إِلَى الحَدِيث الْمَذْكُور فِي: بَاب الْقصاص بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَقد مر عَن قريب، وَالْجَوَاب: أَنه ورد فِي الرّبيع حديثان مُخْتَلِفَانِ وحكمان اثْنَان فِي قضيتين مختلفتين لجارية وَاحِدَة، أحد الْحكمَيْنِ فِي جِرَاحَة جرحتها الرّبيع إنْسَانا فَقضى بِالْقصاصِ من تِلْكَ الْجراحَة، فَحَلَفت أَنه لَا تقتص مِنْهَا، فأبر الله قسمهَا وَرَضوا بِالدِّيَةِ. وَالثَّانِي: فِي ثنية امْرَأَة كسرتها فَقضى بِالْقصاصِ، فَحلف أَخُوهَا أنس بن النَّضر أَن لَا تقتص مِنْهَا، وَرَضوا بِالْأَرْشِ، وَكَانَ هَذَا قبل أحد، لِأَن أنس بن النَّضر قتل يَوْم أحد.
٢٠ - (بابُ دِيةِ الأصابِعِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان دِيَة الْأَصَابِع هَل هِيَ مستوية أَو مُخْتَلفَة؟ .
٦٨٩٥ - حدّثنا آدَمُ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ قتادَةَ، عنْ عِكْرِمَةَ، عنِ ابْن عَبَّاسٍ عَن النَّبيِّ قَالَ: هاذِهِ وهاذِهِ سَواءٌ يعْني: الخِنْصَرَ والإبْهامَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه أوضح الحكم فِي التَّرْجَمَة.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الدِّيات عَن نصر بن عَليّ وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن بنْدَار عَن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن نصر بن عَليّ بِهِ وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد وَغَيره.
قَوْله: سَوَاء يَعْنِي: فِي الدِّيَة، والخنصر بِالْكَسْرِ الإصبع الصُّغْرَى.
وَثَبت فِي كتاب الدِّيات الَّذِي كتبه سيدنَا رَسُول الله لآل عَمْرو بن حزم أَنه قَالَ فِي: الْيَد خَمْسُونَ من الْإِبِل فِي كل إِصْبَع عشر من الْإِبِل، وَأجْمع الْعلمَاء على أَن فِي الْيَد نصف الدِّيَة، وأصابع الْيَد وَالرجل سَوَاء، وعَلى هَذَا أَئِمَّة الْفَتْوَى، وَلَا فضل لبَعض الْأَصَابِع عِنْدهم على بعض. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: روينَا عَن عمر وَعلي وَعُرْوَة بن الزبير تَفْضِيل بعض الْأَصَابِع على بعض، روى الثَّوْريّ وَحَمَّاد بن زيد بن يحيى بن سعيد عَن ابْن الْمسيب: أَن عمر جعل فِي الْإِبْهَام خمس عشرَة وَفِي البنصر تسعا، وَفِي الْخِنْصر سِتا، وَفِي السبابَة وَالْوُسْطَى عشرا عشرا. حَتَّى وجد فِي كتاب الدِّيات عِنْد آل عَمْرو بن حزم أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: الْأَصَابِع كلهَا سَوَاء فَأخذ بِهِ وَترك الأول. وَرَوَاهُ جَعْفَر بن عون عَن يحيى بن سعيد عَن ابْن الْمسيب قَالَ: قضى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي الْإِبْهَام بِثَلَاث عشرَة وَالَّتِي تَلِيهَا بثنتي عشرَة وَفِي الْوُسْطَى بِعشْرَة وَفِي الَّتِي تَلِيهَا بتسع وَفِي الْخِنْصر بست، وَلم يلْتَفت أحد من الْفُقَهَاء إِلَى هذَيْن الْقَوْلَيْنِ لما ثَبت فِي حَدِيث الْبَاب عَن ابْن عَبَّاس، وَحَدِيث عَمْرو بن حزم.
وَأما مفاصل الْأَصَابِع فَروِيَ عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قضى فِي كل أُنْمُلَة بِثلث دِيَة الإصبع، وَعَن عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن رجل عَن مَكْحُول عَن زيد بن ثَابت أَنه قَالَ: فِي الإصبع الزَّائِدَة ثلث دِيَة الإصبع، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا شَيْء فِيهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: فِيهَا حكم.
حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حدّثنا ابنُ أبي عَدِيَ، عنْ شُعْبَةَ، عَن قتادَةَ، عنْ عِكْرِمَةَ، عَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ نَحْوَهُ
أَي: هَذَا طَرِيق آخر نَازل دَرَجَة من السَّنَد الأول من أجل وُقُوع التَّصْرِيح بِسَمَاع ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي وَفِي الطَّرِيق الأول نوع إرْسَال صوري لروايته بِلَفْظَة: عَن.
قَوْله: نَحوه أَي: نَحْو الحَدِيث السَّابِق. وَأخرجه ابْن مَاجَه من رِوَايَة ابْن أبي عدي بِلَفْظ: الْأَصَابِع سَوَاء، وَابْن أبي عدي مُحَمَّد وَاسم أبي عدي إِبْرَاهِيم.
٢١ - (بابٌ إِذا أصابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعاقَبُ؟ أوْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ إِذا أصَاب قوم من رجل يَعْنِي: إِذا فجعوه، قَوْله: يُعَاقب، على بِنَاء الْمَجْهُول كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة: يعاقبون بِصِيغَة الْجمع وَفِي رِوَايَة: يعاقبوا، بِحَذْف النُّون وَهِي لُغَة ضَعِيفَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا مفعول قَوْله: يُعَاقب؟ . قلت: هُوَ من تنَازع الْفِعْلَيْنِ فِي لفظ كلهم. فَإِن قلت: مَا فَائِدَة الْجمع بَين المعاقبة والاقتصاص؟ . قلت: الْغَالِب أَن الْقصاص يسْتَعْمل فِي الدَّم والمعاقبة الْمُكَافَأَة والمجازاة، مثل مجازاة اللد وَنَحْوه، فَلَعَلَّ غَرَضه التَّعْمِيم، وَلِهَذَا فسرنا الْإِصَابَة بالتفجيع