٢ - (بَابٌ: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} (اللَّيْل: ٣)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا خلق الذّكر وَالْأُنْثَى} يَعْنِي: وَمن خلق الذّكر وَالْأُنْثَى.
٤٤٩٤ - حدَّثنا عُمَرُ حدَّثنا أبِي حدَّثنا الأعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ قَدِمَ أصْحَابُ عَبْدِ الله عَلى أبِي الدَّرْدَاءِ فَطَلبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ فَقَالَ أيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ الله قَالَ كُلُّنا قَالَ فأيُّكُمْ يَحْفَظُ وَأشَارُوا إلَى عَلْقَمَةَ قَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ: {وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى} (اللَّيْل: ١) قَالَ عَلّقَمَةُ: وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى. قَالَ أشْهَدُ أنِّي سَمِعْتُ أَنا النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأُ هاكذا وَهَؤُلاءِ يُرِيدُونِي عَلَى أنْ أقْرَأ: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} لَا أُتَابِعُهُمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعمر هُوَ ابْن حَفْص، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: أخبرنَا عمر بن حَفْص يذكر حَفْص صَرِيحًا، وَعمر يروي عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَهَذَا صورته الْإِرْسَال لِأَن إِبْرَاهِيم مَا حضر الصة، وَوَقع فِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة وَهَذِه تبين أَن لَا إرْسَال، وَصرح فِي رِوَايَة أبي نعيم: إِن إِبْرَاهِيم سمع عَلْقَمَة.
قَوْله: (على قِرَاءَة عبد الله) أَي: ابْن مَسْعُود. قَوْله: (قَالَ: كلنا) أَي: كلنا يقْرَأ، وَالظَّاهِر أَن فَاعل: قَالَ، هُوَ عَلْقَمَة. قَوْله: (قَالَ: فَأَيكُمْ) أَي: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء لَهُم: فَأَيكُمْ يحفظ؟ ويروى: فَأَيكُمْ أحفظ؟ قَوْله: (وأشاروا) أَي: أَصْحَاب عبد الله أشاروا إِلَى عَلْقَمَة. قَوْله: (قَالَ: كَيفَ سمعته) أَي: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء لعلقمة: كَيفَ سَمِعت عبد الله يقْرَأ: {وَاللَّيْل إِذا يغشى} قَالَ: عَلْقَمَة وَالذكر وَالْأُنْثَى، بخفض الذّكر. قَوْله: (قَالَ: أشهد، أَي: قَالَ) أَبُو الدَّرْدَاء: أشهد أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ هَكَذَا يَعْنِي: وَالذكر وَالْأُنْثَى. قَوْله: (وَهَؤُلَاء) أَي: أهل الشَّام يردوني ويروى يردونني على أَن أَقرَأ: {وَمَا خلق الذّكر وَالْأُنْثَى} وَأَنا لَا أتابعهم، أَي: على هَذِه الْقِرَاءَة، يَعْنِي بِزِيَادَة (وَمَا خلق) وَإِنَّمَا قَالَ: لَا أتابعهم مَعَ كَون قراءتهم متواترة لكَون طَرِيقه طَرِيقا يقينيا وَهُوَ سَمَاعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَإِن قلت: فعلى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يخالفوه. قلت: لَهُم طَرِيق يقيني أَيْضا وَهُوَ ثُبُوت قراءتهم بالتواتر، وَقَالَ الْمَازرِيّ: يجب أَن يعْتَقد فِي هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَنه كَانَ قُرْآنًا ثمَّ نسخ. وَلم يعلم مِمَّن خَالف النّسخ فَبَقيَ على النّسخ. قَالَ: أَو لَعَلَّه وَقع من بَعضهم قبل أَن يبلغ مصحف عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْمجمع عَلَيْهِ الْمَحْذُوف مِنْهُ كل مَنْسُوخ، وَأما بعد ظُهُور مصحف عُثْمَان فَلَا يظنّ وَاحِد مِنْهُم أَنه خَالف فِيهِ.
٣ - (بَابٌ قَوْلِهِ: {فَأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّقَى} (اللَّيْل: ٥)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَما من أعْطى} أَي: فَأَما من أعْطى مَاله فِي سَبِيل الله، وَاتَّقَى ربه واجتنب مَحَارمه.
٥٤٩٤ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا سُفْيَانُ عَن الأعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمانِ السلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ فِي جَنَازَةٍ فَقَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلَاّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَّ النَّارِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ الله أفَلا نَتَّكِلُ فَقَالَ اعْمَلُوا فَكُلُّ مُيَسَّرٌ ثُمَّ قَرَأَ: {فَأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} إلَى قَوْلِهِ: {لِلْعُسْرَى} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَسعد بن عُبَيْدَة أَبُو حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي: ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ واسْمه عبد الله، والسلمي بِضَم السِّين وَفتح اللَّام، وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز فِي: بَاب موعظة الْمُحدث عِنْد الْقَبْر، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (فِي بَقِيع الْغَرْقَد) ، بِإِضَافَة البقيع بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْقَاف إِلَى الْغَرْقَد بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْقَاف وبالدال الْمُهْملَة وَهُوَ مَقْبرَة الْمَدِينَة