الرجل وَأَهله، من الرِّجَال مَا دون الْعشْرَة، وَقيل: إِلَى الْأَرْبَعين وَلَا يكون فيهم امْرَأَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفْظَة. قَوْله: (وَأنزل الْحجاب) ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} (الْأَحْزَاب: ٣٥) الْآيَة.
٨٦ - (بابُ الوَلِيمَةِ ولوْ بِشاةٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ الْوَلِيمَة حق وَلَو عملت بِشَاة، وَقد ذكرنَا أَن معنى: معنى ثَابت فِي الشَّرْع، وَقَالَ ابْن بطال: يَعْنِي أَن الزَّوْج ينْدب إِلَيْهَا، وَيجب عَلَيْهِ وجوب سنة وفضيلة، وَهِي على قدر الْإِمْكَان الْوُجُوب لإعلان النِّكَاح.
٧٦١٥ - حدَّثنا عَليٌّ حَدثنَا سُفْيانُ قَالَ: حدّثني حُمَيْدٌ أنَّهُ سَمِعَ أنَسا، رَضِي الله عنهُ، قَالَ: سألَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عبدَ الرَّحْمانِ بنَ عَوْفٍ وتَزَوَّجَ امْرَأةً مِنَ الأنْصارِ: كَمْ أصْدَقْتَها؟ قَالَ: وزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَب.
وعنْ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ أنَسا قَالَ: لمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ نَزَلَ المُهاجرُونَ علَى الأنْصارِ، فَنَزَلَ عبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَوْفٍ علَى سَعْدِ بنِ الربِيعِ فَقَالَ: أقاسِمُكَ مالِي وأنْزِلُ لَكَ عنْ إحْدَى امْرَأتَيَّ. قَالَ: بارَكَ الله لَكَ فِي أهْلِكَ ومالِكَ، فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ فَباعَ واشْتَرَى فأصابَ شَيْئا مِنْ أقِطٍ وسَمْنٍ، فَتَزَوَّج فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوْلِمْ ولوْ بِشاةٍ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أولم وَلَو بِشَاة) . وَعلي هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
قَوْله: (وَتزَوج امْرَأَة من الْأَنْصَار) جملَة حَالية أَي: وَقد تزوج امْرَأَة وَهِي بنت أبي الحيسر بن رَافع بن امرىء الْقَيْس، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح السِّين الْمُهْملَة وَفِي آخِره رَاء، واسْمه أنس بن رَافع الأوسي. قَوْله: (وزن نواة) ، بِنصب النُّون من وزن على المفعولية، أَي: أصدقت وزن نواة، وَيجوز الرّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: الَّذِي أَصدقتهَا وزن نواة.
قَوْله: (وَعَن حميد سَمِعت أنسا) عطوف على الأول قيل: وَيحْتَمل أَن يكون مُعَلّقا، والعمدة على الأول، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني أَنه سمع أنسا مثل الَّذِي قبله، وَصرح فِي الْكل بِسَمَاع حميد من أنس فَحصل الْأَمْن من التَّدْلِيس. وَأخرجه الْحميدِي فِي مُسْنده وَمن طَرِيقه أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج عَن سُفْيَان بِالْحَدِيثِ كُله مفرقا، وَقَالَ فِي كل مِنْهُمَا: أَنا حميد أَنه سمع أنسا، وَأخرجه ابْن أبي عمر فِي مُسْنده عَن سُفْيَان وَمن طَرِيقه الْإِسْمَاعِيلِيّ، فَقَالَ: عَن حميد عَن أنس وسق الْجَمِيع حَدِيثا وَاحِدًا، وَقدم الْقِصَّة الثَّانِيَة على الأولى كَمَا فِي رِوَايَة غير سُفْيَان، وَالْبُخَارِيّ فرقه حديثين: فَذكر فِي الأول: سُؤال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الرَّحْمَن عَن قدر الصَدَاق، وَفِي الثَّانِي: أول الْقِصَّة، قَالَ: لما قدمُوا الْمَدِينَة إِلَخ، وَرُوِيَ البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي أَوَائِل النِّكَاح فِي: بَاب قَول الرجل: أنظر أَي زَوْجَتي شِئْت؟ من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ، وَفِي: بَاب الصُّفْرَة للمتزوج من رِوَايَة مَالك، وَفِي فضل الْأَنْصَار من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، وَفِي أول الْبيُوع من رِوَايَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَب من رِوَايَة يحيى الْقطَّان، كلهم عَن حميد عَن أنس، وَمضى فِي: بَاب مَا يدعى للمتزوج من رِوَايَة ثَابت، وَفِي: بَاب {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن} (النِّسَاء: ٤) عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب وَقَتَادَة كلهم عَن أنس.
قَوْله: (على سعد بن الرّبيع) وَالربيع هُوَ ابْن عَمْرو بن أبي زُهَيْر الْأنْصَارِيّ الخزرجي عَقبي بَدْرِي نقيب، كَانَ أحد نقباء الْأَنْصَار، وَكَانَ كَاتبا فِي الْجَاهِلِيَّة وَشهد الْعقبَة الأولى وَالثَّانيَِة وَشهد بَدْرًا وَقتل يَوْم أحد شَهِيدا، وَكَانَ ذَا غنى. قَوْله: (إِحْدَى امْرَأَتي) بِفَتْح التَّاء ويشديد الْيَاء، وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر: ولي امْرَأَتَانِ فَانْظُر أعجبهما إِلَيْك أطلقها، فَإِذا حلت تَزَوَّجتهَا. وَفِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. فأقسم لَك نصف مَالِي وَانْظُر أَي زوجتيّ هويت فَأنْزل لَك عَنْهَا، فَإِذا حلت تَزَوَّجتهَا. وَنَحْوه. وَفِي رِوَايَة يحيى بن سعيد، وَفِي لفظ: فَانْظُر أعجبهما إِلَيْك فسمها لي أطلقها، فَإِذا انْقَضتْ عدتهَا فَتَزَوجهَا، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أَحْمد. فَقَالَ لَهُ سعد: أَي أخي إِنَّا أَكثر أهل الْمَدِينَة مَالا فَانْظُر شطر مَالِي فَخذه، وتحتى امْرَأَتَانِ فَانْظُر أَيهمَا أعجب إِلَيْك حَتَّى أطلقها. وَقيل: اسْم إِحْدَى امرأتيه عمْرَة بنت حزم الْأَنْصَارِيَّة، وَاسم الْأُخْرَى: حَبِيبَة بنت زيد ابْن أبي زُهَيْر. قَوْله: (أولم وَلَو بِشَاة) قَالَ بَعضهم: كلمة: لَو، هُنَا لِلتَّمَنِّي. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل هِيَ للتقليل نَحْو: تصدقوا وَلَو بظلف محرقة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute