنظير النَّجس وَالنَّجس فِي الضَّبْط، وَفِي كَونهمَا لغتين، ثمَّ الْإِفْك مصدر أفك الرجل يأفك من بَاب ضرب يضْرب إِذا كذب، والإفك، بِضَم الْهمزَة جمع أفوك، وَهُوَ الْكثير الْكَذِب، ذكره ابْن عديس فِي الْكتاب (الباهر) .
يقَالُ إفْكُهُمْ وأفَكَهُمْ وأفَّكَهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {بل ضلوا عَنْهُم وَذَلِكَ إفكهم وَمَا كَانُوا يفترون} (الْأَحْقَاف: ٢٨) . قرىء فِي الْمَشْهُور: إفكهم، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء، وارتفاعه على أَنه خبر لقَوْله: وَذَلِكَ، وقرىء فِي الشاذ: أفكهم، بِفَتْح الْهمزَة وَالْفَاء وَالْكَاف جَمِيعًا على أَنه فعل ماضٍ، وقرىء أَيْضا: وأفكهم، بتَشْديد الْفَاء للْمُبَالَغَة، وآفكهم، بِمد الْهمزَة وَفتح الْفَاء أَي: جعلهم آفكين وآفكهم بِالْمدِّ وَكسر الْفَاء، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي قَوْلهم الْكَذِب كَمَا تَقول: قَول كَاذِب.
فَمَنْ قَالَ أفَكَهُمْ
يَعْنِي من جعله فعلا مَاضِيا.
يَقُولُ صرَفَهُمْ عنِ الإيمَانِ وكذَبَهُمْ كَمَا قَالَ يُؤْفَكُ عنْهُ مِنْ أُفِكَ يُصْرَفُ عنْهُ مِنْ صُرِفَ
يؤفك، بِضَم الْيَاء صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي الحَدِيث: لقد أفك قوم كَذبُوك، وظاهروا عَلَيْك، أَي صرفُوا عَن الْحق وَمنعُوا مِنْهُ، يُقَال: أفكه يأفكه أفكاً إِذا صرفه عَن الشَّيْء وَقَلبه، وأفك فَهُوَ مأفوك.
٤١٤١ - حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنَا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ حدَّثَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ وسَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ وعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ وعُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُودٍ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَالَ لَهَا أهْلُ الإفْكِ مَا قَالُوا وكلُّهُمْ حدَّثَنِي طائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وبَعْضُهُمْ كانَ أوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وأثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصَاً وقَدْ وَعيْتُ عنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ الحَدِيثَ الَّذِي حدَّثَنِي عنْ عَائِشة وبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدَّقُ بَعْضَاً وإنْ كانَ بَعْضُهُمْ أوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ قالُوا قالَتْ عائِشَةُ كانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أرَادَ سفَرَاً أقْرَعَ بَيْنَ أزْوَاجِهِ فأيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خرَجَ بِهَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهُ قالَتْ عائِشَةُ فأقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي فخَرَجْتُ معَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وقَفَلَ دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ فقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ فلَمَّا قَضَيْتُ شأنِي أقْبَلْتُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute