مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن حَفْص الْمروزِي سكن عسقلان وَابْن الْمُبَارك هُوَ عَليّ بن الْمُبَارك الْهنائِي الْبَصْرِيّ.
قَوْله:(يَوْم اليرموك) بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وَضم الْمِيم وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره كَاف: قَالَ الصَّاغَانِي فِي (الْعباب) : اليرموك مَوضِع بِنَاحِيَة الشَّام وَهُوَ يفعول. قلت: هُوَ مَوضِع بَين أَذْرُعَات ودمشق، وَقَالَ سيف بن عمر: كَانَت وقْعَة اليرموك فِي سنة ثَلَاث عشرَة من الْهِجْرَة قبل فتح دمشق، وَتَبعهُ على ذَلِك ابْن جرير الطَّبَرِيّ، وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: كَانَت فِي رَجَب سنة خمس عشرَة، وَكَذَا نقل ابْن عَسَاكِر عَن أبي عبيد والوليد وَابْن لَهِيعَة وَاللَّيْث وَأبي معشر: أَنَّهَا كَانَت فِي سنة خمس عشرَة بعد فتح دمشق، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ، كَانَت وقْعَة اليرموك يَوْم الْإِثْنَيْنِ لخمس مضين من رَجَب سنة خمس عشرَة، وَقَالَ ابْن عَسَاكِر: وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ، وَكَانَت من أعظم فتوح الْمُسلمين، وَكَانَ رَأس عَسْكَر هِرقل ماهان الأرمني، وَرَأس عَسْكَر الْمُسلمين أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَت بَينهم خمس وقعات عَظِيمَة، فآخر الْأَمر نصر الله الْمُسلمين وَقتلُوا مِنْهُم مائَة ألف وَخَمْسَة آلَاف نفس، وأسروا أَرْبَعِينَ ألفا وقُتِل من الْمُسلمين أَرْبَعَة آلَاف، ختم الله لَهُم بِالشَّهَادَةِ، وَقتل ماهان على دمشق وَبعث أَبُو عُبَيْدَة الْكتاب والبشارة إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بحذيفة بن الْيَمَان مَعَ عشرَة من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، وغنم الْمُسلمُونَ غنيمَة عَظِيمَة حَتَّى أصَاب الْفَارِس أَرْبَعَة وَعشْرين ألف مِثْقَال من الذَّهَب، وَكَذَلِكَ من الْفضة، وَكَانَ الْمُسلمُونَ خَمْسَة وَأَرْبَعين ألفا، وَقيل: سِتَّة وَسِتِّينَ ألفا، وَقد ذكرنَا أَن الْقَتْلَى مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف، وَكَانَت الرّوم فِي تِسْعمائَة ألف، وَكَانَ جبلة بن الإيهم مَعَ عرب غَسَّان فِي سِتِّينَ ألفا، وَالله أعلم. قَوْله:(ألَا تشد) كلمة: ألَا، للتحضيض والحث: وتشد، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة أَي: ألَا تشد على الْمُشْركين، فَللَّه در الزبير بن الْعَوام فِيمَا فعل فِي هَذِه الْوَقْعَة، وَكَذَلِكَ خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، والشد فِي الْحَرْب الحملة والجولة. قَوْله:(فَحمل عَلَيْهِم) أَي: فَحمل الزبير على الرّوم، والقرينة دَالَّة عَلَيْهِ. قَوْله:(فضربوه) أَي: فَضرب الرومُ الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(بَينهمَا) أَي: بَين الضربتين. قَوْله:(ضربهَا) على صِيغَة الْمَجْهُول.
٤١ - (بابُ مَناقِبِ طَلْجة بنِ عُبَيْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَنَاقِب طَلْحَة بن عبيد الله، وَفِي بعض النّسخ: بَاب ذكر طَلْحَة بن عبيد الله، وَفِي رِوَايَة ذَر: مَنَاقِب طَلْحَة، بِدُونِ لَفْظَة بَاب.
وَعبيد الله هُوَ ابْن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كَعْب، يجْتَمع مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مرّة بن كَعْب، وَمَعَ أبي بكر الصّديق فِي تيم بن مرّة، وَعدد مَا بَينهم من الْآبَاء سَوَاء، ويكنى طَلْحَة أَبَا مُحَمَّد، وَاسم أمه الصعبة بنت الْحَضْرَمِيّ أُخْت الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ، أسلمت وَهَاجَرت وَعَاشَتْ بعد ابْنهَا قَلِيلا، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن عَبَّاس قَالَ: أسلمت أم أبي بكر وَأم عُثْمَان وَأم طَلْحَة وَأم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَقتل طَلْحَة يَوْم الْجمل سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، رمي بِسَهْم. وَرُوِيَ من طرق كَثِيرَة: أَن مَرْوَان بن الحكم رَمَاه فَأصَاب ركبته فَلم يزل ينزف الدَّم مِنْهَا حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ يَوْمئِذٍ أول قَتِيل. وَاخْتلف فِي عمره فالأكثرون على أَنه كَانَ خمْسا وَسبعين، وَهُوَ أحد الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، وَأحد الثَّمَانِية الَّذين سبقوا إِلَى الْإِسْلَام، وَأحد الْخَمْسَة الَّذين أَسْلمُوا على يَدي أبي بكر الصّديق، وَأحد السِّتَّة أَصْحَاب الشورى الَّذين توفى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ عَنْهُم راضٍ.