للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دَعَا لَهُ هَذَا النَّبِي الْكَرِيم يسْعد فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَإِن كَانَ فِيهِ احْتِمَال التحنيك.

٦٠ - (بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْبَوْل حَال كَونه قَائِما وَحَال كَونه قَاعِدا. قيل: دلَالَة الحَدِيث على الْقعُود بطرِيق الأولى لِأَنَّهُ إِذا جَازَ قَائِما فقاعداً أجوز. وَأجَاب بَعضهم بقوله: وَيحْتَمل أَن يكون أَشَارَ بذلك إِلَى حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة الَّذِي أخرجه النَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه وَغَيرهمَا، فَإِن فِيهِ: (بَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا، فَقُلْنَا: انْظُرُوا، اليه يَبُول كَمَا تبول الْمَرْأَة) . قلت: قَوْله: دلَالَة الحَدِيث ... إِلَى آخِره، غير مُسلم، لِأَن أَحَادِيث الْبَاب كلهَا فِي الْبَوْل قَائِما، وَجَوَاز الْبَوْل قَائِما حكم من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، فَكيف يُقَاس عَلَيْهِ جَوَاز الْبَوْل قَاعِدا بطرِيق الْعقل؟ وَالْأَحْسَن أَن يُقَال: لما ورد فِي هَذَا الْبَاب جوز الْبَوْل قَائِما وجوازه قَاعِدا بِأَحَادِيث كَثِيرَة، أورد البُخَارِيّ أَحَادِيث الْفَصْل الأول فَقَط؛ وَفِي التَّرْجَمَة أَشَارَ إِلَى الْفَصْلَيْنِ إِمَّا اكْتِفَاء لشهرة الْفَصْل الثَّانِي، وَعمل أَكثر النَّاس عَلَيْهِ، وَإِمَّا إِشَارَة إِلَى أَنه وقف عل أَحَادِيث الْفَصْلَيْنِ، وَلكنه اقْتصر على أَحَادِيث الْفَصْل الأول لكَونهَا على شَرطه.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة لِأَن كلا مِنْهُمَا فِي أَحْكَام الْبَوْل، وَكَذَلِكَ بَينه وَبَين الْبَاب الَّذِي يَأْتِي، وَالَّذِي يَأْتِي بعده أَيْضا، وَالْحَاصِل أَن هُنَا تِسْعَة أَبْوَاب كلهَا فِي أَحْكَام الْبَوْل، والمناسبة بَينهَا ظَاهِرَة لَا تخفى.

٢٢٤ - حدّثنا آدَمُ قَالَ حَدثنَا شُعْبَةُ عنِ الَاعْمَشِ عنْ أبي وائِلٍ عنْ حُذَيْفَةَ قالَ أتَى النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُباطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قائِماً ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لَا يُقَال: التَّرْجَمَة أَعم، لأَنا ذكرنَا فِيمَا مضى مَا يَكْفِي فِي رده.

بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة تقدمُوا كلهم، وآدَم: هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وَالْأَعْمَش: هُوَ سُلَيْمَان بن مهْرَان، وَأَبُو وَائِل: هُوَ شَقِيق الْكُوفِي، وَحُذَيْفَة: هُوَ ابْن الْيَمَان.

بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَرُوَاته مَا بَين خراساني وكوفي. وَفِيه: عَن أبي وَائِل، وَلأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش أَنه: سمع أَبَا وَائِل، وَلأَحْمَد عَن يحيى الْقطَّان عَن الْأَعْمَش: حَدثنِي أَبُو وَائِل.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا عَن آدم عَن شُعْبَة، وَأخرجه أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن سُلَيْمَان ابْن حَرْب مُخْتَصرا كَمَا هَهُنَا، وَفِي الطَّهَارَة أَيْضا عَن مُحَمَّد بن عرْعرة، كِلَاهُمَا عَن شُعْبَة وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير، وَأول حَدِيث مُحَمَّد بن عرْعرة: كَانَ أَبُو مُوسَى يشدد على الْبَوْل، وعَلى مَا سَيَأْتِي عَن قريب. وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن أبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش بِهِ وَفِيه ذكر الْمسْح، وَعَن يحيى بن يحيى عَن جرير نَحْو حَدِيث مُحَمَّد بن عرْعرة. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن حَفْص بن عمر وَمُسلم ابْن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن شُعْبَة، وَعَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن هناد عَن وَكِيع عَن الْأَعْمَش بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن يحيى بن يُونُس، وَعَن المؤمل بن هِشَام عَن ابْن علية عَن شُعْبَة، كِلَاهُمَا عَن الْأَعْمَش بِهِ، وَعَن ابْن بشار عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن مَنْصُور بِهِ، وَعَن سُلَيْمَان بن عبد الله الغيلاني عَن بهز عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش وَمَنْصُور بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الْمسْح إلَاّ فِي حَدِيث عِيسَى بن يُونُس، وَفِي حَدِيث بهز. وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن شريك وهشيم ووكيع، ثَلَاثَتهمْ عَن الْأَعْمَش بِهِ من غير ذكر الْمسْح.

بَيَان لغته وَإِعْرَابه قَوْله: (سباطة قوم) السباطة: على وزن فعالة بِالضَّمِّ، وَهُوَ: الْموضع الَّذِي يرْمى فِيهِ التُّرَاب بالأفينة مرفعاً. وَقيل: السباطة: الكناسة نَفسهَا، وَكَانَت بِالْمَدِينَةِ، ذكره مُحَمَّد بن طَلْحَة بن مصرف عَن الْأَعْمَش. قَوْله: (قَائِما) نصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: (فَبَال) .

بَيَان الْمَعْنى إِضَافَة السباطة إِلَى الْقَوْم إِضَافَة اخْتِصَاص لَا ملك، لِأَنَّهَا كَانَت بِفنَاء دُورهمْ للنَّاس كلهم، فاضيف إِلَيْهِم لقربها مِنْهُم، وَلِهَذَا بَال، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، عَلَيْهَا، وَبِهَذَا ينْدَفع إِشْكَال من قَالَ: إِن الْبَوْل يوهن الْجِدَار وَفِيه ضَرَر، فَكيف هَذَا من النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام؟ وَقد يُقَال: إِنَّمَا بَال فَوق

<<  <  ج: ص:  >  >>