فأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ! قَدْ جاءَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعامِ مَا نُطْعِمُهُمْ. فقالَتِ: الله ورَسولُهُ أعْلَمُ، فانْطَلَقَ أبُو طَلْحَةَ حتَّى لَقِيَ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأقْبَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبُو طَلْحَةَ مَعهُ حتَّى دَخَلَا، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (هَلُمِّي يَا أمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكَ؟) فأتَتْ بِذالِكَ الخُبْزِ، قَالَ: فأمَرَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذالِكَ الخُبْزِ فَفُتَّ وعَصَرَتْ أمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَها فأدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شاءَ الله أَن يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: (إئْذَنْ لِعَشَرَةٍ) فأذِنَ لَهُمْ فأكَلُوا حتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجوا، ثُمَّ قَالَ: (ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ) فأذِنَ لَهُمْ فأكلُوا حتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: (ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ) فأكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وشَبعُوا والقَوْمُ سَبْعُونَ أَو ثَمانُونَ رَجُلاً. إِذن
مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فأدمته) .
والْحَدِيث قد مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة بِطُولِهِ وَفِي الصَّلَاة مُخْتَصرا عَن عبد الله بن يُوسُف وَفِي الْأَطْعِمَة عَن إِسْمَاعِيل وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
وَأَبُو طَلْحَة هُوَ زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ زوج أم سليم أم أنس بن مَالك.
قَوْله: (عكة) بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْكَاف وَهِي إِنَاء السّمن. قَوْله: (فأدمته) أَي خلطت الْخبز بالإدام.
وَفِيه: معْجزَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
٣٢ - (بابُ النِّيَّةِ فِي الأيْمانِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان النِّيَّة فِي الْأَيْمَان بِفَتْح الْهمزَة جمع يَمِين، كَذَا فِي رِوَايَة الْجَمِيع. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فِي بعض الرِّوَايَة الْأَيْمَان بِكَسْر الْهمزَة، ثمَّ قَالَ: مَذْهَب البُخَارِيّ أَن الْأَعْمَال دَاخِلَة فِي الْإِيمَان، وَقَالَ الْمُهلب وَغَيره، إِذا كَانَت الْيَمين بَين العَبْد وربه لَا خلاف بَين الْعلمَاء أَنه يَنْوِي وَيحمل على نِيَّته، وَإِذا كَانَت بَينه وَبَين آدَمِيّ وَادّعى فِي نِيَّته غير الظَّاهِر لم يقبل قَوْله. وَحمل على ظَاهر كَلَامه إِذا كَانَت عَلَيْهِ بَيِّنَة بِإِجْمَاع، وَاسْتدلَّ بِهِ على أَن الْيَمين على نِيَّة الْحَالِف إلَاّ فِي حق الْآدَمِيّ على نِيَّة المستحلف، كَمَا ذكرنَا. وَقَالَ آخَرُونَ: النِّيَّة نِيَّة الْحَالِف أبدا وَله أَن يوري، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث الْبَاب وَأَجْمعُوا على أَنه: لَا يوري فِيمَا إِذا اقتطع مَال أمرىء مُسلم بِيَمِينِهِ.
٩٨٦٦ - حدّثنا قتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا عَبْدُ الوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَاى بنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبرنِي مُحَمَّدُ بنُ إبْرًّهِيمَ أنّهُ سَمعَ عَلْقَمَةَ بنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله عَنهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: (إنّما الأعْمالُ بالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لامْرِىءٍ مَا نَوى، فَمَنْ كانَت هِجْرَتُهُ إِلَى الله ورسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله ورسُولِهِ، ومَنْ كانَتْ هِجْرِّتُهُ إِلَى دُنْيا يُصِيبُها أوِ امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُها فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هاجَرَ إلَيْهِ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْيَمين أَيْضا عمل، وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَيحيى بن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ، وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ الْقرشِي الْمدنِي. والْحَدِيث مر فِي أول الْكتاب، وَمر الْكَلَام فِيهِ مستقصًى.
٤٢ - (بابٌ إِذا أهْدَى مالَهُ عَلى وَجْهِ النَّذْرِ والتَّوْبَةِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا أهْدى شخص مَاله أَي جعله هَدِيَّة للْمُسلمين أَو تصدق بِهِ على وَجه النّذر أَو على وَجه التَّوْبَة بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْوَاو، وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْجَمِيع إلَاّ الْكشميهني، فَإِن فِي رِوَايَته: إلَاّ الْقرْبَة، بِضَم الْقَاف وَسُكُون الرَّاء، وَجَوَابه مَحْذُوف تَقْدِيره: هَل ينفذ ذَلِك إِذا نجزه أَو علقه؟ وَهَذَا الْبَاب أول أَبْوَاب النذور لِأَن