ذَلِك صَرِيحًا كَمَا سَيَجِيءُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَوْله: (أَن نخرج) بنُون الْمُتَكَلّم، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة وَالتَّقْدِير: بِأَن نخرج، أَي: بِالْإِخْرَاجِ. قَوْله: (حَتَّى نخرج الْبكر) كلمة: حَتَّى، للغاية و: حَتَّى الثَّانِيَة غَايَة الْغَايَة أَو عطف على الْغَايَة الأولى. وَالْوَاو مَحْذُوف مِنْهَا وَهُوَ جَائِز عِنْدهم. قَوْله: (من خدرها) ، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة: وَهُوَ ستر يكون فِي نَاحيَة الْبَيْت تقعد الْبكر وَرَاءه. وَقيل: هُوَ الهودج، وَقيل: سَرِير عَلَيْهِ ستر. وَقيل: هُوَ الْبَيْت، وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب شُهُود الْحَائِض الْعِيدَيْنِ. قَوْله: (الْحيض) بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، جمع حَائِض. قَوْله: (فيكبرن) أَي: النِّسَاء، وَيدعونَ كَذَلِك وَهَذِه اللَّفْظَة مُشْتَركَة بَين الْجمع الْمُذكر وَالْجمع الْمُؤَنَّث، وَالْفرق تقديري، فوزن الْجمع الْمُذكر: يَفْعَلُونَ، وَوزن الْجمع الْمُؤَنَّث: يفعلن. قَوْله: (يرجون بركَة ذَلِك الْيَوْم) ، هَذَا شَأْن الْمُؤمن يَرْجُو عِنْد الْعَمَل وَلَا يقطع وَلَا يدْرِي مَا يحدث لَهُ. قَوْله: (وطهرته) ، بِضَم الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء أَي: طهرة ذَلِك الْيَوْم أَي طَهَارَته.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ الْخطابِيّ وَابْن بطال: معنى التَّكْبِير فِي هَذِه الْأَيَّام أَن الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يذبحون لطواغيتها فَجعلُوا التَّكْبِير استشعارا للذبح لله تَعَالَى حَتَّى لَا يذكر فِي أَيَّام الذّبْح غَيره. وَفِيه: تَأْخِير النِّسَاء عَن الرِّجَال. وَفِيه: تَسَاوِي النِّسَاء وَالرِّجَال فِي التَّكْبِير وَالدُّعَاء. وَفِيه: إِخْرَاج النِّسَاء يَوْم الْعِيد إِلَى الْمصلى حَتَّى الْحيض مِنْهُنَّ، ولكنهن، يعتزلن الْمصلى، وَفِيه: اسْتِحْبَاب التَّكْبِير يَوْم الْعِيد، وَكَذَا فِي ليلته فِي طَرِيق الْمصلى، وَرُوِيَ عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كبر يَوْم الْأَضْحَى حَتَّى أَتَى الْجَبانَة، وَعَن أبي قَتَادَة: أَنه كَانَ يكبر يَوْم الْعِيد حَتَّى يبلغ الْمصلى، وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكبر فِي الْعِيد حَتَّى يبلغ الْمصلى وَيرْفَع صَوته بِالتَّكْبِيرِ، وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَ مَالك: يكبر فِي الْمصلى إِلَى أَن يخرج الإِمَام، فَإِذا خرج قطعه وَلَا يكبر إلاّ إِذا رَجَعَ. وَقَالَ الشَّافِعِي: أحب إِظْهَار التَّكْبِير لَيْلَة النَّحْر، وَإِذا غدوا إِلَى الْمصلى حَتَّى يخرج الإِمَام لَيْلَة الْفطر عقيب الصَّلَوَات فِي الْأَصَح. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكبر يَوْم الْأَضْحَى، يخرج فِي ذَهَابه وَلَا يكبر يَوْم الْفطر، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَمن كبر يَوْم الْفطر تَأَول فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} (الْبَقَرَة: ١٨٥، وَالْحج: ٣٧،) . وَتَأَول ذَلِك زيد بن أسلم، وَيجْعَل ذَلِك تَعْظِيم الله بالأفعال والأقوال كَقَوْلِه: {وَكبره تَكْبِيرا} (الْإِسْرَاء: ١١١) . وَالْقِيَاس أَن يكبر فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا، لِأَن صَلَاتي الْعِيدَيْنِ لَا تختلفان فِي التَّكْبِير فيهمَا، وَالْخطْبَة بعدهمَا وَسَائِر سنتهما، وَكَذَلِكَ التَّكْبِير فِي الْخُرُوج إِلَيْهِمَا.
١٣ - (بابُ الصَّلَاةِ إلَى الحَرْبَةِ يَوْمَ العِيدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصَّلَاة إِلَى الحربة، يَعْنِي: يُصَلِّي والحربة بَين يَدَيْهِ، والحربة دون الرمْح العريض النصل. قَوْله: (يَوْم الْعِيد) ، من زَوَائِد الْكشميهني.
٩٧٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوهَّابِ قَالَ حدَّثنا عَبْيدُ الله عنْ نافَعٍ عَن ابنِ عُمَرَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ تُرْكَزُ الحَرْبَةُ قُدَّامَهُ يَوْمَ الفِطْرِ والنَّحْرِ ثُمَّ يُصَلِّي.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق عَن عبد الله بن نمير عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع، (عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا خرج يَوْم الْعِيد أَمر بالحربة فتوضع بَين يَدَيْهِ. .) الحَدِيث. وَأخرجه أَيْضا فِي: بَاب الصَّلَاة إِلَى الحربة: عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَقد ذكرنَا فِي: بَاب ستْرَة الإِمَام، جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء، وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ.
١٤ - (بابْ حَمْلِ العَنْزَةِ أَو الحَرْبَةِ بَيْنَ يَدَيِ الإمَامِ يَوْمَ العِيدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حمل العنزة، وَهِي أقصر من الرمْح وَفِي طرفها زج.
٩٧٣ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ حدَّثنا الوَلِيدُ قَالَ حدَّثنا أبُو عَمْرٍ وَقَالَ أَخْبرنِي نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَغْدُو إلَى المُصَلَّى والعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تُحْمَلُ وَتُنْصَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute