للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(انْظُر الحَدِيث ٢٦٧) .

فَإِن قلت: مَا وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة؟ قلت: هُنَا ترجمتان الأولى: الِاغْتِسَال، والمطابقة فِيهِ من قَوْله: (ثمَّ طَاف فِي نِسَائِهِ) وَهُوَ كِنَايَة عَن الْجِمَاع وَمن لوازمه الِاغْتِسَال لِأَنَّهُ ضَرُورِيّ لَا بُد مِنْهُ. التَّرْجَمَة الثَّانِيَة: بَقَاء أثر الطّيب، والمطابقة فِيهِ من قَول عَائِشَة، فَإِنَّهَا ردَّتْ على ابْن عمر، فَلَا بُد من تَقْدِير: ينضخ طيبا، بعد لفظ أصبح محرما حَتَّى يتم الرَّد وَبَقِيَّة الْكَلَام مَضَت فِي بَاب: إِذا جَامع ثمَّ عَاد وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل وَأَبُو عوَانَة الوضاح. قَوْله: (وَذكرت لَهَا) وَذكره هُوَ الَّذِي سَأَلَ عَن عَائِشَة. قَوْله: (أَن أصبح) بِضَم الْهمزَة، وَهُوَ إِخْبَار عَن نَفسه (طيبا نصب على التَّمْيِيز) قَوْله: (ثمَّ أصبح) على صِيغَة الْمَاضِي مُفردا أَي: ثمَّ أصبح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محرما.

وَفِيه: أَن التَّطَيُّب قبل الْإِحْرَام سنة وَفِيه: جَوَاز رد بعض الصَّحَابَة على بعض. وَفِيه: خدمَة الأزاج.

٢٧١ - حدّثنا آدَمُ قالَ حدّثنا شُعْبَةُ قالَ حدّثنا الحَكَمُ عَنْ إبْراهِيمَ عَنِ الأسْوَدِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ كأنِّى أَنْظُرُ إِلَى وَبِيص الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُحْرمُ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة الثَّانِيَة. وَهُوَ قَوْله: (وَبَقِي أثر الطّيب) .

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: آدم بن أبي إِيَاس، بِكَسْر الْهمزَة، الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج. الثَّالِث: الحكم بِفتْحَتَيْنِ ابْن عتيبة مصغر العتبة. الرَّابِع: إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. الْخَامِس: الْأسود، خَال إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، كلهم تقدمُوا. السَّادِس: عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

بَيَان لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين خراساني وواسطي وكوفي. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين كلهم كوفيون، وهم الحكم وَإِبْرَاهِيم وَالْأسود.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هَاهُنَا عَن آدم، وَأخرجه فِي اللبَاس عَن أبي الْوَلِيد، وَعبد الله بن رَجَاء وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن ابْن مثنى وَابْن بشار كِلَاهُمَا عَن غنْدر وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن حميد بن مسْعدَة عَن بشر بن الْفضل، خمستهم عَن شُعْبَة.

ذكر لغاته قَوْله: (وبيص الطّيب) بِفَتْح الْوَاو وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة بعْدهَا صَاد مُهْملَة، وَهُوَ البريق واللمعان وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: وبيص الطّيب تلألؤه، وَذَلِكَ لعين قَائِمَة لَا للريح فَقَط وَقَالَ ابْن التِّين، وَهُوَ مصدر: وبص يبص. قَوْله: (فِي مفرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء، وَهُوَ: مَكَان فرق الشّعْر من الجبين إِلَى دَائِرَة وسط الرَّأْس، وَجَاء فِيهِ، فتح الرَّاء.

وَمِمَّا يستنبط مِنْهُ أَن بَقَاء أثر الطّيب على بدن الْمحرم إِذا كَانَ قد تطيب بِهِ قبل الْإِحْرَام غَيره مُؤثر فِي إِحْرَامه، وَلَا يُوجب عَلَيْهِ كَفَّارَة، قَالَه الْخطابِيّ: وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَنعه مَالك قَائِلا: إِن التَّطَيُّب كَانَ لمباشرة النِّسَاء، ومؤوِّلاً قَوْله: بِأَنَّهُ يتضخ طيبا بِأَنَّهُ قبل غسله، وَقَوْلها: كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيصه وَهُوَ محرم، بِأَن المُرَاد مِنْهُ أثر لَا جرمه. قَالَ وَهَذَا غير مَقْبُول مِنْهُ قَالَ: (كَيفَ أطيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحرمه وحله) وَهُوَ ظَاهر أَن التَّطَيُّب للْإِحْرَام لَا للنِّسَاء، وَكَذَلِكَ تَأْوِيله، لِأَنَّهُ مُخَالفَة للظَّاهِر بِغَيْر ضَرُورَة قلت: مَذْهَب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف مثل مَا قَالَه الْخطابِيّ، وَكَرِهَهُ مُحَمَّد بِمَا يبْقى عينه بعد إِحْرَامه.

١٥ - (بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ.)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تحلل الشّعْر، وَفِي بعض النّسخ تَحْلِيل الشّعْر، وَكِلَاهُمَا مصدر. فَالْأول: من التفعل؛ وَالثَّانِي: من التفعيل. قَوْله: (أروى) فعل مَاض من الإرواء يُقَال: أرواء إِذا جعله رياناً قَوْله: (بَشرته) أَي: ظَاهر جلده وَالْمرَاد بِهِ مَا تَحت الشّعْر. قَوْله: (أَفَاضَ) من الْإِفَاضَة وَهِي الإسالة قَوْله: (عَلَيْهَا) أَي: على بَشرته، وَفِي بعض النّسخ عَلَيْهِ أَي: على الشّعْر.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ وجود التَّخْلِيل فيهمَا، أما فِي الأول فَلِأَن التَّطَيُّب يخلل شعر بالطيب، وَأما فِي هَذَا فَلِأَن المغتسل يخلله بِالْمَاءِ.

٢٧٢ - حدّثنا عَبْدَانُ قالَه أخْبرنا عَبْدُ اللَّهِ قالَ أخْبرنا هِشامُ بنُ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةِ قالَتْ كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَوَضأَ وُضُوءهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ يُخَللُ بِيَدِهِ شَعْرَهُ حَتَّى إِذا ظن أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتهُ أفَاضَ عَلَيْهِ الماءَ ثلاثَ مَرَّاتِ ثُمَّ غَسَلَ سائِرِ جَسَدِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>