على هَذَا التَّبْوِيب، فَقَالَ: لَو يَأْتِ فِيهِ هُنَا بِمَا يدل على خِيَار البَائِع وَحده. قلت: قَوْله: (كل بيعين لَا بيع بَينهمَا) أَعم من أَن يكون الْخِيَار للْبَائِع أَو للْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ غير لَازم إلَاّ إِذا شَرط الْخِيَار، كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، نَص عَلَيْهِ الْمزي فِي (الْأَطْرَاف) . والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الْبيُوع وَفِي الشُّرُوط عَن عبد الحميد بن مُحَمَّد الْحَرَّانِي، وَقد مر وَجه الِاسْتِثْنَاء عَن قريب.
٤١١٢ - حدَّثني إسْحَاقُ قَالَ حدَّثنا حَبَّانُ قَالَ حَدثنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدثنَا قَتادة عنْ أبِي الخَلِيلِ عنْ عَبْدِ الله بن الحارِثِ عنْ حَكِيمُ بنِ حِزَامٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْبَيِّعانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. .
هَذَا الحَدِيث قد مر غير مرّة فِي كتاب الْبيُوع وَإِسْحَاق هُوَ ابْن مَنْصُور، وحبان، بِالْفَتْح: هُوَ ابْن هِلَال، وَأَبُو الْخَلِيل هُوَ صَالح بن أبي مَرْيَم. قَوْله: (حَدثنِي) ، وَفِي بعض النّسخ بِصِيغَة الْجمع، وَهُوَ الْأَكْثَر. قَوْله: (مَا لم يَتَفَرَّقَا) هُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: (حَتَّى يَتَفَرَّقَا) .
قَالَ هَمَّامٌ وجَدْتُ فِي كِتَابِي يَخْتَارُ ثَلاثَ مِرَارٍ فإنْ صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِك لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وإنْ كَذَبا وكَتَما فعَسَى أنْ يَرْبَحَا رِبْحا ويُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا
همام هُوَ ابْن يحيى. قَوْله: (وجدت فِي كتابي) ، يَعْنِي الْمَحْفُوظ هُوَ الَّذِي رويته، لَكِن الْمَوْجُود فِي كتابي (بِخِيَار) مُنْكرا بِدُونِ الْألف وَاللَّام، وَهُوَ مَكْتُوب ثَلَاث مَرَّات، وَفِي بَعْضهَا بإضافته إِلَى (ثَلَاث مرار) وَفِي بَعْضهَا (يخْتَار) بِلَفْظ الْفِعْل، وَحِينَئِذٍ يحْتَمل أَن يكون: ثَلَاث مرار، ومتعلقا بقوله: يخْتَار، وَقَالَ ابْن التِّين: وَقَول همام ... إِلَى آخِره، غير مَحْفُوظ، والرواة على خِلَافه. وَإِذا خَالف الْوَاحِد الروَاة جَمِيعًا لم يقبل قَوْله، سِيمَا أَنه وجده فِي كِتَابه، وَرُبمَا أَدخل على الرجل فِي كتبه إِذا لم يكن شَدِيد الضَّبْط. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: إِن هماما تفرد بذلك عَن أَصْحَاب قَتَادَة، وَوَقع فِي رِوَايَة أَحْمد عَن عُثْمَان عَن همام، قَالَ: وجدت فِي كتابي: الْخِيَار ثَلَاث مرار، وَلم يُصَرح همام عَمَّن حَدثهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَة. قلت: فَرجع الْأَمر إِلَى مَا قَالَه ابْن التِّين. قَوْله: (فَإِن صدقا) إِلَى آخِره، من تَتِمَّة حَدِيث حَكِيم بن حزَام، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: (صدقا) إِلَى آخِره، هَل هُوَ دَاخل تَحت الْمَوْجُود فِي كِتَابه أَو هُوَ مَرْوِيّ من الْحِفْظ مُتَعَلق بِمَا قبله؟ قلت: يحتملهما، وَالظَّاهِر هُوَ الثَّانِي. قلت: لَا شكّ أَنه من جملَة حَدِيث حَكِيم، كَمَا ذَكرْنَاهُ. وَقَوله: (قَالَ همام) ، إِلَى قَوْله (مرَارًا) معترض فِي أثْنَاء حَدِيث حَكِيم، وَقد مر حَدِيثه فِي: بَاب إِذا بَين البيعان، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصىً.
قَالَ وحدَّثنا هَمَّامٌ قَالَ حدَّثنا أبُو التَّيَّاحِ أنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بنَ الحَارِثِ يُحَدِّثُ بِهَذَا الحَدِيثِ عنْ حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: قَالَ حبَان بن هِلَال الْمَذْكُور: وَحدثنَا همام بن يحيى الْمَذْكُور حَدثنَا أَبُو التياح يزِيد بن حميد ... إِلَى آخِره. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لم قَالَ هَهُنَا: حَدثنَا، وَقَالَ فِيمَا قبله: قَالَ همام؟ قلت: الثَّانِي: فِيمَا سمع مِنْهُ فِي مقَام النَّقْل والتحمل، وَالْأول فِي مقَام المذاكرة والمحاورة. وَقَالَ بَعضهم: وَفِي جزمه بذلك نظر، وَالَّذِي يظْهر أَنه من حَدِيث سَاقه بِالْإِسْنَادِ عبر بقوله: حَدثنَا، وَحَيْثُ ذكر كَلَام همام عبر عَنهُ بقوله: قَالَ: انْتهى. قلت: الْكرْمَانِي لم يجْزم بِمَا قَالَه، والجزم بالشَّيْء الْقطع بِهِ، وَقَوله: وَالَّذِي يظْهر ... إِلَى آخِره، هُوَ حَاصِل كَلَام الْكرْمَانِي على مَا لَا يخفى. وَالله أعلم.
٧٤ - (بابٌ إذَا اشْتَرَى شَيئا فَوَهَبَ مِنْ ساعَتِهِ قِبْلَ أنْ يَتَفَرَّقَا ولَمْ يُنْكِر البَائِعُ عَلى المُشْتَرِي أوِاشْتَري عَبْدا فأعْتَقَهُ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا اشْترى ... إِلَى آخِره أَي: إِذا اشْترى شخص شَيْئا فوهبه من سَاعَته، يَعْنِي: على الْفَوْر، قبل أَن يَتَفَرَّقَا، وَالْحَال أَن البَائِع لم يُنكر على المُشْتَرِي. قَوْله: (أَو اشْترى عبدا فَأعْتقهُ) قبل أَن يَتَفَرَّقَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا مِمَّا ثَبت