قيل: يُمكن أَنه قَالَ ذَلِك على سَبِيل التَّوَاضُع والتلطف، وَقد ذكرنَا عَن قريب كَيفَ سَاق ابْن إِسْحَاق نسبه الْكَرِيم، وَفِيه إِدْرِيس وَهُوَ: خنوخ، وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْجُمْهُور، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.
٧ - (بابُ ذِكْرِ إدْرِيسَ علَيْهِ السَّلَامُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذكر إِدْرِيس، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقد سقط هَذَا الْبَاب فِي رِوَايَة أبي ذَر.
وهُوَ جَدُّ أبِي نُوحٍ ويُقالُ جَدُّ نُوحٍ علَيْهِمَا السَّلامُ
أَي: إِدْرِيس جد أبي نوح، لِأَن نوحًا ابْن لمك بن متوشلخ بن خنوخ وَهُوَ إِدْرِيس. قَوْله: (وَيُقَال جد نوح) ، هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن جد نوح هُوَ متوشلخ، أللهم إِلَّا إِذا أطلق على جد أبي نوح، فَإِنَّهُ جد نوح مجَازًا، وَهَذَا لَيْسَ بموجود فِي غَالب النّسخ.
وقَوْلِ الله تَعَالَى {ورَفَعْنَاهُ مَكاناً عَلِيّاً} (مَرْيَم: ٧٥) .
وَقَول الله، مجرور عطفا على: ذكر إِدْرِيس، أَي: وَفِي بَيَان ذكر قَول الله تَعَالَى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} (مَرْيَم: ٧٥) . أَي: رفعنَا إِدْرِيس مَكَانا عليا وَهُوَ السَّمَاء الرَّابِعَة، وَاسْتشْكل بَعضهم بِأَن غَيره من الْأَنْبِيَاء أرفع مَكَانا مِنْهُ، وَهَذَا الاستشكال لَيْسَ بِشَيْء، لِأَنَّهُ لم يذكر أَنه أَعلَى من كل أحد. وَأجَاب بَعضهم: بِأَن المُرَاد مِنْهُ أَنه لم يرفع إِلَى السَّمَاء من هُوَ حَيّ غَيره، ورد بِأَن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَيْضا قد رفع وَهُوَ حَيّ؟ قلت: هَذَا الرَّد موجه على القَوْل الصَّحِيح بِأَنَّهُ رفع وَهُوَ حَيّ، وَأما على قَول من يَأْخُذ بِظَاهِر قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي متوفيك ورافعك إليَّ} (آل عمرَان: ٥٥) . لَا يرد الرَّد الْمَذْكُور.
٢٤٣٣ - قَالَ عَبْدَانُ أخْبرَنَا عبْدُ الله أخْبَرَنَا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ حدَّثنا أحْمَدُ بنُ صالِحٍ حَدثنَا عَنْبَسَةُ حدَّثَنَا يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ أنسٌ كانَ أبُو ذَرٍّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يُحَدَّثُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وأنَا بِمَكَّةَ فنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِىءٍ حِكْمَةً وإيِمَانَاً فأفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ثُمَّ أطْبَقَهُ ثُمَّ أخَذَ بِيَدِي فعَرَجَ بِي إِلَى السَّماءِ فلَمَّا جاءَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ قَالَ مَنْ هاذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ قَالَ مَعَكَ أحَدٌ قَالَ مَعِي مُحَمَّدٌ قَالَ أُرْسِلَ إلَيْهِ قَالَ نَعَمْ فافْتَحْ فلَمَّا علَوْنَا السَّمَاءَ إذَا رَجُلٌ عنْ يَمِينِهِ أسْوِدَةٌ وعنْ يَسَارِهِ أسْوِدَةٌ فإذَا نظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ وإذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى فَقَالَ مَرحَبَاً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute