للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠ - (بابُ قَوْلِهِ: {وَإنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أوْ عَلَى سَفَرٍ أوْ جَاءَ أحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ} (النِّسَاء: ٤٣)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كُنْتُم مرضى} الْآيَة. قَوْله: (مرضى) ، جمع مَرِيض، وَأَرَادَ بِهِ مَرِيضا يضرّهُ المَاء كصاحب الجدري والجروح وَمن يتَضَرَّر بِاسْتِعْمَال المَاء هَذَا قَول جمَاعَة من الْفُقَهَاء إلَاّ مَا ذهب إِلَيْهِ عَطاء وَالْحسن أَنه لَا يتَيَمَّم مَعَ وجود المَاء احتجاجا بقوله تَعَالَى: {فَإِن لم تَجدوا مَاء} وَلم يُؤْخَذ بِهِ. قَوْله: (أَو على سفر) ، أَي: أَو كُنْتُم على سفر وَلَيْسَ السّفر شرطا لإباحة التَّيَمُّم، وَإِنَّمَا الشَّرْط عدم المَاء، وَإِنَّمَا ذكر السّفر لِأَن المَاء يعْدم فِيهِ غَالِبا. قَوْله: (أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط) ، وَهُوَ الْموضع المطمئن من الأَرْض، كَانُوا يتبرزون هُنَاكَ ليغيبوا عَن أعين النَّاس، فكنى عَن الْحَدث بمكانه، ثمَّ كثر الِاسْتِعْمَال حَتَّى صَار كالحقيقة، وَالْفِعْل مِنْهُ: غاط يغوط، مثل عَاد يعود.

صَعِيدٌ أوْجهَ الأَرْضِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} وَفسّر صَعِيدا بقوله: وَجه الأَرْض، ذكره أَبُو بكر بن الْمُنْذر عَن أبي عُبَيْدَة.

وَقَالَ جَابِرُ كَانَتِ الطَوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إلَيْها فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ وَفِي أسْلَمَ وَاحِدٌ وَفِي كُلِّ حَيِّ وَاحِدٌ كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمِ الشَّيْطَانُ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت} (النِّسَاء: ٦٠) . قَوْله: (كَانَت الطواغيت) ، هُوَ جمع طاغوت، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: الطاغوت اسْم وَاحِد مؤنث، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد هُوَ عِنْدِي جمَاعَة. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الطاغوت يكون جمعا وواحدا. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: وطاغوت وَإِن كَانَ على وزن لاهوت، فَهُوَ مقلوب لِأَنَّهُ من طَغى ولاهوت غير مقلوب لِأَنَّهُ من لاه. لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الرغبوت والرهبوت انْتهى. قلت: أَصله طغبوت فَقدمت الْيَاء على الْغَيْن فَصَارَ طيغوت فقلبت الْيَاء ألفا لتحركهاوانفتاح مَا قبلهَا، والطاغوت والكاهن والشياطن وكل رَأس فِي الضلال فَهُوَ طاغوت. قَوْله: (فِي جُهَيْنَة وَاحِد) ، أَي: مُسَمّى بطاغوت، وجهينة قَبيلَة، وَكَذَلِكَ أسلم على وزن أفعل التَّفْصِيل. قَوْله: (كهان) ، بِالرَّفْع لِأَنَّهُ خبر مُبْتَدأ أَي: الطواغيت الْمَذْكُورَة فِي الْقَبَائِل كهان، بِضَم الْكَاف، جمع كَاهِن ينزل عَلَيْهِم الشَّيْطَان فَيلقى إِلَيْهِم الْأَخْبَار، والكاهن هُوَ الَّذِي يتعاطى الْخَبَر عَن الكائنات فِي مُسْتَقْبل الزَّمَان ويدعى معرفَة الْأَسْرَار، وَهَذَا الْأَثر ذكره ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه عَن الْحسن بن الصَّباح: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الْكَرِيم حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن عقيل عَن أَبِيه عقيل بن معقل عَن وهب بن مُنَبّه. قَالَ: سَأَلت جَابر ابْن عبد الله عَن الطواغيت الحَدِيث بِزِيَادَة، وَفِي هِلَال وَاحِد.

وَقَالَ عُمَرُ الجِبْتُ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ وَقَال عِكْرَمَةُ الجِبْتُ بِلِسانِ الحَبَشَةِ شَيْطَانٌ وَالطَاغُوتُ الكَاهِنُ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت} (النِّسَاء: ٥١) وَأثر عمر رَوَاهُ عبد بن حميد عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن حسان بن قَائِد عَن عمر، وَأثر عِكْرِمَة رَوَاهُ عبد أَيْضا عَن أبي الْوَلِيد عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر عَنهُ، وَاخْتَارَ الطَّبَرِيّ أَن المُرَاد بالجبت والطاغوت جنس مَا كَانَ يعبد من دون الله سَوَاء كَانَ صنما أَو شَيْطَانا أَو آدَمِيًّا، فَيدْخل فِيهِ السَّاحر والكاهن، وَأخرج الطَّبَرِيّ أَيْضا بِإِسْنَاد صَحِيح عَن سعيد بن جُبَير. قَالَ: الجبت السَّاحر بِلِسَان الْحَبَشَة، والطاغوت الكاهن، وَهَذَا يدل على وُقُوع المعرب فِي الْقُرْآن. وَاخْتلف فِيهِ فَأنْكر الشَّافِعِي وَأَبُو عُبَيْدَة وُقُوع ذَلِك فِي الْقُرْآن وحملا مَا وجد من ذَلِك على توارد اللغتين، وَأَجَازَ ذَلِك قوم وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَاحْتج لذَلِك بِوُقُوع إسماء الْإِعْلَام فِيهِ كإبراهيم وَغَيره، فَلَا مَانع من وُقُوع إسماء الْأَجْنَاس فِيهِ أَيْضا وَقد وَقع فِي البُخَارِيّ جملَة من ذَلِك، وَقيل: مَا وَقع من ذَلِك فِي الْقُرْآن سَبْعَة وَعِشْرُونَ وَهِي (السلسبيل) و (كورت) وَبيع (روم) و (طُوبَى) و (سجيل) و (كافور) و (زنجبيل) و (ومشكاة) و (وسرادق) و (استبرق) و (صلوَات) و (سندس) و (طور) و (قَرَاطِيس) و (ربانيين) و (غساق) و (دِينَار) و (قسطاس) و (قسورة) و (اليم) و (ناشئة) و (كِفْلَيْنِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>