الرِّجَال وَعين هَذَا الْمَتْن فِي: بَاب غَزْوَة خَيْبَر، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: كَانَ فِي يَوْم أحد قَوْله: (وَفِي أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل) ، واسْمه قزمان وَهُوَ مَعْدُود فِي الْمُنَافِقين، وَكَانَ تخلف يَوْم أحد فَعَيَّرَهُ النِّسَاء وقلن لَهُ: مَا أَنْت إِلَّا امْرَأَة، فَخرج فَكَانَ أول من رمى بِسَهْم ثمَّ كسر جفن سَيْفه. ونادى: يَا آل الْأَوْس قَاتلُوا على الأحساب، فَلَمَّا خرج مر بِهِ قَتَادَة بن النُّعْمَان فَقَالَ لَهُ: هَنِيئًا لَك الشَّهَادَة، فَقَالَ: إِنِّي وَالله مَا قَاتَلت على دين، مَا قَاتَلت إلَاّ على الْحفاظ، ثمَّ قتل نَفسه، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليؤيد هَذَا الدّين بِالرجلِ الْفَاجِر. قَوْله:(لَا يدع لَهُم شَاذَّة) ، بشين وذال معجمتين، والفاذة، بِالْفَاءِ وَتَشْديد الذَّال الْمُعْجَمَة، قَالَ الْخطابِيّ: الشاذة هِيَ الَّتِي كَانَت فِي الْقَوْم ثمَّ شذت مِنْهُم، والفاذة من لم يخْتَلط مَعَهم أصلا، فوصفه بِأَنَّهُ لَا يبقي شَيْئا إِلَّا أَتَى عَلَيْهِ، وَقَالَ الدَّاودِيّ: الشاذة والفاذة مَا صغر وَكبر ويركب كل صَعب وَذَلُول، وَيُقَال: أنث الْكَلِمَتَيْنِ على وَجه الْمُبَالغَة، كَمَا قَالُوا: عَلامَة ونسابة، وَقيل: أنث الشاذة لِأَنَّهَا بِمَعْنى النَّسمَة. قَوْله:(مَا أجرأ) ، بجيم وزاي وهمزة، يَعْنِي: مَا أغْنى وَلَا كفى. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَذَا صحت فِيهِ رِوَايَتَانِ رباعياً. وَفِي (الصِّحَاح) أجزأني الشَّيْء: كفاني، وجزا عني هَذَا الْأَمر، أَي: قضى. قَوْله:(وذبابه) ذُبَاب السَّيْف طرفه الَّذِي يضْرب بِهِ، وَقَالَ ابْن فَارس: ذُبَاب السَّيْف حَده. قَوْله:(بَين ثدييه) ، قَالَ ابْن فَارس: الثدي للْمَرْأَة وَالْجمع الثدي يذكر وَيُؤَنث، وتندوة الرجل كثدي الْمَرْأَة، وَهُوَ مَهْمُوز إِذا ضم أَوله، فَإِذا فتح لم يهمز، وَيُقَال: هُوَ طرف الثدي. قَوْله:(ثمَّ تحامل) ، أَي: مَال، يُقَال: تحاملت على الشَّيْء إِذا تكلفت الشَّيْء على مشقته. قَوْله:(فِيمَا يَبْدُو) أَي: فِيمَا يظْهر. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْقَتْل هُوَ مَعْصِيّة وَالْعَبْد لَا يكفر بالمعصية فَهُوَ من أهل الْجنَّة لِأَنَّهُ مُؤمن؟ قلت: لَعَلَّ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، علم بِالْوَحْي أَنه لَيْسَ مُؤمنا، أَو أَنه سيرتد حَيْثُ يسْتَحل قتل نَفسه، أَو المُرَاد من كَونه من أهل النَّار: أَنه من العصاة الَّذين يدْخلُونَ النَّار ثمَّ يخرجُون مِنْهَا. انْتهى. قلت: لَو اطلع الْكرْمَانِي على أَنه كَانَ معدوداً فِي الْمُنَافِقين، أَو على قَوْله: قَاتَلت على دين، لما تكلّف بِهَذِهِ الترديدات.
وَفِيه: صدق الْخَبَر عَمَّا يكون وَخُرُوجه على مَا أخبر بِهِ الشَّارِع، وَهُوَ من عَلَامَات النُّبُوَّة. وَفِيه: زِيَادَة تطمين فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ، أَلَا ترى أَن الرجل حِين رأى أَنه قتل نَفسه، قَالَ: حِين أخبر بِهِ الرَّسُول، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أشهد أَنَّك لرَسُول الله. وَفِيه: أَن الإعتبار بالخواتيم وبالنيات.