إِلَّا متوضىء) . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: كَذَا رَوَاهُ مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي وَهُوَ ضَعِيف، وَالصَّحِيح رِوَايَة يُونُس وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا وَلما ذكر التِّرْمِذِيّ حَدِيث يُونُس قَالَ: هَذَا أصح، يَعْنِي من الحَدِيث الْمَرْفُوع الَّذِي عِنْده من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، وَعند أبي الشَّيْخ من حَدِيث عبد الْجَبَّار بن وَائِل عَن أَبِيه قَالَ: حق وَسنة مسنونة أَن لَا يُؤذن إلَاّ وَهُوَ طَاهِر. وَقَالَهُ عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، وَرَوَاهُ عَن أَبِيه أَيْضا مَرْفُوعا، وَعند ابْن أبي شيبَة أَمر مُجَاهِد مؤذنه أَنه لَا يُؤذن حَتَّى يتَوَضَّأ.
وقَالَتْ عائِشَةُ كانَ النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَذْكُرُ الله عَلَى كلِّ أحْيَانِهِ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسلم من حَدِيث عبد الله الْبَهِي عَنْهَا، وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حسن غَرِيب. فَإِن قلت: ذكر البُخَارِيّ هُنَا عَن بِلَال وَابْن عمر وَإِبْرَاهِيم وَعَطَاء وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَمَا وَجه ذَلِك فِي هَذَا الْبَاب وَلَيْسَ فِي التَّرْجَمَة، مَا يشْتَمل على شَيْء من ذَلِك؟ قلت: إِنَّه لما ترْجم هَذَا الْبَاب بِمَا ترْجم بِهِ، وَذكر فِيهِ الِاسْتِفْهَام فِي موضِعين، وَلم يجْزم بِشَيْء فيهمَا لأجل الِاخْتِلَاف الَّذِي ذَكرْنَاهُ فيهمَا، أَشَارَ بِالْخِلَافِ الَّذِي بَين بِلَال وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، إِلَى أَن هَذَا الَّذِي شَاهد بِلَالًا حِين يتبعهُ فَاه، رَآهُ بِالضَّرُورَةِ أَنه جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، وَالَّذِي شَاهد ابْن عمر لم ير مِنْهُ ذَلِك، فَكَانَ لذكر ذَلِك فِي هَذَا الْبَاب وَجه من هَذِه الْحَيْثِيَّة، ثمَّ أَشَارَ بِالْخِلَافِ الَّذِي بَين إِبْرَاهِيم وَعَطَاء: إِلَى أَن هَذَا الْمُؤَذّن الَّذِي يتبع فَاه أَو غَيره يتبع فَاه كَيفَ حَاله؟ أهوَ فِي الطَّهَارَة أم لَا؟ وَهُوَ أَيْضا وَجه مَا من هَذِه الْحَيْثِيَّة، فَوجدت الْمُنَاسبَة فِي ذكر هذَيْن الشَّيْئَيْنِ، وَأدنى الْمُنَاسبَة كافٍ، لِأَن الْمقَام إقناعي غير برهاني. وَأما وَجه ذكر مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، هَهُنَا فَهُوَ لبَيَان عدم صِحَة إِلْحَاق الْأَذَان بِالصَّلَاةِ، فَإِن مِنْهُم من شَرط فِيهِ الطَّهَارَة، وَذكر أَن حكمه مُخَالف لحكم الصَّلَاة، لِأَنَّهُ من جملَة الْأَذْكَار، فَلَا تشْتَرط فِيهِ الطَّهَارَة كَمَا لَا تشْتَرط فِي سَائِر الْأَذْكَار، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِك بِحَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور، لِأَن قَوْلهَا: (على كل أحيانه) متناول لحين الْحَدث، وَأَشَارَ بِهَذَا أيضاإلى أَن قَوْله فِي ذَلِك هُوَ مثل قَول النَّخعِيّ، وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا أَيْضا. كَمَا ذَكرْنَاهُ.
٦٣٤ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ عَوْنِ بنِ أبي جُحَيْفَةَ عنْ أبِيهِ أنَّهُ رَأى بِلالاً يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فاهُ هَهُنَا وهَهُنَا بِالأذَانِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَعون، بِفَتْح الْعين: ابْن أبي جُحَيْفَة، وَأَبوهُ أَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم: واسْمه وهب بن عبد الله، وَقد تقدمُوا كلهم.
وَأخرجه الغساني فِي الصَّلَاة عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن وَكِيع عَنهُ نَحوه، وَرِوَايَة وَكِيع عَن سُفْيَان عِنْد مُسلم أتم من رِوَايَة البُخَارِيّ فَإِنَّهُ أوردهُ مُخْتَصرا، وفيهَا: (فَجعلت أتتبع فَاه هَهُنَا وَهَهُنَا يَمِينا وَشمَالًا يَقُول: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح) . وَفِيه تَقْيِيد الِالْتِفَات فِي الْأَذَان وَأَن مَحَله عِنْد الحيعلتين، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْن خُزَيْمَة: انحراف الْمُؤَذّن عِنْد قَوْله: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح، بفمه لَا بِبدنِهِ كُله. قَالَ: وَإِنَّمَا يُمكن الانحراف بالفم بانحراف الْوَجْه، ثمَّ سَاقه من طَرِيق وَكِيع أَيْضا بِلَفْظ: فَجعل يَقُول فِي أَذَانه هَكَذَا، ويحرف رَأسه يَمِينا وَشمَالًا، وَقد ذكرنَا اخْتِلَاف الرِّوَايَات فِيهِ فِي أول الْبَاب. وَالله أعلم.
٢٠ - (بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الرجل: فاتتنا الصَّلَاة، يَعْنِي: هَل يكره أم لَا؟
وَكَرِهَ ابنُ سِيرِينَ أنْ يَقُولَ فاتَتْنَا الصَّلَاةُ ولَكِنْ لِيَقُلْ لَمْ نُدْرِكْ
ابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة، ومطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن أَزْهَر عَن ابْن عون، قَالَ: كَانَ مُحَمَّد يكره أَن يَقُول: فاتتنا الصَّلَاة، وَيَقُول: لم أدْرك مَعَ بني فلَان. قَوْله: (أَن يَقُول) ، أَي: الرجل. قَوْله: (وَليقل) ، ويروى: (وَلَكِن ليقل) .
وَقَوْلُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصَحُّ