والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن أبي النُّعْمَان وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن أبي الرّبيع، وَيحيى، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا فِيهِ عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (بمثلهن) أَي: صَغِيرَة لَا تجربة لَهَا فِي الْأُمُور. قَوْله: (أَو قَالَ: خيرا) شكّ من الرَّاوِي، وَقَالَ ابْن بطال: عون الْمَرْأَة زَوجهَا فِي وَلَده وَلَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْهَا وَإِنَّمَا هُوَ من جميل الْعشْرَة وَمن شِيمَة صالحات النِّسَاء.
١٣ - (بَابُ: {نَفَقَةِ المُعْسِرِ عَلَى أهْلِهِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نَفَقَة الْمُعسر على أَهله، أَي: على زَوجته أَو أَعم من ذَلِك.
٥٣٦٨ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ حدَّثنا ابنُ شِهابٍ عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ. قَالَ: أَتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رَجُلٌ. فَقَالَ: هَلَكْتُ. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى أهْلِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: فأعْتِقْ رَقَبَةً. قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي. قَالَ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ. قَالَ: لَا أسْتَطِيعُ. قَالَ: فَأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينا. قَالَ: لَا أجِدُ، فَأُتِيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَرَق فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ قَالَ: هَا أنَا ذَا. قَالَ: تَصَدَّقْ بِهاذا. قَالَ: عَلَى أحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ الله؟ فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا بَيْنَ لابَتَيْها أهْلُ بَيْتٍ أحْوَجُ مِنَّا. فَضَحِكَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ. قَالَ: فَأنْتُمْ إِذا.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِثْبَات نَفَقَة الْمُعسر على أَهله حَيْثُ قدمهَا على الْكَفَّارَة بتجويز صرف مَا فِي الْعرق إِلَى أَهله دون كَفَّارَته.
والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الصَّوْم فِي بَابَيْنِ: الأول: بَاب إِذا جَامع فِي رَمَضَان، وَالثَّانِي: بَاب المجامعة فِي رَمَضَان، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (بعرق) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبالراء وبالقاف وَهُوَ السلَّة المنسوجة من الخوص تسع خَمْسَة عشر صَاعا. قَوْله: (لابتيها) أَي: لَا بتي الْمَدِينَة وهما الحرتان اللَّتَان تكتنفان الْمَدِينَة. قَوْله: (فَأنْتم إِذا) أَي: فَأنْتم أَحَق حِينَئِذٍ، وَفِي رِوَايَة: فاطعم أهلك.
١٤
- (بَابٌ: {وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذالِكَ} وَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْهُ شَيْءٌ {وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَجُلَيْنٍ أحَدُهُما أبْكَمْ} إلَى قَوْلِهِ: {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (الْبَقَرَة: ٢٣٣)
)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر، {وعَلى الْوَارِث} إِلَى قَوْله: أَحدهمَا: أبكم الْآيَة. وَلم يَقع قَوْله: (إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم) إلَاّ فِي رِوَايَة غَيره. قَوْله: (وعَلى الْوَارِث) ، اخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيله. فَعَن ابْن عَبَّاس: مثل ذَلِك أَي: فِي عدم الضرار بقريبه، وَهُوَ قَول مُجَاهِد وَالشعْبِيّ، وَالضَّحَّاك، وَقَالَت طَائِفَة: مَا كَانَ على الْوَارِث من أجر الرَّضَاع إِذا كَانَ الْوَلَد لَا مَال لَهُ، وَقَالَ الْجُمْهُور: لَا غرم على أحد من الْوَرَثَة وَلَا يلْزمه نَفَقَة ولد الْمَوْرُوث.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي المُرَاد بالوارث، فَقَالَ الْحسن وَالنَّخَعِيّ: كل من يَرث الْأَب من الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَاق. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: هُوَ من كَانَ ذَا رحم محرم للمولود دون غَيره، وَقَالَ قبيصَة بن ذُؤَيْب: هُوَ الْمَوْلُود نَفسه، وَقَالَ: زيد بن ثَابت: إِذا خلف أما وَعَما فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا إِرْضَاع الْوَلَد بِقدر مَا يَرث، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ. قَوْله: (وَهل على الْمَرْأَة مِنْهُ شَيْء) ، أَي: من رضَاع الصَّبِي، وَهل هُنَا للنَّفْي، وَأَشَارَ بِهِ البُخَارِيّ إِلَى الرَّد على قَول الثَّوْريّ الْمَذْكُور، وَشبه مِيرَاث الْمَرْأَة من الْوَارِث بِمَنْزِلَة الأبكم الَّذِي لَا يقدر على النُّطْق من الْمُتَكَلّم، وَجعلهَا كلاًّ على من يعولها. وَقَالَ ابْن بطال: وَأَشَارَ إِلَى رده بقوله تَعَالَى: {ضرب الله مثلا} فَنزل الْمَرْأَة من الْوَارِث بِمَنْزِلَة الأبكم من الْمُتَكَلّم. قَوْله: (إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم) ، يَعْنِي: من قَوْله: {وَضرب الله مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم لَا يقدر على شَيْء وَهُوَ كل على مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يوجهه لَا يَأْتِ بِخَير هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ وَهُوَ على صِرَاط مُسْتَقِيم} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: قَالَ الله تَعَالَى: مثلكُمْ فِي إشراككم بِاللَّه الْأَوْثَان مثل من سوّى بَين عبد مَمْلُوك عَاجز عَن التَّصَرُّف وَبَين حرّ مَالك. قد رزقه الله مَالا يتَصَرَّف فِيهِ وينفقه كَيفَ يشار. قَوْله: (أَيّكُم) ، هُوَ الَّذِي ولد أخرس فَلَا يَفهم وَلَا يُفهمّ وَهُوَ كلٌّ أَي: ثقل وعيال على من يَلِي أمره. قَوْله: (أَيْنَمَا يوجهه) ، أَي: حَيْثُمَا يُرْسِلهُ ويصرفه فِي طلب حَاجَة أَو كِفَايَة مهمٍّ (لَا يَأْتِ بِخَير) لَا ينفع وَلَا يأتى بنجحٌ هَل يَسْتَوِي هُوَ