مُسلم: وأميرنا أَبُو عُبَيْدَة. قَوْله: (فَأَخْبرنِي أَبُو الزبير) ، الْقَائِل هُوَ ابْن جريج، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَأَبُو الزبير مُحَمَّد بن مُسلم الْمَكِّيّ. قَوْله: (فَأَتَاهُ) ، بِالْمدِّ أَي: فَأعْطَاهُ، وَفِي رِوَايَة ابْن السكن: فآتاه بَعضهم بعضو مِنْهُ فَأَكله، قَالَ عِيَاض: هُوَ الْوَجْه، وَفِي رِوَايَة أَحْمد من طَرِيق ابْن جريج الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ: فَكَانَ مَعنا فِي شَيْء فَأرْسل بِهِ إِلَيْهِ بعض الْقَوْم فَأكل مِنْهُ. فَإِن قلت: وَقع فِي رِوَايَة أبي حَمْزَة عَن جَابر عَن ابْن عَسَاكِر: فَلَمَّا قدمُوا ذكرُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: لَو نعلم أَنا ندركه لم يروح لأحببنا لَو كَانَ عندنَا مِنْهُ فَمَا الْوَجْه بَين هَذِه وَبَين رِوَايَة أبي الزبير؟ قلت: وَجه ذَلِك أَن رِوَايَة أبي حَمْزَة تحمل على أَنه قَالَ ذَلِك ازدياداً مِنْهُ بعد أَن أحضروا لَهُ مِنْهُ، وَكَانَ الَّذِي أحضروه مَعَهم لم يروح فَأكل مِنْهُ.
وَفِي الحَدِيث: أَن ميتَة الْحُوت تُؤْكَل. وَفِيه: مَشْرُوعِيَّة الْمُوَاسَاة بَين الْجَيْش عِنْد وُقُوع المجاعة. وَفِيه: أَن الِاجْتِمَاع على الطَّعَام يَسْتَدْعِي الْبركَة فِيهِ.
٦٧ - (حَجُّ أبي بَكْرٍ بالنَّاس فِي سَنَةِ تسْعٍ)
أَي: هَذَا بَيَان حج أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِالنَّاسِ. قَوْله: حج أبي بكر، مُضَاف ومضاف إِلَيْهِ مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبره قَوْله: فِي سنة تسع، أَي: كَانَ، أَو: وَقع فِي سنة تسع من الْهِجْرَة، وَيجوز أَن يكون لفظ: حج فعلا مَاضِيا، فَيُقَال: حج أَبُو بكر، وَيكون: أَبُو بكر، فَاعله وَلم يخْتَلف فِي أَن حجه كَانَ فِي سنة تسع، وَلَكنهُمْ اخْتلفُوا فِي أَي شهر حج أَبُو بكر، فَذكر ابْن سعد وَغَيره بِإِسْنَاد صَحِيح عَن مُجَاهِد: أَن حجَّة أبي بكر وَقعت فِي ذِي الْقعدَة، وَمِنْهُم من قَالَ: إِن حجَّته كَانَت فِي ذِي الْحجَّة، وَمِنْهُم من لم يبين ذَلِك، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: إِنَّه خرج فِي تِلْكَ الْحجَّة مَعَ أبي بكر ثَلَاثمِائَة من الصَّحَابَة، وَبعث مَعَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشْرين بَدَنَة. وَذهب جمَاعَة إِلَى أَن حج أبي بكر هَذَا لم يسْقط عَنهُ الْفَرْض بل كَانَ تَطَوّعا قبل فرض الْحَج.
٤٣٦٣ - ح دّثنا سُلَيْمَانُ بنُ داوُدَ أبُو الرَّبِيعِ حَدثنَا فُلَيْحٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ حُمَيْدِ بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ أَبَا بكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِي الله عنهُ بعثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتي أمَّرَهُ عَلَيْها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ لَا يَحُجُّ بعْدَ العامِ مُشْركٌ وَلَا يَطَوفُ بالبَيْتِ عُرْيانٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَسليمَان بن دَاوُد أَبُو الرّبيع ضد الخريف الْعَتكِي الزهْرَانِي الْبَصْرِيّ، وفليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان، وَكَانَ اسْمه: عبد الْملك وفليح لقبه فغلب على اسْمه والْحَدِيث مضى فِي الْحَج فِي: بَاب لَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن ابْن شهَاب وَهُوَ الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن ... الخ، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
٤٣٦٤ - ح دّثني عبْدُ الله بنُ رَجاءٍ حدّثنا إسْرَائِيلُ عنْ أبي إسْحاقَ عَن البَرَاءِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كامِلَةً بَراءَة وآخِرُ سورَةٍ نزلَت خاتمَةُ سورَةِ النِّساءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُل الله يُفتيكُمْ فِي الْكلَالَةِ} (النِّسَاء: ١٧٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن بَرَاءَة نزلت وَقد بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على الْحَج، فَقيل: لَو بعث بهَا إِلَى أبي بكر فَقَالَ: لَا يُؤَدِّي عني إلَاّ رجل من أهل بَيْتِي، ثمَّ دَعَا عليا، فَقَالَ: أخرج بصدر بَرَاءَة وأذّن فِي النَّاس يَوْم النَّحْر إِذا اجْتَمعُوا بمنى. . الحَدِيث رَوَاهُ ابْن إِسْحَاق. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَجه تعلقه بالترجمة مُنَاسبَة الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} (بَرَاءَة: ٢٨) لما وَقع فِي حجَّته، وكل من الْوَجْهَيْنِ لَا يَخْلُو عَن تعسف مَعَ أَن الأول أقرب.
وَعبد الله بن رَجَاء ضد الْخَوْف ابْن الْمثنى الغداني الْبَصْرِيّ، وَرُبمَا يرْوى عَنهُ البُخَارِيّ بِوَاسِطَة، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي عَن الْبَراء بن عَازِب.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن عبيد